أنهى مجلس النواب العراقي الجدل حول تقسيم محافظة نينوى شمال العراق، عندما صوت المجلس خلال جلسته المنعقدة يوم امس الاثنين على بقاء الحدود الادارية لمحافظة نينوى ما قبل عام 2003، فيما اعتبر اي تغيير عليها يعتبر مخالفا للدستور وباطلا.
واكد القرار ان الشعب العراقي بكافة ممثليه يرفضون عملية التقسيم، فيما بين ان مصير المحافظة يحدده ابناؤها بعد عملية التحرير.
وفي بداية الجلسة التي تابعتها «القدس العربي»، استمع المجلس إلى مداخلات بعض النواب التي اكد معظمها التمسك بوحدة المحافظة ورفض التقسيم، مع التشدد على ضرورة منح سكان المحافظة مسؤولية ادارة ملفها الامني والاداري لتجنب السلبيات التي وقعت قبل سيطرة تنظيم «الدولة» عليها في حزيران/يونيو 2014، ومع مراعاة احقية المحافظة بالمطالبة بالإقليم وفق الدستور ولكن بعد تحريرها واستقرار الاوضاع فيها. وحذر بعض النواب من استغلال بعض القوى والسياسيين قضية تقسيم الموصل، من اجل تحقيق اهداف سياسية وانتخابية، بينما انتقد نواب آخرون طرح تقسيم المحافظة قبل تحريرها.
ويتركز رفض تقسيم المحافظة في قوى التحالف الوطني الشيعي وغالبية القوى السنية، التي ترفض اية محاولات لتغيير واقعها الذي كانت عليه قبل سيطرة «تنظيم الدولة» عليها عام 2014، بينما شجع إقليم كردستان وبعض ممثلي الاقليات على اقامة إقليم في نينوى او تقسيمها إلى محافظات.
واكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، امس الاثنين، ان تقسيم محافظة نينوى بعد تحريرها من سيطرة التنظيم يعود إلى أهلها، مشيرا إلى ان يتم تحريرها من قبل القوات الرسمية فقط.
وقال ردا على الاصوات التي تطالب بتقسيم محافظة نينوى إلى عدة محافظات ،كلما اقتربت معركة تحرير المحافظة من سيطرة التنظيم بحجة ان المحافظة تضم الكثير من الاقليات وبتقسيمها يتم المحافظة على هذه الأقليات «هذا وان كان راجعاً لاهل الموصل، إلا اني لا انصح به». اما النائبة الايزيدية وعضو كتلة الحزب الديمقراطي، فيان دخيل، فقد اكدت إن الايزيديين لا يمكنهم العودة إلى سهل نينوى بدون استحداث محافظة جديدة.
وقالت في حديث متلفز «جميع الأطراف لا تريد تقسم نينوى بل تريد استحداث محافظات جديدة داخل المحافظة».
واوضحت ان الهدف من استحداث محافظات للمكون الايزيدي والشبكي والتركماني والمسيحي في نينوى هو إعادتهم إلى مناطقهم، مؤكدة أن المكون الايزيدي رأى الويلات من جاره العربي في الاضطهاد واغتصاب الفتيات البواكر، حسب قولها.
وتتبنى كتلة «متحدون» للاصلاح بزعامة اسامة النجيفي، الدعوة إلى تحويل المحافظة بعد تحريرها من تنظيم «الدولة» إلى وضع يختلف عما كانت عليه قبل سيطرة التنظيم عليها لتطمين اهلها وعدم تكرار بروز تنظيم متطرف جديد، داعين إلى تحويل نينوى إلى إقليم لمراعاة التنوع العرقي والديني فيه وضمان حقوق مكوناته وتطمينهم بعدم تكرار انتهاكات تنظيم «الدولة» ضدهم.
وكان أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي، اعلنوا في مطلع ايلول/سبتمبر الحالي، نيتهم طرح مشروع قرار يدعو إلى إنشاء منطقة آمنة للأقليات الدينية في سهل نينوى، موضحين أن المشروع سبق وأن طرح عراقياً عام 2014 ويتضمن إقامة محافظة جديدة تتمتع بحق تقرير المصير.
وسبق ان اعلن ممثلو المكون المسيحي في البرلمان العراقي وبرلمان الإقليم ورجال دين مسيحيون، ضرورة مشروع تقسيم محافظة نينوى إلى ثلاث محافظات احدها خاصة بالاقليات وواحدة تتبع الإقليم والاخرى تتبع بغداد. وفي هذا السياق، افتتحت يوم السبت الماضي، جمعية «حدياب» للكفاءات، ورشة عمل بحضور جمع غفير من المكون المسيحي من البرلمانيين ورجال الكنيسة، الذين بحثوا مستقبل سهل نينوى بعد التحرير.
وقد اعلن رئيس الجمعية حبيب حنا، إن «مكونات سهل نينوى من المسيحيين والكرد الشبك والإيزديين، والصابئة، وأبناء جميع المكونات يطالبون بإنشاء محافظة سهل نينوى لضمان حمايتهم وحقوقهم، داعيا إلى الضغط على البرلمان العراقي لإدراج هذا المشروع وتصديقه وإضافته إلى الدستور العراقي».
واثناء زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لمحاربة تنظيم الدولة بريت ماكغورك إلى بغداد واربيل مؤخرا، صدرت تسريبات انهما بحثا، مع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني والمسؤولين في حكومة الإقليم امكانية اقامة محافظة للمسيحيين في سهل نينوى، بينما يدور الخلاف حول تبعيتها لاربيل او بغداد.
وكانت دعوات تقسيم محافظة نينوى شمال العراق بالتزامن مع قرب تحريرها من تنظيم «الدولة»، فتحت نقاشات ساخنة بين القوى السياسية والنواب ومنظمات المجتمع المدني، وسط اتهمات بـ «محاولة تقسيم العراق»او استغلالها سياسيا من الطرف الرافض للمشروع، وتمسك الداعمون للمشروع بضرورته للحفاظ على حقوق الأقليات.
صحيفة القدس العربي