يدرك كل من عاصر أحداث سبتمبر، في 2001، أن إدارة الرئيس بوش الابن، كانت مصممة على ضرب العراق، رغم أن صدام حسين، حينها، كان يرأس بلدا ممزقا، ينهكه الحصار، ويفتك به الفقر والأمراض، إذ مات أكثر من نصف مليون طفل عراقي، في نهاية التسعينات، من القرن الماضي، بسبب الحصار، وما تبعه من نقص في الغذاء والدواء، وعندما سئلت مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية، في عهد الرئيس بيل كلينتون، عما أن كان موت هذا العدد المهول من الأطفال الأبرياء يعتبر ثمنا مقبولا للحصار، أجابت العقرب أولبرايت، كما كان يسميها صدام حسين، بالإيجاب، مع ابتسامة عريضة، وغني عن القول إن والد السيدة أولبرايت هو أحد منظري المحافظين الجدد، وعلى يده تخرجت وزيرة الخارجية، في فترة الرئيس بوش الابن، كونداليزا رايس!.
كانت هناك حملة تضليل واسعة، قادها الإعلام الأمريكي الحر، بزعامة قنوات التلفزيون الرئيسية، وعلى رأسها قناة السي ان ان، وساندتها قنوات اي بي سي، وسي بي اس، وان بي سي، وجريدة النيويورك تايمز، الواسعة الانتشار، ومعها الواشنطن تايمز، والواشنطن بوست، وذلك لتضخيم خطر العراق، وصدام حسين، وتخلى الإعلام الحر عن حياديته تماما، ليصبح بوقا ينشر ما تطلبه منه إدارة بوش الابن، وربما أن هذا السقوط المهني المريع للأعلام الأمريكي، حدث بسبب الارتباك الكبير، الذي أعقب أحداث سبتمبر، إذ كانت هناك حملة تخويف مكارثية ضخمة من الإرهاب، قادتها إدارة بوش-تشيني بكفاءة، وكان الجميع يخشى أن يتهم بوطنيته، فيما لو شكك بخطر الإرهاب عموما، وخطر العراق، وصدام حسين، على وجه الخصوص، وأكتب ذلك من خلال متابعة دقيقة لتلك المرحلة، بكل تفاصيلها، فقد كان الخوف والترهيب هو سيد الموقف، وكانت تتم محاربة كل من يتحدث بعقلانية، وكل من يطرح مسألة عدم عقلانية ربط حاكم علماني، مثل صدام حسين، بتنظيم القاعدة المتطرف!.
نعود مجددا لطرح أسئلة ملحة وهامة، السؤال الأول: هل تم غزو العراق واحتلاله بناء على تقصير وكالة الاستخبارات الأمريكية، وتماهيها مع رغبة إدارة بوش الابن، كما يقول الضابط، جون نيكسون، في كتابه؟!، والسؤال الثاني : هل كان الغزو والاحتلال مجرد رغبة لإدارة بوش الابن؟!، أم أنه كان نتيجة تخطيط مسبق ومدروس، منذ ضرب العراق للمرة الأولى، في عام 1991، ثم السؤال الثالث والأهم : لمصلحة من تم ضرب العراق واحتلاله؟!، ثم نعرج على سيد الأسئلة كلها : هل حقا أخطأت إدارة بوش الابن بضرب العراق، ثم أخطأت مرة ثانية، وسلمته لإيران؟!، ولعلنا نلقي الضوء على هذه الأسئلة في المقال القادم!.
أحمد الفراج
الجزيرة