اطلق وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري”، أمس (الاثنين)، تصريحًا أثار سخط الكثيرين عن أن “الولايات المتحدة ستكون مضطرة للتحاور مع الأسد“. فيما تزامن هذا التصريح مع قصف قوات الأسد لـ “سرمين”، بريف إدلب، وسقوط ضحايا عبر الاختناق والعديد من الإصابات، قال ناشطون سوريون إنه يعتقد أنه غاز الكلور. هذا، إلى جانب استمرار قوات الأسد في قصف المدن المأهولة بالمدنيين بدون توقف منذ 2011، وحتى لحظة صدور تصريح كيري.
وقوبلت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي، في مقابلة مع تليفزيون “سي. بي. إس”، بانتقادات سريعة من الحلفاء الأوروبيين والعرب.
ووفقًا لوكالة رويترز للأنباء، قال كيري عندما سئل عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مع الأسد: “ينبغي علينا التفاوض في نهاية المطاف“. وأضاف: “كنا على استعداد دومًا للتفاوض في سياق عملية جنيف“، وذلك في إشارة إلى المؤتمر الذي عقد في 2012 بهدف تدشين مرحلة انتقالية عن طريق التفاوض لإنهاء الصراع. كما ذكر كيري أن الولايات المتحدة ودولًا أخرى (لم يحددها) تبحث سبل إحياء العملية الدبلوماسية لإنهاء الصراع في سوريا.
الحل السياسي وتغيير الحسابات
فبعد أن كانت الولايات المتحدة تتأهب لضرب النظام في دمشق، عام 2013، ومرورًا بإنشائها للتحالف العالمي لضرب تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف، تصل اليوم إلى الإقرار بشرعية المفاوضات، رغم كل الخسائر في الأرواح في صفوف المدنيين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي: “لِحَمل نظام الأسد على التفاوض، لا بد أن نوضح له أن هناك تصميمًا من الجميع من أجل السعي لحل سياسي وتغيير حساباته بشأن المفاوضات“. وأضاف كيري قائلًا: “وهذا الأمر يجري الآن، أنا مقتنع بأنه بفضل جهود حلفائنا وآخرين، ستكون هناك ضغوط متزايدة على الأسد“، ومن ثم، فإنّ تصريحات كيري تعد أوضح إشارة على أن واشنطن أخذت تقبل بحقيقة أن سياستها تجاه سوريا لم تفض إلى نتيجة.
فمن الواضح أن واشنطن أيقنت أن الإطاحة بالأسد معناها أن المستفيد الرئيس من غيابه تنظيم “الدولة الإسلامية”، وكانت بعض دول الخليجية ترى في النموذج اليمني باقتسام السلطة هو الحل. ولكن، بعد فشل المبادرة الخليجية، وسيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة في اليمن؛ جعل هذه الدول تتراجع بعد أن ثبت فشل حل اقتسام السلطة.
العملية الدبلوماسية
وزير الخارجية الأمريكية قال إن واشنطن وبلدانًا أخرى (لم يسمها) تدرس الطرق الكفيلة بإحياء العملية الدبلوماسية في سوريا. وأضاف: “ما نسعى إليه هو حمله (أي الأسد) على القيام بهذا (التفاوض)، وقد يتطلب الأمر ممارسة ضعوط متزايدة وبأشكال مختلفة بهدف القيام بذلك“. ومضى كيري للقول: “لقد أوضحنا تمام الوضوح أننا نبحث عن خطوات من شأنها أن تقود إلى ممارسة هذه الضغوط“.
رئيس النظام السوري
أمّا رئيس النظام السوري، بشار الأسد، فجاء رده على “كيري” سريعًا بأنه ينتظر التفاوض، وقال: “مازلنا نستمع لتصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال، وعندها نقرر“. وفي تصريحات خاصة للتليفزيون الإيراني، نقلها موقع التليفزيون السوري على الإنترنت، قال بشار الأسد: “أي تغيرات دولية تأتي في هذا الإطار هي شيء إيجابي إن كانت صادقة، وإن كانت لها مفاعيل على الأرض“. وردًا على سؤال حول تغير مواقف بعض الدول الأساسية المعادية لسوريا، التي تقول اليوم إنه لا حل في سوريا إلا ببقاء الأسد، والحوار معه أجاب: “سواء قالوا يبقى أو لا يبقى.. الكلام في هذا الموضوع هو للشعب السوري فقط، لذلك؛ كل ما قيل عن هذه النقطة تحديدًا منذ اليوم الأول للأزمة، حتى هذا اليوم بعد أربع سنوات لم يكن يعنينا من قريب ولا من بعيد“.
وأضاف: “في هذا الإطار كنا نستمع للشعب السوري، نراقب ردات فعل الشعب السوري.. تطلعاته.. طموحاته.. وكل ما له علاقة بهذا الشعب. أي شيء أتى من خارج الحدود كان مجرد كلام، وفقاعات تذهب، وتختفي بعد فترة، فلا يهم إن قالوا يذهب أو يبقى، أم غيروا أم لم يغيروا.. المهم الواقع كيف كان يسير“.
المعادلة الإقليمية والدولية
وبشأن رؤيته للمرحلة القادمة بالنسبة للوضع في سوريا والمعادلة الإقليمية والدولية في وقت بدأت فيه دول غربية تتواصل مع الحكومة السورية، تابع: “بالنسبة للوضع في سوريا لا يوجد لدينا خيار سوى أن ندافع عن وطننا، لا توجد خيارات ولم يكن لدينا خيار آخر منذ اليوم الأول بالنسبة لهذه النقطة“، واعتبر أن “أي تغيرات دولية تأتي في هذا الإطار هي شيء إيجابي إن كانت صادقة، وإن كانت لها مفاعيل على الأرض“.
واستدرك بالقول: “ولكنها تبدأ أولا بوقف الدعم السياسي للإرهابيين، وقف التمويل، وقف إرسال السلاح، وبالضغط على الدول الأوروبية وعلى الدول التابعة لها في منطقتنا والتي تقوم بتأمين الدعم اللوجيستي والمالي وأيضًا العسكري للإرهابيين، عندها نستطيع أن نقول إنّ هذا التغير أصبح تغيرًا حقيقيًا“.
أما الخارجية الفرنسية، قالت إنه “بعد أربع سنوات من النزاع ومقتل 220 ألف شخص، وبعد التطور الكبير للإرهاب، من الواضح بالنسبة لنا أن (رئيس النظام السوري) بشار الأسد لن يدخل في إطار التسوية“. وأضافت في بيان لها: “هدفنا تسوية سياسية للوضع في سوريا على أساس التفاوض بين كافة الأطراف من أجل إنشاء حكومة وحدة“.
وتابعت الخارجية الفرنسية أن “هذا الأمر (التسوية) يتطلب جمع بعض شخصيات النظام الموجود حاليًا وشخصيات من الائتلاف وبعض شخصيات المجتمع السوري المعروفة باعتدالها والتي تحترم كافة الطوائف في سوريا “، دون تحديد أسماء بعينها. ولفتت إلى تشجيعها جهود ستيفان دي ميتسورا، المبعوث الأممي إلى سوريا، في هذا الاتجاه، وجاء بيان الخارجية الفرنسية غداة تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
وردًا على تصريحات “كيري”، أكد وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس”، من جهته، رفض بلاده القاطع للتفاوض مع نظام بشار الأسد.
وقال “فابيوس”، في ختام اجتماع في بروكسل، إن التفاوض مع الأسد يعني “تقديم هدية مشينة وهائلة لتنظيم الدولة الإسلامية“. وقال: “ملايين السوريين الذين اضطهدهم الأسد سيدعمون (داعش). وهذا بالضبط ما يجب تفاديه“. وأضاف: “لا مستقبل لديكتاتور وحشي مثل الأسد في سوريا“.
فيما أبدى “تشاووش أوغلو”، وزير الخارجية التركي، استياء بلاده من التصريح، وقال: “ماذا يمكن بحثه مع الأسد؟ هل تنوون إجراء مفاوضات مع النظام الذي قضى على أكثر من 200 ألف شخص واستخدم السلاح الكيميائي؟“.
وكرد رافض لتصريحات “كيري”؛ أنشأ مغردون وسم “#KerryNoNegoWithKiller” على موقع تويتر، ذكر فيه أحد المغردين، وهو “مشعل المانع”، أن: “أمريكا بصقت في وجه العرب من خلال هذا التصريح!“.
المعارض السوري “جعارة” يعبّر عن التصريح بأنه “تحالف الخنازير”:
فيما قال الناشط السوري “خالد أبو صلاح” ساخرًا:
فيما يتحدث الصحفي “مأرب الود” عن صفقة بين الجانبين:
“مؤسسات الدولة، وليس الأسد!”، يقول المعارض “أحمد زيدان”:
ويضيف:
“على المعارضة أن تلقم كيري صخرة”، يؤكد:
المعارض ورئيس حركة العمل الوطني “أحمد رمضان”، يقول:
“لابد من مواجهة الرأس”، يقول “عبد العزيز المغيرة”:
“فهو قاتل مثله”.. يقول “أحمد الكندري”:
“سهير” تتحدث عن ضوء أخضر جديد:
“عبد الرحمن النجدي” يتحدث عن “مسرحية هزيلة”:
ومن بين المغردين من طالب كيري بالتراجع عن تصريحاته، ومنهم من سخر من كذب أمريكا المستمر منذ أربع سنوات إزاء موقفها من نظام الأسد.
“أبو الليث” فضل السخرية على الاستجداء، ووضع صورة تظهر إضافة الكاتشب إلى “أكاذيب الحرية”.
وبدوره، كان المستخدم التالي أكثر مباشرة، وأظهرت صورته “جون كيري” متسائلًا: “هل تريد بعض الكاتشب مع هذه الأكاذيب؟”.
وأما “بنت حماة” ففضلت أن تكون جادة أكثر، واستخدمت أكثر الأرقام إيلامًا، وهو رقم الربع مليون قتيل في الحرب السورية، لإيصال رسالتها في أن المفاوضات مع الأسد مرفوضة تمامًا.
وبدوره، يقول “فيصل القحطاني” إن جواب كيري على هذا الهاشتاق هو: “ألم تسمعوا ما قلته في مصر، أم ظننتم أنها زلة لسان؟ أفيقوا أيها السنة”.
نقلا عن صحيفة التقرير