استغلت ميليشيا الحشد الشعبي الشيعية احتدام معركة الموصل ضد داعش للانتشار في مناطق محررة من المدينة، في خطوة دقت جرس الإنذار غربيا خشية اندلاع مواجهات طائفية تعيدها إلى المربع الأول.
وقالت مصادر عراقية لـ”العرب” إن قوات من فصائل الحشد الشعبي انتشرت على طول الساحل الأيسر من مدينة الموصل، والذي بات يخضع لسيطرة الحكومة المركزية في بغداد بعد فرار عناصر داعش على وقع معارك دامية.
وأثارت تحركات الميليشيات الطائفية في الموصل على الفور قلق بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق والسفارة الأميركية وبعثة الأمم المتحدة.
وتقول مصادر عسكرية في الموصل إن مقاتلين ينتمون إلى فصيلي “النجباء” و”حزب الله” التابعين للحشد الشعبي انتشروا، خلال اليومين الماضيين، في مناطق “الصناعة” و”الانتصار”، بالتزامن مع دخول قوة تابعة “للحشد الشبكي الشيعي” الذي يقوده عضو البرلمان العراقي حنين القدو، المقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلى 37 قرية في منطقة سهل نينوى، غرب الموصل.
و”الحشد الشبكي” هو قوة شيعية مكونة من مقاتلين ينتمون إلى أقلية الشبك الشيعية، المتمركزة خصوصا في محافظة نينوى.
وذكرت مصادر عراقية أن قوات الحشد الشعبي، تحت قيادة زعيم منظمة بدر هادي العامري، وجهاز مكافحة الإرهاب قامت باختطاف العشرات من الضباط العراقيين الذين كانوا يحملون رتبا عالية في الجيش العراقي السابق. وقالت المصادر إن هؤلاء الضباط مطلوبون للحرس الثوري الإيراني.
ولم يتضح بعد كيف تسللت قوات الحشد الشعبي إلى داخل المدينة، لكن مراقبين عراقيين قالوا إن قوات الشرطة الاتحادية هي التي سمحت للميليشيا الشيعية بالدخول إلى المناطق التي تسيطر عليها.
ويدين أبرز قيادات الشرطة الاتحادية في العراق بالولاء للعامري، وهم على صلة وثيقة بمكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
وقال محللون عراقيون لـ”العرب” إن “الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب كلها مؤسسات مخترقة من قبل الميليشيات والأحزاب الطائفية، لذلك فإن ولاءها الطائفي يدفعها إلى فتح الطريق أمام تمدد فصائل من الحشد الشعبي في المناطق المحررة من الموصل، بما يناقض الاتفاق المبرم سابقا والذي أوجب على الحشد الشعبي عدم المشاركة في تحرير الموصل في مقابل ألا تستولي قوات البيشمركة على مناطق جديدة”.
وأشار محلل عراقي إلى أنه “إذا كان (رئيس الوزراء) حيدر العبادي قد قال مرارا إن ميليشيا الحشد لن تكرر ما فعلته سابقا في تكريت والرمادي، فإنه وحكومته أضعف من أن يقفا في وجه قوة مدعومة من إيران ومن أحزاب طائفية تملك من النفوذ ما يهدد بقاءه في السلطة. لذلك قد يلجأ العبادي إلى الصمت، تفاديا لصدام لن يكون في صالحه”.
وأثارت المعلومات عن توغل قوات الحشد الشعبي في الموصل حفيظة أطراف دولية عدة.
وقالت مصادر سياسية في بغداد إن مكتب بعثة الأمم المتحدة في العراق، والسفارة الأميركية في بغداد بدآ في جمع المعلومات عن القضية، وربما يتدخلان لحسمها.
وأضافت أن مكتب الأمم المتحدة والسفارة الأميركية فتحا، الثلاثاء، قناة اتصال مشتركة مع مكتب العبادي، للاستفسار عن موقف الحكومة العراقية من دخول قوات الحشد الشعبي إلى مركز الموصل، خلافا للاتفاق الذي ينص على دخول الجيش العراقي وجهازي الشرطة الاتحادية والمحلية فحسب.
ونفى العبادي عبر القناة ذاتها إصدار أوامر للحشد بالتقدم في الموصل، ووعد بالتحقيق فيه.
وقال مسؤول بارز في مكتب مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، لـ”العرب” إن “القيادة السياسية الكردية مستغربة من دخول الحشد الشعبي إلى مركز الموصل، في خرق صريح للاتفاق المعلن”.
وأضاف أن “البارزاني يتابع هذا الملف شخصيا مع مسؤولين أمميين وأميركيين وعراقيين، ولديه وعود بإخراج الحشد الشعبي من الموصل سريعا”.
وقال المسؤول الكردي إن “قوات البيشمركة الكردية ملتزمة بجانبها من الاتفاق، ولم تتوغل في مركز الموصل، لكن دخول الحشد الشعبي ربما يغير الواقع”، مؤكدا أن “القيادة الكردية أصدرت أوامر لقوات البيشمركة المتمركزة شمال نينوى بالاستعداد للتحرك، في حال لم تف الأطراف المعنية بوعدها”.
وتزامن دخول الحشد إلى الساحل الأيسر من الموصل، مع معلومات تؤكد تعرض منازل في أحياء “الزهور” و”الكرامة” و”الانتصار”، في المدينة إلى عمليات نهب من قبل مسلحين.
كما تزامنت مع تعرض قوة تابعة للبيشمركة في منطقة سنجار، شمال غرب الموصل، إلى قصف صاروخي نفذته كتائب حزب الله التابعة للحشد الشعبي.
وعلى بعد نحو 80 كم من مركز الموصل، قام القيادي البارز في الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، الثلاثاء، بزيارة إلى قوة “بابليون” المتمركزة في عدد من قرى سهل نينوى.
و”بابليون” هو فصيل مسلح يتكون من مقاتلين مسيحيين، ضمن قوات الحشد الشعبي.
صحيفة العرب اللندنية