أعلنت إسرائيل الخميس أن إيقاف الحرب مشروط باستسلام يحيى السنوار، رئيس حماس في قطاع غزة، وبقية قادة الحركة واستعادة المحتجزين، في خطوة تهدف إلى تسليط الضغط على حماس التي ستجد نفسها في موقف صعب أمام الرأي العام المحلي والعربي.
يأتي هذا فيما تواصل إسرائيل سياسة التدمير الشامل لغزة دون توقف واستهداف كل شيء من مستشفيات ومدارس وبنايات ونسف آمال الفلسطينيين في حل يمكن أن يأتي عبر التفاوض.
ويؤكد هذا ما ذهبت إليه التحليلات في بداية اندلاع الحرب؛ حيث تفيد بأن مصير غزة يبقى مؤجلا إلى حين استكمال التدمير وبعد ذلك يأتي الحديث عن استسلام قادة حماس أو تنفيذ التهديد بقتل زعمائها في القطاع.
ويعد الإعلان الإسرائيلي عن شرطي وقف الحرب تراجعا عن هدف شبه مستحيل أعلنته مع بدء الحرب والقاضي بتدمير حماس تماما.
إسرائيل تسعى إلى إرباك حماس التي ستجد نفسها مجبرة على التفكير في تهدئة تحفظ لها الحد الأدنى من التماسك
وقال أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس “يمكن إنهاء الحرب في غزة بشرط تسليم قادة حماس أنفسهم للجيش الإسرائيلي، وإعادة الأسرى من غزة”.
وأضاف جندلمان في إيجاز للصحافيين عبر منصة زوم “على الصعيد الميداني تتقدم قواتنا في جنوب قطاع غزة وحاصرت منزل يحيى السنوار قائد حماس، ومهمة هذه القوات هي إلقاء القبض عليه في أسرع وقت”.
وتحاول إسرائيل تخفيف الضغوط المسلطة عليها لإجبارها على الموافقة على هدنة جديدة، لذلك اختارت إلقاء الكرة في ملعب حماس وإحراجها أمام الفلسطينيين والعالم.
ويعتبر السنوار أكثر شخصية بارزة في تحديد مسار الحرب المستقبلي في القطاع، ويوصف بأنه منظم ومنضبط ودكتاتوري ونادرا ما يُرى على الساحة.
وتعني الخسائر المدمرة الناجمة عن القصف الإسرائيلي والغزو البري أن مصير السنوار السياسي سيعتمد على كيفية انتهاء الحرب، وما إذا كان الفلسطينيون يشعرون بأنهم كسبوا أي شيء من خسائرهم الفادحة.
وإذا لم تتحرك حماس للبحث عن مخرج فستخسر حاضنتها الشعبية، وهي حاضنة في انحسار بسبب غضب الشارع الفلسطيني على مغامرة الهجوم على غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي دون التفكير في مصير مليون ونصف المليون من السكان الذين لا حيلة لهم أمام تدمير إسرائيلي ممنهج لمعالم الحياة في القطاع.
oo
ومن الواضح أن جندلمان سعى لإيصال رسالة واضحة إلى حماس يفيد مضمونها بأن قادتها مهما استمروا في التخفي فإنهم لن يفلتوا من الانتقام الإسرائيلي، وأن الأوْلى أن يقبلوا بالاستسلام أحسن من أن تتولى إسرائيل تصفيتهم.
لكن من الصعب أن تتراجع حماس عن مسار الحرب وهي تعرف أن استسلام قادتها سيعني نهاية الحركة عسكريا وسياسيا وشعبيا، في حين أن مواصلة الحرب، أيا كانت نتائجها، ستحافظ على صورتها كحركة مقاومة قادرة على أن تجدد نفسها مهما تعرض له قادتها من تصفية واعتقالات.
ويمكن أن يكون كلام المتحدث باسم نتنياهو جزءا من الحرب النفسية على حماس ومسلحيها، خاصة أن الحركة قد فقدت قادة ميدانيين بارزين مثلما أعلنت هي عن ذلك، ولا شك أن التنسيق بين مختلف الخلايا قد ضعف إن لم يكن قد توقف، ومن شأن الحديث عن تضييق الخناق على مواطن نفوذ تقليدية لحماس أن يبث الرعب في نفوس المقاتلين، وقد يدفع البعض إلى التراجع أو الاستسلام.
وقال جندلمان “اخترقت قواتنا خطوط حماس الدفاعية في جباليا وفي الشجاعية شمالي القطاع، وفي الجنوب فإن مدينة خان يونس مطوّقة ومحاصرة”.
وكشف عن أن الجيش الإسرائيلي “وضع يده على كميات كبيرة من الصواريخ بعيدة المدى والمسيّرات في شمالي قطاع غزة”، وقال “تم نقل هذه الغنائم إلى إسرائيل”.
واشتبكت إسرائيل مع مقاتلي حماس في المدن الكبرى بقطاع غزة الخميس وقالت إنها هاجمت العشرات من الأهداف، ليجد الفلسطينيون أنفسهم في صراع من أجل البقاء على قيد الحياة في وضع وصفته الأمم المتحدة بأنه “رهيب”.
وتكدست أعداد كبيرة من سكان غزة في رفح المجاورة على الحدود مع مصر بناء على منشورات ورسائل إسرائيلية تقول إنهم سيكونون آمنين هناك. لكن الخوف مازال يستبد بهم بعد أن أودت غارة إسرائيلية على منزل هناك بحياة 15 شخصا الأربعاء، وفقا لمسؤولي الصحة في رفح.
وقالت إسرائيل إنها قتلت عددا من المسلحين في مدينة خان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة، من بينهم مسلحان خرجا لإطلاق النار من نفق، غداة دخول القوات الإسرائيلية وسط المدينة، بينما قالت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، إن القتال كان ضاريا.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن “القوات حاصرت منزل القيادي البارز في حماس يحيى السنوار، في خان يونس”، مضيفا “قد لا يكون متحصنا في منزله ويمكنه الهروب لكن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن نمسك به”.