صباح يوم الخميس الموافق السابع من كانون الأول 2023 تم اغتيال الأمين العام لحزب (الرباني) فاضل عبد الحسين عبد يونس المرسومي في محافظة بغداد بعد اعتراضه من قبل مجموعة تستقل دراجة نارية وتم إصابته ومرافقيه وفارقوا الحياة.
ولد المذكور في محافظة ديالى سنة 1964 حاصل على شهادة البكالوريوس جامعة بغداد قسم اللغة العربية، أسس حركة دينية اعتمدت مفاهيم وشعائر خاصة بأتباعه وبدأ بنشرها في محافظة ديالى _قضاء الخالص وعبر العديد من اللقاءات وحلقات الدراسة التي يشرف عليها في إحدى الحسينيات بمنطقة البلديات بمدينة بغداد واعتمد مفهوماً ومنطوقاً جديداً في الدعوة للدين وطرح نفسه أنه العالم الذي يحكم باليقين وباستطاعته إجابة الناس وتقديم المشورة والنصح لهم، واعتمد خطاً سياسياً في رفضه للعملية السياسية في العراق بعد سنة 2003 ولكنه أسس حزباً اطلق عليه ( الداعي) سنة 2008 واشترك في انتخابات مجلس النواب في دورته السابقة ولم يتمكن من الحصول على اي مقعد نيابي كما أعلن مشاركته في انتخابات مجالس المحافظات لهذه السنة بقائمة ( وطنيون)، ولديه علاقات اجتماعية وسياسية في بعض محافظات العراق وزار قبل أشهر وتحديدا في العاشر من حزيران 2023 مؤسسة الكرد الفيليين في لندن والتقى بالشيخ زكي الفيلي في سعيه لاقامة جسر من التواصل مع جميع الشخصيات الدينية، ويعتمد في التثقيف الذاتي على الإصدارات الإعلامية من صحف ونشرات إلكترونية في بث أفكاره ومعتقداته وعبر مؤسسة الداعي الإسلامية التي تمتلك مكاتب في محافظات بغداد والنجف وديالى.
في قراءة ميدانية للظروف التي أدت إلى اغتيال فاضل المرسومي والأسباب التي ورائها، يمكن لنا أن نسلط الاضواء على طبيعة المفاهيم والأهداف التي تبناها هذا الإنسان والشعائر التي أمن بها والتي تخالف العديد من الآراء والمعتقدات الدينية في العراق والثوابت والقيم التي يتمسك بها الاخرون، ولهذا يمكن أن نحدد الأسباب الجوهرية لأستهدافه والتي تتخذ نمطاً سياسياً ودينياً، بسبب وجود المؤيدين له والمدافعين عن أرائه والذين سبق وان تم اعتقال العديد منهم في سنوات سابقة، والذين يخشى البعض أن تكون قاعدة لمنافستهم في الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات، خاصة وان محافظة ديالى من الأماكن ذلت الأهمية الإستراتيجية لعدد من الأحزاب والقوى والكتل السياسية العراقية وتحظى باهتمام بالغ، ووجوده في قائمة انتخابية من الممكن ان تساهم في التأثير على مستوى التمثيل الشعبي في هذه المحافظة، كما وأن أراءه السياسية الأخيرة التي اعتمدها كانت تشير إلى انتقاده الواضح دون ذكر الأسماء أو المكونات بأن واقع المرحلة التي يعيشها العراق وما ألت اليه نتائج تولي السلطة من قبل من وصفهم بمدعي الدين الموروث الذين تسلطوا على رقاب الناس، وهذه الأراء تجعله هدفاً سياسياً من عدة قوى داخلية وخارجية تعمل على استهداف حالة الأمن والاستقرار الذي يعيشه العراق والعودة به إلى عمليات الاغتيال السياسي للمعارضين وأصحاب الرأي الاخر.
وهناك سبب جوهري أخر لعملية الاغتيال تتعلق بجوانب العقيدة الدينية الإسلامية وجنوحه في أرائه عن الثوابت الحقيقية والأصول الجوهرية التي تخالف الآخرين، والتي يرى فيها أنه وأتباعه هم الناجون والاخرون في النار، وهذه الآراء تبتعد عن كثير مما يؤمن به علماء وشخصيات دينية في العراق وتسبب له عداءاً دينياً ومذهبياً وهذا ما قد يشكل احد الأهداف التي تسعى إليها الدوائر والأجهزة الاستخبارية الخارجية في تحديد معطيات وطبيعة سلوك وتصرفات بعض الشخصيات الدينية والسياسية واقتناص الفرص السانحة لتنفيذ مأربها داخل العراق.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية