موسكو- تتخذ روسيا وإيران خطوة إضافية لتعزيز القدرات الجوية الروسية وتغيير ميزان الحرب في أوكرانيا لصالح موسكو، وذلك باعتماد مسيرات مهاجر – 6 الإيرانية، في وقت لا يزال فيه الغرب يدرس مسألة إرسال طائرات دون طيار متطورة (مثل ريبر وبريداتور) إلى أوكرانيا.
ونشطت التحذيرات الغربية من تأثير المسيرات الإيرانية على الحرب في الأيام الأخيرة، حيث أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي بعدم الاستمرار في تسليم المسيّرات لروسيا. وقبل ذلك بيوم قال البيت الأبيض إن روسيا تعمل على تعزيز تعاونها الدفاعي مع إيران، وإنها تلقت المئات من الطائرات المسيرة الهجومية لاستخدامها في الحرب، كاشفا عن وجود مصنع للمسيرات الإيرانية في إحدى ضواحي العاصمة الروسية.
وتحدثت مصادر غربية في فبراير عن أن إيران كانت تهرّب الطائرات المسيرة إلى روسيا لمساعدتها في غزوها لأوكرانيا.
وقيل إن حزمة طهران السخية تضمنت ما لا يقل عن 18 طائرة دون طيار متطورة، بما في ذلك مسيرات مهاجر- 6 ذات القدرات الهجومية جو – أرض.
وتقول سين أوزكاراساهين، المحللة المختصة بالشؤون الأمنية والدفاعية، في تقرير لمؤسسة جايمس تاون، إنه يمكن لهذه المسيرات المجهزة بميزات أكثر تعقيدا من الطائرات الانتحارية الإيرانية أن تصبح بسرعة كبيرة من أهم مقاتلات القوات المسلحة الروسية، مما قد يغير ميزان الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا.
وتنتج شركة القدس لصناعة الطيران المملوكة للدولة الإيرانية مسيرات مهاجر – 6، وهي طائرة دون طيار قتالية متوسطة المدى (1200 ميل) ومزودة بقدرات استخباراتية ورقابية واستطلاعية. ويمكن أن تحمل ذخائر موجهة بالليزر وتوفر لمشغلها قدرات هجوم جو – أرض متطورة.
وتختلف عن طائرات شاهد – 136 أحادية الهجوم التي تستخدمها القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا، فهي طائرة مسيّرة متعددة الأغراض يمكن أن تعود إلى قاعدتها بعد كل ضربة. ويمنح هذا موسكو القدرة على شن عمليات أكثر استدامة ومرونة. كما أن سعر إنتاجها الزهيد وفاعليتها العالية يجعلانها من الأصول المهمة لأي قوة تحتاج إلى طائرات دون طيار رخيصة الثمن وعالية الأداء.
وتنتشر مسيرات مهاجر – 6 بسرعة بين وكلاء طهران عبر مختلف مناطق الصراع. وتشير معلومات استخباراتية إلى أن للجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل حزب الله اللبناني، مخزونا يشمل أكثر من ألفي طائرة دون طيار، وربما منها مسيرات مهاجر- 6.
وغالبا ما يلجأ الحوثيون المقيمون في اليمن إلى استخدام الطائرات المسيرة الإيرانية، واعتمدوها في الضربات ضد أهداف نفطية في السعودية.
وتشير معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر إلى أن اختبار الأداء القادم لمسيرات مهاجر- 6 سيكون في ساحة المعركة الأوكرانية، وذلك بعد أن أثبتت قدراتها في سوريا واليمن.
◙ إيران زودت روسيا بالمئات من الطائرات المسيرة من بينها شاهد – 136 التي توصف بأنها مسيرة انتحارية كبيرة الحجم لكن صنعها منخفض الكلفة
وشوهدت بالفعل مسيرات مهاجر- 6 في أوكرانيا خلال الأشهر القليلة الأولى من التدخل الروسي. وأسقطت القوات المسلحة الأوكرانية طائرة من هذا الطراز للمرة الأولى في أوديسا خلال أواخر سبتمبر.
وتشير المعلومات إلى أن وصول مسيرات مهاجر – 6 إلى روسيا من المرجح أن يكون عبر طريقين. أولاهما المسار الجوي التقليدي عبر استخدام شركات الطيران المدنية لتغطية عمليات نقل الأسلحة المشبوهة، وثانيتهما المسار المائي الذي يمر عبر بحر قزوين.
ولجأت إيران في الماضي إلى شركات الطيران المدنية التابعة لها لنقل الأسلحة والأفراد العسكريين إلى مناطق الصراع.
وأبقت في سوريا شريان حياة بشار الأسد قائما من خلال توفير الأسلحة والأنظمة الجوية باستخدام شركة ماهان للطيران الخاصة والخطوط الجوية الإيرانية، المعروفتين بتقديم الدعم المالي والتقني للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، بالإضافة إلى الجماعات المتمردة الأخرى.
وعملت شركة ماهان للطيران في اليمن على بناء جسر جوي بين إيران واليمن لنقل الأسلحة إلى وكلاء الحوثيين في 2015.
وتتحدث تقارير استخباراتية أميركية عن أن إيران نظمت حوالي 70 رحلة جوية سرية إلى مجمعات عسكرية في المطارات الروسية باعتماد الطائرات القديمة (في الغالب 747) التي تنتمي إلى الحرس الثوري الإيراني. وعلى الرغم من فرض الغرب لعقوبات متكررة على هذه الخطوط الجوية، إلا أن عودة ظهور هذا التكتيك في أوكرانيا تظهر أن السياسة الغربية الحالية تعاني من ثغرات.
ويمر المسار الثاني لنقل الأسلحة الإيرانية، بما في ذلك الحزم التي يمكن أن تشمل مهاجر – 6، عبر منطقة لا يملك فيها الغرب سيطرة تذكر.
ووفقا لأجهزة الاستخبارات الأوكرانية، كانت إيران تخطط لنقل 200 طائرة دون طيار مفككة من طراز شاهد – 136، ومهاجر – 6، وأراش – 2 إلى روسيا عبر بحر قزوين. وأصبحت منطقة بحر قزوين اليوم مركزا رئيسيا لنقل الإمدادات الإيرانية حيث تربط قناة الدون – فولغا بين بحر قزوين وبحر آزوف. وتخضع الضفة الأولى للقناة إلى سيطرة إيرانية شديدة، بينما تعدّ الثانية (في الوقت الحالي) “بحيرة روسية”. ويخلق هذا وضعا يمكّن إيران وموسكو من إنشاء طريق نقل آمن في منطقة خارج سيطرة الغرب وإشرافه.
وسيسلّط اعتماد روسيا لمسيرات مهاجر- 6 الإيرانية في أوكرانيا ضغطا شديدا على الدفاعات الجوية الأوكرانية والأفراد العسكريين الذين يعانون بالفعل من تأثير الذخائر الإيرانية على مجرى الحرب.
وخلصت سين أوزكاراساهين إلى أنه لا ينبغي اعتبار هذا التطور مجرّد نجاح إيراني، بل هو مؤشر على ضعف الغرب في النقاط الساخنة الجيوسياسية المتنازع عليها.
وزودت إيران روسيا بالمئات من الطائرات المسيرة من بينها شاهد – 136 التي توصف بأنها مسيرة انتحارية كبيرة الحجم لكن صنعها منخفض الكلفة. وتبلغ هدفها بواسطة إحداثيات لنظام “جي. بي. أس” يتم إدخالها قبل إقلاعها. وتحلق بعد ذلك بشكل ذاتي على علو منخفض وتبلغ هدفها الثابت بالضرورة على بعد بضع مئات من الكيلومترات.
العرب