يبدو ان الحدث ألابرز بأحداث الحرب على الدولة السورية بمطلع عامها الخامس ،وبالتزامن مع توسع رقعة انتصارات الجيش السوري على الارض السورية،هو الحدث الذي تم مؤخرآ بتركيا وتمثل بوضع اللمسات الاخيرة لمشروع تدريب المعارضة السورية في معسكرات خاصة بتركيا والسعودية وقطر وبمرجعية أمريكية -فرنسية -بريطانية،ويتمثل بتدريب خمسة عشرالفآ من المسلحيين على مدى ثلاث سنوات أعتبارآ من العام الحالي 2015 وبمعدل تدريب 5000الأف مسلح على ألاقل لكل عام ،مع تعهد واشنطن وحلفائها بحماية كاملة لهؤلاء المسلحيين داخل الاراضي السورية وخصوصآ بمناطق شمال وشمال شرق سورية ،وهذا مايؤكد أن هناك مشروع ما يستهدف أقامة مناطق عازلة بأقصى شمال وشمال شرق سورية من جهة الحدود التركية مع سورية،ومن هنا يقرأ بعض المطلعين أن دعوة روبرت فورد السفير الامريكي السابق بسورية والتي سبقها دعوة جون ماكين للقيادة ألامريكية للتحرك بأتجاه عمل بري عسكري بسورية بحجة دعم المعارضة السورية المتهالكة ما هو إلا جزء من مشروع ما يعد لضرب الدولة السورية ويعد له الجمهوريين “الراديكاليين” بالشراكة مع بعض الاطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بالحرب على سورية.
فبعد أن ضمن الجمهوريين “الراديكاليين” غالبية مقاعد الكونغرس الامريكي ، أعلن السيناتور الأمريكي الجمهوري جون ماكين بمطلع العام الحالي ،عن لقاءه بعدد ممن سماهم “مقاتلي الجيش الحر” في مدينة أورفه التركية ، وقد سبق لماكين أن أجرى مجموعة لقاءات سابقة مع ما يسمى “بالقوى المسلحة المعتدلة “كان أشهرها عندما دخل سورية، عام 2013، والتقى مع أعضاء” المجلس العسكري الأعلى لميليشيا الجيش الحر “، مع العلم أن ماكين قد بذل بالفترة الماضية جهودآ كبيرة وسعى لإقامة منطقة الحظر الجوي في سورية، وتزويد الميليشيات المسلحة بالسلاح والمال والمقاتلين، كما سربت بعض وسائل أعلام تركية أخبارآ تؤكد لقاء ماكين وعدد من قادة جمهوريي الكونغرس بعدد من قادة ما يسمى بجبهة النصرة بالشمال السوري وهذا اللقاء تم بمدينة أورفة التركية، كما تسرب وسائل الاعلام التركية أنه تم بالفترة ألاخيرة عقد عدة لقاءات جمعت ماكين مع أبرز المسؤوليين الاتراك ، كان أخرها لقاءه مع رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان بألايام الاخيرة من الربع الاخير من عام 2014، والواضح هنا أن مناورة الجمهوريين الاخيرة ,يدعمها سعي فرنسي – سعودي –تركي لتشديد الضغط العسكري على القيادة السياسية والعسكرية السورية,لدفعها لتقديم تنازلات كبرى .
فاليوم ,,لايمكن الحديث أبدآ عن ان امريكا وحلفائها قد قامو بأعادة دراسة لستراتيجيتهم للحرب بسورية ،، من دون وجود مؤشرات توحي بذلك ،، فهم ما زالو يدربون ويسلحون عشرات الآلاف من المسلحين الذين يقاتلون الجيش السوري ،، وهم اليوم يعدون العدة لمعارك كبرى سنعيش تفاصيلها قريبآ كما تسرب وسائل الاعلام الغربية بشمال وجنوب سورية ،، كما ان أمريكا وحلفائها ما زالو يحتفطون بورقة الائتلاف السوري كورقة رابحة، وليس كما يعتقد البعض أن الأئتلاف السوري المعارض قد أنتهت مدة صلاحيته بالغرب، كما أن امريكا وحلفائها ما زالو يمارسون دورهم بالحصار الاقتصادي على الدولة السورية، كما انهم ما زالو يسعون لتعطيل أي مسار او حل يضمن تحقيق حل سياسي للازمة السورية، فهذه المؤشرات جميعها توحي أن لا تغيير بأستراتيجية أمريكا بحربها على الدولة السورية ،، ومن هنا فأن جميع ألاقاويل والتحليلات التي تؤكد حدوث تغيير ما ،، ماهي الا تحليلات فارغة من أي مضمون .
فاليوم وبمطلع العام الخامس للحرب على سورية بكل أركانها، فقد عادت أمريكا وحلفائها لتكرار نفس أسطوانتها المشروخة والتي تكررها منذ أربعة اعوام والى اليوم ومضمونها كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي “ كما قلنا منذ وقت طويل، على الاسد ان يرحل ويتم استبداله عبر انتقال سياسي وتفاوضي يمثل الشعب السوري”،وهذا مايدحض بشكل قطعي رهان بعض المحللين والمتابعين الذين تحدثوا بالفترة الاخيرة على أن صمت واشنطن بالفترة الاخيرة عن معظم الاحداث التي تجري بسورية ، هو قبول بسياسة ألامر الواقع وأن واشنطن قد أقرت بهزيمتها فوق الاراضي السورية ، ولكن حقائق الواقع وخفايا ماوراء الكواليس تدحض كل هذه التحليلات ،والدليل هنا أن الرئيس الامريكي باراك أوباما تحدث تحت ضغط جمهوري كبير بتصريحات سربتها وسائل أعلام أمريكية بنهاية شهر تشرين ثاني 2014 وتقول هذه التصريحات أن ألرئيس ألامريكي باراك أوباما طلب من مستشاريه اجراء مراجعة لسياسة ادارته بشأن سورية، بعد ان توصل إلى انه ربما لن يكون من الممكن انزال الهزيمة بمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بدون إزاحة الرئيس السوري بشار الاسد “،، وهذا ما يعني أن امريكا مازالت مصرة على موقفها من حيث عدم اعترافها بشرعية الرئيس بشار ألاسد، وما زالت تسعى وبقوة لاسقاط النظام السوري.
أما بألاحداث الميدانية السورية بمطلع عامها الخامس ,فيبدو واضحآ أن مجريات الميدان السوري ومسار المعارك على الارض لايوحي أبدآ بامكانية الوصول إلى حل سلمي او حل سياسي للأزمة السورية بسهولة ، فما زالت المعارك تدور على الارض وبقوة وزخم اكبر ، ومع دوي وارتفاع صوت هذه المعارك، يمكن القول أنه بهذه المرحلة لاصوت يعلو على مسار الحسومات العسكرية لجميع الاطراف،من الشمال ألى الجنوب مرورآ بالشرق السوري ,فالمعارك تسير بعكس عقارب الحلول السياسية ,فكلما سمعنا مؤشرات عن حل سياسي يأتي من هنا وهناك ،نرى حالة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مختلف الجبهات السورية المشتعلة،وهذا مايؤكد حتمية ان خيارات الحسم الميداني وميزان القوة بالميدان هو من سيحسم بالنهاية المعركة على الارض السورية .
فاليوم من الواضح ان ألاحداث بسورية بمطلع عامها الخامس ,تعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بسورية ومجموعة من الرهانات المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للاحداث الميدانية على الارض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو سياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة وجملة مواضيع اخرى ليس اولها ولا آخرها الرهان على دور ما لمصر في المرحلة المقبله قد يقلب المعادلة في المنطقة ويعيد خلط الاوراق فيها من جديد إلى أقصى الحدود ،، وهذا مايوحي بمسار تعقيد شائك دخلته الازمة السورية بمطلع عامها الخامس ،، فطرق الحل والتسويات بسورية تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والرد قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية – الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور للأزمة السورية.
هذه العوامل بمجملها أثرت بشكل ملموس على حياة المواطن السوري بداخل سورية وحتى اللأجى الى دول جوارها ,,فبمطلع العام الخامس للأزمة السورية فما زالت حرب الإبادة التي تمارسها قوى مختلفة على ارض سورية وبحق شعب سورية مازالت شاهده على اجرام الكثير من قوى العالم بحق سورية وشعبها ، فمن جبل الشيخ الى حلب الى حماه الى القنيطرة الى الرقة الى دير الزور، إلى حمص الى دمشق،ألى اللأذقية ودرعا والحسكة ، ومختلف بقاع الجغرافيا السورية ، فما زالت نار ألازمة تضرب بقوة كل مقومات العيش بحده الادنى للمواطن السوري،والناظر لحال الكثير من السوريين داخل وخارج سورية ،يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن السوري فاليوم بسورية هناك مدن بأكملها لايوجد بها لا ماء ولاكهرباء ولا حتى طحين وان وجد الطحين يوجد بشكل مقنن ويستفيد منه بشكل واسع ما يسمى “بتجار ألازمة او تجار الحرب السوريين”لا فرق بذلك كما يقول السوريين ،فهؤلاء هم جزء من الحرب على سورية ولكن بوجوه وصور مختلفة ،ومن هنا فمن الواضح من حجم الدمار والخراب وحجم الدماء الهائل التي دفعها السوريين ان الخاسر الوحيد من كل ما يجري بسورية هو الشعب السوري والشعب السوري فقط .
ختامآ ،فأن دخول ألازمة السورية بعامها الخامس ،يؤكد بما لايقبل الشك ان أي حديث عن مؤتمرات هدفها الوصول الى حل سياسي للأزمة السورية ماهو بالنهاية إلا حديث وكلام فارغ من أي مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع ، فامريكا وحلفائها بالغرب وبالمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي الى إسقاط الدولة السورية ونظامها ، والواضح ان الازمة السورية ستستمر ألى عام اخر على الاقل بنفس وتيرتها التي نعيشها اليوم ، وإلى حين اقتناع أمريكا وحلفائها بحلول وقت الحلول للأزمة السورية ستبقى سورية تدور بفلك الصراع الدموي، إلا أن تقتنع أمريكا وحلفائها ان مشروعهم الساعي الى تدمير سوريا قد حقق جميع أهدافه، أو أن تقتنع بإنهزام مشروعها فوق الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين سننتظر مسار المعارك على الارض لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار الحلول المستقبلية للحرب على الدولة السورية ،وعلى الشعب السوري الخاسر الوحيد من مسار هذه الحرب المفروضة عليه …
راي اليوم