رعت تركيا ومصر، لقاءين جريا في الأيام الخمسة الماضية، للدفع بإمكانيات المصالحة الفلسطينية، غير أن اجتماع الساعات الثلاث للحوار، الذي حضرته «فتح» و»حماس» وبقية الفصائل (وامتنعت «الجهاد» عن حضوره)، في العلمين، أمس الأحد، بإشراف من مدير المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل، لم يتقدم كثيرا عن الاجتماع الذي جرى في أنقرة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس محمود هنية، برعاية الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
كان المأمول، حسب الخطة التركية، أن يرفع اردوغان ورقة التقارب الفلسطيني لاستخدامها كبند قوي للتفاوض خلال اجتماع كان مقررا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بحيث تحضر «المصالحة الفلسطينية» في مواجهة «الحرب الأهلية» الجارية بين حكومة نتنياهو وخصومها في إسرائيل، وقد عبّر اردوغان عن هذه الفكرة بوضوح بقوله إن وحدة الفلسطينيين وتوافقهم أحد العناصر الأساسية «في هذه المرحلة».
الفلسطينيون، على أي حال، لم يكونوا جاهلين، طوال تاريخهم الصراع مع إسرائيل، لأهمية التوحد في وجه عدوّ يستهدفهم وجوديا، لكنّ لا الإدراك لهذه الفكرة، ولا المخاطر الكبرى التي تصاعدت بشكل هائل ضدهم، يبدوان كافيين، لتغيير السياسات الصغيرة لصالح استراتيجية البقاء على الحياة.
شدد عباس، حسب ما ذكرت مصادر عديدة، خلال اجتماعه مع هنية، في أنقرة، على الاستناد على الشرعية الدولية والمقاومة السلمية وانضمام «الجميع» لمنظمة التحرير الفلسطينية وأن «لا سلاح غير سلاح السلطة»، وربط مطلب الإفراج عن المعتقلين من حماس والجهاد وبقية الفصائل «بنجاح الحوار في اجتماع الأمناء العامين» في العلمين. هنية، من جهته، أكد على خيار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي «بكافة أشكالها»، ورفض ربط اتفاق الفلسطينيين بقرارات الشرعية الدولية.
مهمّ، في سياق تقبّل وجهتي النظر الآنفتين، أو رفضهما، التذكير بسياق دعوة عباس لاجتماع الأمناء العامين، والذي حصل في 10 الشهر الجاري بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة جنين ومخيمها التي أدت لاستشهاد 12 فلسطينيا ودمار نحو 80% من المباني والبنى التحتية في المخيم.
يفيد، في هذا السياق أيضا أن نختار بضعة أخبار ليوم واحد في فلسطين وجوارها فقط.
من ذلك إقرار الكنيست مشروع قانون بالقراءة الأولى يسمح «لعوائل القتلى الإسرائيليين في هجمات فلسطينية بطلب تعويضات من أي جهة تمول وتدعم الإرهابيين»، وهو مشروع يستهدف صراحة السلطة الفلسطينية، ومن ذلك أن مدير وزارة شؤون القدس في حكومة الاحتلال أشرف على جلب «4 عجول حمراء» لحرقها على جبل الزيتون «إيذانا ببدء طقوس إقامة الهيكل الثالث»، على أنقاض مسجد قبة الصخرة، وهو قرار يستهدف الفلسطينيين جميعا، بغض النظر عن اختلافاتهم السياسية، ومن ذلك أيضا إدخال «وزير الأمن القومي الإسرائيلي»، ايتمار بن غفير، تعديلا يلغي إمكانية الإفراج الإداري المبكر عن الأسرى الفلسطينيين.
معلوم طبعا أن الاختلافات الأيديولوجية – السياسية بين الإسرائيليين لا تغيّر، كثيرا، من حيثية تصالحهم وتقاربهم وتوحدهم في مواجهة الفلسطينيين، وهو أمر لا ينطبق، بأي حال، على الفلسطينيين، في مواجهة إسرائيل.
اجتماعا أنقرة والعلمين، لم يقدّما، للأسف، سوى الكلام المعتاد من أطراف المشهد، وتأجيل للقضايا الأساسية، وتأكيد على امتناع المصالحة الفلسطينية، وهو أمر لا يبشّر بأي خير.
القدس العربي