إسطنبول- أعلنت تركيا عن تحقيق إنجاز قياسي في إنتاج الغاز الطبيعي من حقل صقاريا للغاز، حيث بلغ الإنتاج اليومي 5 ملايين متر مكعب، ما يكفي لتلبية احتياجات مليوني أسرة تركية، في خطوة تعكس التزامه بتحقيق الاستقلالية في قطاع الطاقة وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية.
وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مؤخرا إن إنتاج الغاز الطبيعي من حقل صقاريا سيسهم بشكل كبير في تقليل فاتورة الطاقة الوطنية، التي تشكل جزءا كبيرا من العجز التجاري للبلاد.
وأشار إلى أن تركيا تسعى لزيادة إنتاجها النفطي الحالي البالغ 42 ألفا و500 برميل يوميا إلى 50 ألف برميل بحلول يونيو/حزيران المقبل، بهدف تغطية جزء أكبر من احتياجها اليومي البالغ مليون برميل.
وأعلن الوزير بيرقدار خططا لإنتاج 10 ملايين متر مكعب من الغاز في الربع الأول من عام 2025، مشيرا إلى أنه بفضل الاكتشافات الجديدة، يهدفون إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في تلبية كامل الطلب على الغاز الطبيعي للمنازل بحلول عام 2028 من خلال الإنتاج المحلي.
وأضاف بيرقدار أن حقل صقاريا، الذي يمتد على مساحة تقارب 10 آلاف كيلومتر مربع، يشهد حاليا عمليات إنتاج من منطقة تبلغ مساحتها 2200 كيلومتر مربع، بعد الانتهاء من التنقيب في 25% من إجمالي الحقل.
وأشار إلى أن جهود التنقيب مستمرة لاستكشاف الحقل بالكامل، مما يعزز الفهم الشامل لإمكاناته.
أعمال تنقيب جديدة
وأشار الوزير التركي إلى أن سفينة “فاتح” بدأت أعمال تنقيب جديدة في بئر “غوك تبه -2” في البحر الأسود (شمال تركيا)، معربا عن تطلعاته للإعلان عن اكتشافات إيجابية قريبا.
وذكر أن تركيا تواصل الإنتاج في 4 مناطق حاليا، وأنه لن يتبقى مكان في الجغرافيا التركية لم يتم البحث فيه عن النفط، مع خطط للإنتاج في 10 مناطق أخرى.
وتستمر أعمال التنقيب عن النفط في مدينتي حكاري وفان، حيث تشير الدراسات إلى إمكانية وجود حقول مشابهة لحقول النفط في غابار، إذ يُخطط لفتح 140 بئرا للنفط لأغراض الاستكشاف في جميع أنحاء تركيا خلال العام الجاري.
ومع استمرار أعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، منحت المديرية العامة لشؤون المعادن والبترول التابعة لوزارة الطاقة والموارد الطبيعية في يناير/كانون الثاني الماضي، تصاريح لشركات تركية للتنقيب عن النفط في 18 موقعا في 14 محافظة مختلفة لمدة 5 سنوات.
تتماشى التطورات في حقل غاز صقاريا مع أهداف تركيا تقليص اعتمادها الخارجي في مجال الطاقة؛ فمن المتوقع أن يصل إنتاج تركيا من الغاز الطبيعي إلى 13 مليار متر مكعب بحلول عام 2050، مع إمكانية زيادة الإنتاج بفضل توسعة الحقل والاكتشافات المحتملة في حوض جنوب مدينة أكشاكوجا.
واستوردت تركيا 54 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عام 2022، جاء 72% منها عبر خطوط الأنابيب، مما يعكس تنوع مصادر الغاز الطبيعي في تركيا، التي تستقبل الغاز من روسيا، إيران، وأذربيجان، إضافة إلى 5 محطات للغاز الطبيعي المسال بطاقة إجمالية تبلغ 27 مليون طن سنويا.
وتسعى تركيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة خلال الـ30 عاما المقبلة بحسب أهداف رؤية “قرن تركيا”، إلا أن التقرير يشير إلى زيادة في واردات الغاز الطبيعي قد تصل إلى 55 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2050، مع انخفاض واردات الغاز الطبيعي المسال إلى 8 ملايين طن سنويا، وهو ما يتطلب هذا التوازن تحقيق اكتشافات كبيرة وزيادة الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات تدريجيا.
استقلالية الطاقة
بحسب إحصاءات معهد الإحصاء التركي ووزارة التجارة، انخفض إجمالي واردات تركيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي بنسبة 11% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، ليصل إلى 29.04 مليار دولار، ومن المتوقع أن تسجل تلك الواردات 77.3 مليار دولار في 2024، و76.3 مليار دولار في 2025.
وعلى الرغم من هذا الانخفاض العام في واردات الطاقة، شهدت واردات النفط الخام ارتفاعا بنسبة 28.04% خلال الفترة نفسها، حيث بلغت 2.9 مليون طن.
وأعلنت تركيا مطلع العام الجاري عن خطط لاستثمار حوالي 20 مليار دولار في مجال كفاءة الطاقة بحلول عام 2030، مع التعهد بخفض استهلاك الطاقة وانبعاثات الوقود الأحفوري.
وفي هذا السياق، قال وزير الطاقة التركي: “من خلال تنفيذ خطة العمل هذه، سنخفض استهلاكنا للطاقة بنسبة 16% بحلول عام 2030، ونسهم في خفض 100 مليون طن من الانبعاثات”.
توسع دولي
أوضحت الباحثة في شؤون الطاقة جيران بيلتكين في حديث لـ”الجزيرة نت”، أن تركيا، بالإضافة إلى تركيزها على التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما داخل أراضيها من خلال شركة البترول التركية، تعمل أيضا في الخارج، وخاصة في البلدان المجاورة جغرافيا.
وأشارت إلى أن شركة البترول التركية تشارك في 10 مشاريع مختلفة في روسيا والعراق وأفغانستان وأذربيجان وجمهورية شمال قبرص التركية، حيث تنفذ أنشطة في حقول النفط والغاز الطبيعي.
وأضافت بيلتكين: “في عام 2022، أنتجت شركة البترول التركية ما مجموعه 35.47 مليون برميل من الهيدروكربونات المكافئة للنفط من الحقول في هذه البلدان الخمسة. ومن المقرر أن تضاف ليبيا إلى الدول الخمس المعنية في المستقبل القريب، حيث إن المفاوضات حول هذا الموضوع مستمرة”.
ونوّهت إلى أن “الصومال، على وجه الخصوص، يملك مناطق بحرية غير مكتشفة تحتوي على كميات كبيرة من النفط. ومن المخطط أن يتم إجراء أبحاث زلزالية ثلاثية الأبعاد في إحدى المناطق البحرية التابعة للصومال قبل نهاية عام 2024، وبناء على النتائج المتوقعة، سيتم البدء في عمليات الحفر في عام 2025”.
المصدر : الجزيرة