تجمع أوساط على أن العراق كان المتضرّر الأول من الأزمة النفطية وتراجع الأسعار خلال العام الماضي. وأكدت وجود فرصة لإنقاذه من الأزمة الاقتصادية على رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها ولا يزال، تحديداً من الجانبين الأمني والاقتصادي، وذلك عبر الاستثمار في الغاز الطبيعي. إذ رأى مسؤولون عراقيون إمكان انتعاش موارده وأدائه الاقتصادي وتعافي دوره مع شحنة الغاز الأولى التي ستصدر إلى الخارج.
واعتبر خبراء أن تصدير الغاز العراقي إلى الكويت، ربما يكون خطوة على الطريق الصحيح بدلاً من هدر هذه الثروة بحرقها في الهواء، والمقدّرة بنحو بليون دولار سنوياً. وتوقعوا أن تشهد هذه السنة تحسناً اقتصادياً، في حال فُعّل اتفاق العراق والكويت على تصدير الغاز العراقي، وإذا عملت وزارة النفط على فتح منافذ أخرى لتصدير الغاز.
واعتبر مقرر اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، أن من الصعب تحقيق ما هو مخطط في موازنة العام الحالي من واردات متوقعة تبلغ 84 تريليون دينار عراقي (نحو70 بليون دولار) وبـ45 دولاراً للبرميل». وأوضح أن تراجع سعر البرميل دولاراً واحداً سيزيد العجز بليون دولار».
ورأى أن الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العراق «ستزداد هذه السنة وتتحوّل من الانكماش إلى الكساد، وهي مرحلة حرجة في اقتصاد أي بلد»، لافتاً إلى إمكان تأمين ربع الموازنة فقط البالغة 105 تريليونات دينار، استناداً إلى الأسعار الحالية».
وتحدّث الناطق باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي، إلى «الحياة»، عن مؤشرات التشغيل واليد العاملة والفقر، لافتاً إلى أن «معدلات البطالة ارتفعت في شكل واضح وتجاوزت نسب الفقر 22 في المئة، بعدما كانت تراجعت عام 2013 إلى 19 في المئة». وأكد الهنداوي أن «مسافة الأمان بيننا وبين الهاوية لا تزال جيدة، ويمكن تغيير المسار الاقتصادي بالمعالجات الآنية والمستقبلية التي يمكن اللجوء اليها، بعيداً من المناكفات والخلافات السياسية التي أفقدت العراق فرصاً مهمة كثيرة».
وأشار إلى مشروع تأهيل البنى التحتية الذي طرح عام 2010 بكلفة 74 بليون دولار، «وكانت الظروف يومها مواتية جداً كما كانت الشركات الأجنبية تتزاحم للحصول على فرصة استثمارية، لكن الصراعات السياسية أطاحت المشروع». ورأى أن «لا فرصة أمامنا إلا بالحصول على القروض لتأمين استمرار دوران عجلة التنمية»، لافتاً إلى «القروض الداخلية على اعتبارها أقل وطأة على الاقتصاد ولو كان أثرها الاقتصادي أقل من تلك الخارجية، لأنها عبارة عن نقل القدرة الشرائية من المواطن إلى الحكومة».
واقترح الهنداوي أن «تذهب الحكومة نحو هذا النوع من الاقتراض من خلال استحداث مصرف خاص بالاقتراض الداخلي، وتكون آلية عمله من خلال إيداع المواطنين مدخراتهم من نقود أو جواهر لدى المصرف في مقابل فائدة مغرية قد تصل إلى 12 في المئة، لتشجيع الإقبال على الإقراض». وأوضح أن من شأن هذه الآلية «إشاعة ثقافة الإيداع لدى المصارف، إذ توجد كتلة نقدية كبيرة ربما تصل إلى 30 تريليون دينار مودعة في خزائن العائلات، ما قد يعرّضها للسرقة أو الاحتراق، وهذا ناتج من انعدام ثقة المواطن أو قلّتها بالقطاع المصرفي العراقي».
وأعلنت الخبيرة الاقتصادية أكرام عبدالعزيز، أن الاقتصاد العراقي «مبني على مورد ناضب هو النفط»، ودعت المعنين إلى «البحث عن سبل أخرى، منها التخصيص، بمعنى إعطاء مساحة أوسع للقطاع الخاص للإفادة من ممتلكات القطاع العام». لكنها حذّرت من أن يكون الهدف من التخصيص «تصفية ممتلكات القطاع العام»، مطالبة بـ «وقفة مهمة إزاء هذا الطرح وضرورة جعل العاملين في المصانع والمعامل شركاء لدى طرح الأسهم والسندات الخاصة بالمصانع».
وشدّد رئيس الجمعيات الفلاحية العراقية حسين التميمي، على أهمية المساعي الحكومية الهادفة إلى «تفعيل المرافق الإنتاجية غير النفطية التي يمكن أن تساهم في رفد موازنات البلد المالية، خصوصاً بعد انخفاض أسعار النفط العالمية». وأشار إلى أن «الزراعة من القطاعات الكبيرة التي تحتاج الى قوانين للنهوض بها، وذلك بإقرار قانون «توحيد ملكية الأرض» المعطل في البرلمان منذ ثلاث دورات، وهو من القوانين المهمة التي تمكّن الفلاح من العمل والإنتاج». ولم يغفل أهمية تفعيل قانون حماية المنتج العراقي، لافتاً إلى «الخسائر التي يتكبّدها الفلاح لا سيما في مجال الخضر، بسبب السماح بإدخال المواد الغذائية على أنواعها من دول الجوار».
عادل مهدي
صحيفة الحياة اللندنية