إسطنبول – لا يألو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهدا في تقديم إغراءات لرؤوس الأموال الأجنبية كي تستثمر في البلاد، وتخرجها من الأزمة العميقة التي قادتها إليها سياسته القائمة على خلق دائرة أوسع من الأعداء في المحيط الإقليمي.
وأعلن أردوغان السبت عن قراره بمنح الجنسية لمن يستثمر مليوني دولار أميركي في تركيا، معتبرا أن”هذه خطوة هامة. ونسعى من وراء ذلك إلى تأسيس كيان عالمي عبر طرح مفهوم جديد هو المواطنة العالمية”.
ووصف مراقبون هذه الخطوة بأنها دليل آخر على أن المشروع السياسي للرئيس التركي قد وصل إلى مأزق حقيقي يتم فيها بيع الجنسية التركية لمن يدفع أكثر، معتبرين أن فكرة المواطنة العالمية تضرب هوية الشعوب في الصميم، وأنها تجعل الجنسية حكرا على الأثرياء دون الفقراء أو متوسطي الحال.
ومن الواضح أن هذا العرض يهدف لجذب ممثلي الشركات العالمية الكبرى، ورجال الأعمال والمستثمرين الخليجيين بالدرجة الأولى. لكن حدود الاستجابة لهذا العرض ضعيفة في ظل الوضع الأمني المهتز الذي تعيشه تركيا بسبب التفجيرات واستهداف الدبلوماسيين والأجانب التي تأتي ردا على تورط تركيا في الصراع السوري.
وأشار المراقبون إلى أن عرض منح الجنسية للأثرياء قد يجعل الآلاف من الذين حرضهم الرئيس التركي على مغادرة بلادهم واللجوء إلى تركيا مستثنين من هذا الإجراء عكس ما وعد به سابقا.
وكان أردوغان سعى للحصول على 3 مليارات يورو للاحتفاظ بعشرات الآلاف من اللاجئين قبل أن يهدد بإغراق أوروبا بهم بعد أن فشل في تحقيق هدفه.
ولم يستبعد متابعون أن تعمد أنقرة إلى دفع أعداد ممن استقبلتهم خلال ثورات “الربيع العربي” إلى المغادرة بعد أن فشل الرهان على هذه الثورات، وعجز أردوغان عن تحقيق حلمه العثماني من بوابتها، وأنه قد يلجأ إلى الاحتفاظ فقط بأصحاب رؤوس الأموال والماسكين بالشبكات المالية للجمعيات والتنظيمات الإسلامية المختلفة مثل جماعة الإخوان.
وخاطب أردوغان المستثمرين قائلا إن “تركيا بحاجة اليوم إلى المستثمرين ورجال الأعمال الذين يؤمنون ويثقون بأنفسهم والمستعدين لتحمّل المخاطر، وكما أسلفت لا تؤجلوا هذا الأمر ونفذوا استثماراتكم، وثقوا بأنفسكم وبهذا البلد فهو مستقر وآمن”.
ووجه حديثه إلى الأتراك قائلا “أدعو كل من يحب بلاده وشعبه ويشعر بالمسؤولية تجاهها، إلى التحرك للمساهمة في تسريع عجلة النمو الاقتصادي من خلال اتخاذ الخطوات التي من شأنها زيادة حجم الاستثمارات وفرص العمل والإنتاج والتجارة، ونحن نرى اليوم عودة اهتمام المستثمرين الدوليين تجاه بلادنا مجددًا”.
وأكد أردوغان على “ضرورة اتخاذ الخطوات بسرعة وحزم فيما يتعلق بتجاوز المصاعب التي يعاني منها الاقتصاد التركي”.
واعتبر أن إقرار البرلمان التركي للتعديل الدستوري لتغيير نظام الحكم بالبلاد، الذي ترفضه المعارضة، ستكون له انعكاسات إيجابية على اقتصاد البلاد، قائلاً “دخول التعديل الدستوري حيز التنفيذ سيكون له تأثير منشّط على بلادنا”.
وبدأت الجمعية العامة للبرلمان التركي، الاثنين الماضي، مناقشة مقترح دستوري قدمته الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بشأن تغيير نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي.
العرب اللندنية