لفت خبر مقتل شيعة نيجيريين الاثنين نظر المراقبين إلى الظاهرة الشيعية المتصاعدة في القارة الأفريقية بدعم مباشر وعلني من إيران. جاء الحدث نتيجة مواجهات مع الشرطة في كانو، كبرى مدن شمال نيجيريا، خلال موكب شيعي بمناسبة إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين.
ونقل عن شهود أن الشرطة نقلت 10 جثث، فيما أحصى شهود آخرون 15 قتيلا. وذكرت الأنباء أن الشرطة بدأت بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين في الموكب.
وقال مصدر من الشرطة إن “الزوار أصابوا أحد شرطيينا، وفتح رجالنا النار حين بدأوا باستخدام العنف”.
واندلعت المواجهات حين قام أعضاء في حركة نيجيريا الإسلامية، وهي مجموعة شيعية مؤيدة لإقامة نظام مثل الجمهورية الإسلامية في إيران، في ولاية كادونا (شمال) بتنظيم هذا الموكب الشيعي الذي تمتد فعالياته على عدة أيام.
ويتوجه الزوار عادة من كانو إلى كادونا، المدينة الكبرى الأخرى في الشمال حيث حظرت السلطات نشاط تلك الحركة.
وتدفع إيران بأجندتها في القارة السمراء تبنيا لخطاب مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل آية الله الخميني حول المستضعفين في أفريقيا، وقد سجلت في الآونة الأخيرة اعتراضات قوية ضد أنشطة التشيّع في تونس والجزائر، والتي كانت تسببت قبل سنوات في قطع علاقات المغرب بإيران.
ونقل نشطاء على مواقع التواصل صورا للمواكب المتجهة إلى كربلاء في العراق لإحياء ذكرى الأربعينية وهي تحمل أعلام الجزائر، ما أثار استغراب العراقيين أنفسهم.
وتعتبر إيران من الدول المصدرة للنفط لبعض دول القارة، فيما كانت طهران تتطلع دائما للحصول على اليورانيوم الذي تعد القارة من أكبر منتجيه فـ”النيجر وحدها تملك سادس أكبر احتياطياته”.
وتمتلك إيران سفارات في أكثر من 30 دولة أفريقية، وعقدت العديد من القمم الأفريقية الإيرانية المشتركة، وتتمتع بصفة العضو المراقب في الاتحاد الأفريقي.
وتهتم إيران بشرق القارة وتحديدا منطقة القرن الأفريقي لاعتبارات تتعلق بعبور الصادرات الإيرانية البحر الأحمر إلى قناة السويس فالمتوسط. ويمكّنها تواجدها في منطقة القرن الأفريقي من تسهيل تواصلها مع أتباعها الحوثيين في اليمن ودعمهم بالأسلحة، وما يترتب على ذلك من ضغط على السعودية ودول الخليج.
وبعد زيارة الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي لطهران أواخر عام 2008 نالت إيران تسهيلات في ميناء عصب على البحر الأحمر، ما منحها نقطة ارتكاز إقليمية قد كان بالإمكان استخدامها أيضا بشكل أخطر لو قيض لها امتلاك قدرات نووية، وقد ظهر اهتمام طهران بشرق أفريقيا من خلال ورش لتطوير العلاقات مع كينيا وتنزانيا وجزر القمر.
ورصد الخبراء انخراطا غرب القارة المفترض أنها تقاطع نفوذ للولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل.
وقد ساهم تواجد جالية لبنانية كبيرة من السعي الإيراني، حيث تشير تقارير إلى أن الشيعة في غرب أفريقيا يقدمون دعما سنويّا لحزب الله اللبناني يقدر بنحو 200 مليون دولار، فيما تجلى النفوذ الإيراني في الدعم الذي حظيت به إيران من دول غرب أفريقيا في المحافل الدولية بتأييد حقها في امتلاك برنامج نووي سلمي.
ومازال التشيّع سبيلا أساسيا بفرض الوجود الإيراني في أفريقيا، وتعمد طهران إلى سلوك مثابر يستفيد من أي ثغرات داخل الحكومات المركزية لنشر عقيدتها، بما يجعل من النفوذ الإيراني ارتباطا ثقافيا دينيا لا يتأثر بأي صدام دبلوماسي.
ويعتبر المراقبون أن حالة نيجيريا هي نموذج لا يكشف وقع إلا الصدامات التي تحدث بين الفينة والأخرى والتي تكشف حجم وعمق ما حققته إيران داخل البلدان الأفريقية.
صحيفة العرب اللندنية