اتفق ضيفا برنامج “ما وراء الخبر” على أن تحذير رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي من خطر يتهدد بقاء دولته على خلفية أزمة التعديلات القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو ليس أمرا مبالغا فيه، وأنه يعكس وجود أزمة حقيقية تمر بها دولة الاحتلال.
وفي الوقت الذي رأى فيه الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن ما يحدث من خلاف داخل الجيش الإسرائيلي أمر “غير مسبوق” ويهدد الركيزة الأساسية للمؤسسة العسكرية، ذهب أستاذ العلاقات السياسية والدولية في واشنطن خليل العناني إلى أن إسرائيل تمر بأعمق أزمة تواجهها منذ تأسيسها.
جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/23) لتحذيرات رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي من ضرر حقيقي ووشيك سيصيب الجيش، في حال تمرير مشروع التغييرات القضائية التي طرحتها حكومة بنيامين نتنياهو، في جلسة الكنيست غدا الاثنين.
وأكد هاليفي أنه إذا لم يكن الجيش قويا ومتماسكا فإن إسرائيل لن تتمكن من الوجود كدولة، مشيرا بذلك إلى اتساع العصيان داخل المؤسسة العسكرية رفضا لتلك التغييرات.
وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن دلالات تحذير هاليفي بشأن بقاء الدولة ووحدة جيشها، واتساع عصيان الأوامر العسكرية والاحتجاجات في الشارع رفضا للتعديلات القضائية، وإلى أي مدى ينصت نتنياهو لهذه التحذيرات، وكيفية تعامل حكومته مع تصاعد الاحتجاج والعصيان للأوامر داخل الجيش الإسرائيلي، ونظرة واشنطن لهذه الأزمة.
جيش الشعب
وفي حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، مدير مركز مدى الكرمل للدراسات الاجتماعية التطبيقية، إن الجيش مع كونه يمثل مرآة للمجتمع الإسرائيلي، إلا أنه استطاع كمؤسسة أن يزيل الطبقات داخله إعمالا لمفهوم جيش الشعب، الذي تأثر بشكل حقيقي بسبب هذه الأزمة.
وأضاف أنه مع دخول الجيش على خط هذه الأزمة السياسية، وحدوث خلاف داخل صفوفه كان له تداعيات غير مسبوقة على شاكلة عصيان قطاع من قوات الاحتياط، فإنه فقد ركيزته الأساسية المتمثلة في مفهوم جيش الشعب الموحد، وهو الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى تآكل داخلي وضعف في بعض وحداته المهمة كالطيران والاستخبارات.
ويرى أن ذلك يمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي الإسرائيلي، وكذلك تهديدا مباشر وجديا لمستقبل الدولة في حال استمرار الأزمة، مستبعدا التوصل إلى توافق خلال الساعات الأخيرة قبل جلسة الكنيست غدا، وأرجع ذلك إلى أن نتنياهو لا يريد لائتلافه الحكومي أن ينهار، وهو الأمر المتوقع في حال عدم تمرير التعديلات.
ولفت في هذا السياق إلى تعرض نتنياهو لضغوط من أطراف متعددة خلال الساعات الأخيرة، بعضها من رئيس الدولة وبعضها الآخر داخل الكنيست، إضافة إلى ضغوط داخل ائتلافه الحكومية، وهو ما يضعه في مأزق سياسي واضح، لكن مع ذلك لا يتوقع رضوخه لضغط المعارضة والشارع.
أعمق أزمة
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية خليل العناني أن تحذيرات رئيس الأركان الإسرائيلي تنسجم إلى حد بعيد مع القلق الأميركي، في ظل أعمق أزمة تواجهها إسرائيل منذ نشأتها تهدد بانقسام المجتمع الإسرائيلي وتفككه.
وذهب -في حديثه لما وراء الخبر- إلى أن موقف الرئيس الأميركي جو بايدن حتى هذه اللحظة رافض إلى حد بعيد لتلك التعديلات، انطلاقا مما يراه تقويضا لأحد القواسم المشتركة بين دولته وإسرائيل، وهي الأسس الديمقراطية القائمة على الفصل بين السلطات ودور أساسي للمحكمة العليا في البلدين.
وحسب العناني، فإن بايدن يرى أنه لا بد من وجود إجماع داخل إسرائيل على أي تعديلات يراد تمريرها، لكنه في الوقت ذاته يرى أن تأثير الموقف الأميركي في هذه الأزمة ضعيف إلى حد بعيد، ومؤشرات ذلك لديه، عدم حصول اتصال بين بايدن ونتنياهو خلال الأيام الماضية على خلفية الأزمة، والتجاء بايدن لطرف ثالث يمرر من خلاله مواقفه بشأن الأزمة.
المصدر : الجزيرة