أعلنت القوات العراقية الخاصة أنها واصلت التوغل في الموصل، على رغم المقاومة الشرسة التي يبديها مسلحو «داعش» الذين يستخدمون مدنيين دروعاً بشرية، ويرهبون السكان بإعدام العشرات ويعلقون جثثهم على أعمدة الكهرباء وفي الساحات.
واخترق جنود جهاز مكافحة الإرهاب خطوط دفاعات التنظيم ودخلوا المدينة الأسبوع الماضي، وهم يخوضون منذ ذلك الحين معارك شرسة مع الإرهابيين الذين يستخدمون موجات من الانتحاريين والقناصة.
والحملة التي بدأت قبل أربعة أسابيع تقريباً هي أعقد عملية عسكرية في العراق في 13 عاماً من الاضطرابات، منذ الغزو الأميركي عام 2013.
وتستعد القوات الأمنية وفرق مشاة من الجيش، بدعم جوي تقوده الولايات المتحدة للتحرك إلى الأحياء الجنوبية والشمالية في الموصل. وتسيطر قوات «البيشمركة» وفصائل شيعية مسلحة على أراض إلى الشمال الشرقي وإلى الغرب من المدينة.
وأكد الناطق باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعماني توغل القوات الخاصة في حي القادسية الثاني على الطرف الشمالي من جيب صغير من الأحياء التي تسيطر عليها حتى الآن. وأضاف أن «القوات قوبلت بمقاومة شرسة من العدو الذي شكل دوريات من المقاتلين في مسعى لعرقلة تقدمنا. ونحن نواجه أصعب شكل لحرب المدن» في ظل وجود المدنيين، لكنه أكد «أننا مدربون على هذا النوع من المعارك».
وقال عسكريون إن المعارك التي يخوضونها أعنف ما شهدوه فـ «داعش» يستخدم مجموعات صغيرة تتحرك عبر شبكة كبيرة من الأنفاق والشوارع الضيقة لشن سلسلة لا نهاية لها من الهجمات.
وتشاهد في الطرف الشرقي من المدينة طائرات «أباتشي» في سماء المنطقة. ويمكن سماع دوي انفجارات ناتجة من ضربات جوية أو تفجيرات انتحارية نفذ الإرهابيون المئات منها منذ بدء الحملة. ومع ارتفاع أعمدة الدخان فوق المدينة خرج مئات المدنيين إلى الشوارع فارين من المعارك.
وقدرت المنظمة الدولية للهجرة أن حوالى 48 ألف شخص نزحوا بسبب المعارك وهو رقم لا يزال ضئيلاً نسبياً مقارنة بتقديرات الأمم المتحدة قبل بدء الحملة واحتمال نزوح ما يصل إلى 800 ألف شخص. وقال النعماني إن الجيش طلب من المدنيين البقاء داخل منازلهم حرصاً على سلامتهم، مضيفاً أن جهاز مكافحة الإرهاب يهدف إلى تسليم الأحياء التي سيطر عليها إلى قوات أخرى.
وهدد حكم الرعب للدولة الإسلامية في شمال وغرب العراق على مدى عاملين بتفكك البلاد وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن التنظيم كبد الدولة خسائر اقتصادية بلغت 35 بليون دولار.
وأشاد المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني أمس بتضحيات القوات التي تحارب «داعش» وتضم آلافاً من مقاتلي «الحشد الشعبي». وقال ممثل المرجع في كربلاء أحمد الصافي: «لولا دماء هؤلاء الأعزة وصمودهم المتواصل وجهادهم لعلم الله تعالى أي مصير كان ينتظر العراق وغير العراق».
وداخل الموصل التي يسكنها قرابة 1.5 مليون شخص، قال سكان، هذا الأسبوع، إن الإرهابيين قتلوا ما لا يقل عن 60 شخصاً عرضوا جثثهم، بينها خمس جثث مصلوبة، كتحذير لكل من يعمل مخبراً لدى القوات العراقية. وأعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تلقيه أنباء عن قتل 40 شخصاً بالرصاص الثلثاء بتهمة «الخيانة والتخابر»، كما قتل شاب عمره 27 سنة لأنه استخدم هاتفاً محمولاً.
وقالت رافينا شمداساني، الناطقة باسم المكتب إن مقبرة جماعية تضم أكثر من مئة جثة في بلدة حمام العليل جنوب الموصل كانت من ساحات إعدام استخدمها «داعش». واستشهدت بإفادات من مصادر، بينها رجل هرب بعد أن تظاهر بأنه ميت أثناء إعدام 50 جندياً عراقياً سابقاً.
وأضافت أن هناك أنباء عن أن الإرهابيين يخزنون النشادر والكبريت في مناطق المدنيين لاستخدامها كأسلحة كيماوية.
وجاء في بيان للجيش إن القوات التي كانت تتقدم في الجانب الشرقي من نهر دجلة أمس استهدفت قريتين قرب مدينة نمرود الآشورية الأثرية. وأضاف أن جنوداً من الفرقة المدرعة التاسعة سيطروا على قرية عباس رجب، على بعد أربعة كيلومترات شرق نمرود ورفعوا العلم الوطني.
صحيفة الحياة اللندنية