كرّست الانتخابات المحلّية التي أجريت مطلع الأسبوع الجاري في العراق قيام الحياة السياسية بالبلد على عامل المحاصصة واقتسام المناصب وتوزيعها على القوى الكبرى المتحكمة في المشهد، ليس بفعل ما أسفرت عنه من نتائج صبّت في مصلحة تلك القوى، ولكن خصوصا بسبب إجادة الأحزاب والفصائل المسلّحة للعبة إبرام الاتّفاقات وفبركة التحالفات على عجل بعد كل مناسبة انتخابية، ما يجلها جميعا رابحة في كل الأحوال وقادرة على تأمين نصيب في السلطة.
وأظهرت نتائج انتخابات مجالس المحافظات حصول الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق على 101 من مجموع المقاعد 285 التي جرى التنافس عليها في الانتخابات التي أجريت في خمس عشرة محافظة.
وفور ظهور النتائج بدأ الحديث عن طريقة توزيع المقاعد على الأحزاب والكتل التي شاركت في الانتخابات وما يستتبع ذلك من توزيع للمناصب والمهام ضمن المجالس المحلية الجديدة.
وأعلنت قوى سياسية شاركت في الانتخابات المحلّية عن نيّتها استنساخ تجربة الإطار التنسيقي في عملية تشكيل مجالس المحافظات التي تساور غالبية العراقيين مخاوف من تحوّلها إلى بؤر جديدة للفساد وتقاسم أموال التنمية، خصوصا وأن تلك المجالس ستعمل تحت غطاء من الشرعية الشعبية على أساس أنها منتخبة.
وقال عضو تحالف الفتح الممثل السياسي لميليشيات الحشد الشعبي عائد الهلالي إنّ “من المستبعد تفرد كتلة معينة بأغلبية المقاعد في محافظة بغداد والذهاب نحو تشكيل الحكومة المحلية من دون التحالف مع الكتل الأخرى الحاصلة على أعلى الأصوات والمقاعد”.
ولفت في تصريحات أوردتها مواقع إخبارية عراقية إلى أن “الإطار التنسيقي شارك في الانتخابات بأكثر من قائمة ومن ثم سيتوجه للاتحاد بين كتله من أجل تشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظ”.
ويعني كلام الهلالي أن مكونات الإطار التنسيقي ستعمد إلى نفس الخطة التي اتبعتها مع التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية لانتزاع المناصب القيادية في مجلس محافظة العاصمة من حزب “تقدّم” الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات ببغداد، والذي يرأسه غريمها الجديد محمّد الحلبوسي الذي أزيح مؤخّرا من رئاسة البرلمان بحكم من المحكمة الاتحادية.
وأشار إلى أنه “سيتم توزيع المسؤوليات والمهام بحسب الأوزان الانتخابية لكل كتلة فائزة داخل الإطار، حيث تنال الكتلة الحاصلة على أعلى المقاعد والأصوات منصب المحافظ”.
وخاض أعضاء الإطار التنسيقي الشيعي الانتخابات الأخيرة ضمن ثلاث قوائم رئيسية. وجاءت القائمة الانتخابية التي تضم عدة فصائل سياسية عسكرية متحالفة مع إيران بما في ذلك منظمة بدر بقيادة هادي العامري وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي في المركز الأول بحصولها على 43 مقعدا تليها قائمة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بحصولها على 35 مقعدا. وحصلت القائمة التي تضم رجل الدين الشيعي عمار الحكيم ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي على 23 مقعدا. لكن مراقبي الانتخابات، ومنهم المحلل العراقي سجاد جياد، قالوا إن فوز قوائم أصغر تابعة للإطار التنسيقي يعني حصوله على المزيد من المقاعد.
ويقول المراقبون إن الفوز جاء بفضل مقاطعة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للانتخابات إذ أن الصدر هو أقوى منافس للإطار التنسيقي.
وبشكل منفصل حصل رئيس مجلس النواب السنّي المعزول محمد الحلبوسي على 22 مقعدا في بغداد والأنبار. ونال رجل الأعمال السني خميس الخنجر 14 مقعدا. وفازت مجموعة من القوائم المحلية والمجموعات الأصغر على المقاعد المتبقية.