تمثل كل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ورقة الآص، في لعبة ورق الانتخابات الأميركية، فيما يمثل ورقة الجوكر طبيب الأعصاب المشهور بين كارسون، والملكة هي الجمهورية “العدوانية” كارلي فيورينا.
وضاع الجمهوري جيب بوش في حزمة المرشحين الباقين من المعسكرين، أما عشرة الكوبا في التصنيف السياسي الأميركي فذهبت بشكل غير متوقع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بات مشاركا أيضا في اللعبة.
واللافت في كل هذا أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بحسب موقع “نوفستي رو” الروسي، لم تكن أبدا تأخذ ذلك الزخم في الحملات الانتخابية، بينما باتت مناقشة العلاقات مع روسيا وبوتين فجأة بندا إلزاميا في المناظرات الأميركية، سواء بين المرشحين الديمقراطيين أو خصومهم في المعسكر الجمهوري.
المرشح الملياردير ترامب المعادي للمسلمين قال في إحدى مناظراته إنه “إذا أراد بوتين أن يدمر داعش، فأنا مئة بالمئة مع ذلك. وأنا لا أفهم كيف يمكن أن نكون ضد ذلك؟ يجب علينا أن نكون أذكى. فنحن لا نستطيع أن نستمر في أن نمثل شرطي العالم”.
أما هيلاري الطامحة لأن تكون أول سيدة تحكم الولايات المتحدة فاعتبرت، من جهتها، أن “الشرق الأوسط منطقة معقدة بشكل لا يصدق. والكثير من الحروب الدائرة هناك لم تبدأها أميركا، ولا يوجد لنا دور فيها. المتطرفون موجودون في كل مكان من هذه الساحة غير المستقرة من شمال أفريقيا وحتى أفغانستان”.
وتحولت منازلات المرشحين المتأخرين خلال المناظرات الانتخابية إلى معركة افتراضية مع الرئيس الروسي، حيث قالت كارلي فيورينا “أنا أعرف بوتين شخصيا. ويجب علينا أن نتصرف من منطق القوة. وعلينا إعادة بناء الأسطول السادس. ولو كنت رئيسة لما تحدثت معه حتى نقيم في سوريا منطقة حظر طيران”.
غير أن مثل هذا التهجم لم يجلب لفيورينا الطامحة أيضا إلى دخول البيت الأبيض، ومثلها من المرشحين في معسكرها الرافض لأي علاقة مع الروس وبوتين تحديدا، سوى السخرية والتهكم.
ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى حد أن المقدمين التلفزيونيين الذين يديرون الحوارات مع المرشحين باتوا قبل الفاصل الإعلاني بدلا من قولهم “إبقوا معنا”، يثيرون اهتمام المشاهد بالسؤال عن الرئيس الروسي.
ويقول جيب بوش “أعتقد، أنه يجب علينا مواجهة طموحات روسيا. وعدم إشعال حرب باردة جديدة، وإنما العمل على حماية المصالح الأميركية الاستراتيجية. أعتقد أننا عندما نكون ضعفاء فإن بوتين يسير إلى الأمام”.
هيلاري وترامب يمثلان ورقة الآص، أما ورقة الجوكر فمن نصيب كارسون والملكة لكارلي فيورينا
وفي خضم هذا العراك، لفت المحلل السياسي، رئيس الجامعة الأميركية في موسكو إدوارد لوزانسكي إلى ورود كلمة بوتين خلال إحدى المناظرات، الثانية ربما 51 مرة. وهذه ظاهرة جديدة في الحملة الانتخابية الأميركية.
كما نسي المرشحون في هذه الحملة الانتخابية اللياقة الأميركية المعهودة، حيث قال الشقيق الأصغر لجورج دبليو بوش “لقد فاض الكيل بي.. إن ترامب معتوه”، فأتاه الرد مباشرة “بوش غبي مثل الحجر”، فيما وصفت هيلاري ترامب بأفضل مجند لداعش، فسمعت منه الجواب التالي “أفعى وكاذبة”.
ومع ذلك، فإن الفضائح كانت حتى الآن تعمل على رفع شعبية ترامب، فالمرشح “غريب الأطوار”، كما يلقبه الكثيرون، كان يهيمن على عناوين الأخبار لكونه بدأ يتحدث في أوج العقوبات على روسيا عن المصالحة معها.
وقال في أحد لقاءاته “لقد قلت إن العلاقة الأميركية الروسية في حال يرثى له. فهي ليست مدمرة فحسب، بل مدمرة بالكامل. أعتقد أنه ستكون لدي علاقات ممتازة مع روسيا وبوتين (في حال انتخابي رئيسا)”.
كما استفز الملياردير ترامب، الذي تغزل ببوتين طويلا، المرشحين الجمهوريين المتخلفين في سباق الحملات الانتخابية إلى حد أنهم هددوا بالقضاء عليه، إلا أنه استطاع الصمود.
ويقول ترامب في هذا الصدد “إنهم يتهمونني.. ويقولون بأني وصفت بوتين باللامع.. وهذا سيء!.. أما أنا ففكرت أنه من غير الجيد استمرار البلدين بالمجابهة، إذ من الأفضل ربما تحسين العلاقات”. وشدد قائلا “من الأفضل لنا محاربة العدو وليس صرف كل الموارد على الصراع مع بعضنا البعض؟”.
المناقشات خلال الحملات الانتخابية لم تقتصر حول تصرفات بوتين، بل تعدتها إلى الموقف الروسي من السياسة العالمية ككل، إذ أعلن المرشح بيرني سانديرس أنه “ليس الأسد من هاجم الولايات المتحدة، بل داعش. وهذا التنظيم من هاجم فرنسا وفجر الطائرة الروسية فوق مصر. يجب أن تكون أولويتنا هي محاربة داعش”.
51 مرة ورد اسم بوتين خلال إحدى المناظرات التلفزيونية للمرشحين الأميركيين
بدوره، ذكر المرشح تيد كروز أنه “من الممكن أن يكون الأسد سيئا، والقذافي كان سيئا، وكانت لدى مبارك في مصر مشاكل مع مراعاة حقوق الإنسان. ولكنهم على الأقل كانوا يساعدوننا في محاربة الإسلام المتطرف. وإذا أزلنا الأسد الآن فإن داعش سيسيطر على سوريا”.
ولم ينتبه الكثير من المرشحين الأميركيين إلى كيفية أنهم صاروا يتحدثون بطريقة قريبة من موقف موسكو حول ما يحصل في سوريا منذ خمس سنوات.
كما بات البيت الأبيض نفسه لا يطالب برحيل الرئيس السوري فورا، بل أعلن بدلا عن ذلك استعداده لبحث خطة التسوية السياسية في سوريا مع روسيا.
والانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الثامن من نوفمبر العام المقبل هي فترة الانتخابات الثامنة والخمسين لرئاسة الولايات المتحدة. ويشارك فيها عدد قياسي من المترشحين لم تشهده البلاد في تاريخها.
ويفترض أن تبدأ الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهوري والديمقراطي في فبراير القادم، إلا أن الجدول الزمني لم يحدد بشكل نهائي.
صحيفة العرب اللندنية