المقالات التي كُتبت عن تنظيم «داعش» الإرهابي من قبل الكتّاب العرب وغيرهم منذ صعود نجمه حتى أفوله ربما تُعد بالآلاف، ومعظمها لم يكن حول تكوينه ونشأته وأفكاره وأهدافه ومموليه وداعميه ومسلّحيه ومسهّلي تنقلاته. لم يتم الحديث عنه كظاهرة بزغت كنبت شيطاني فجائي دون مقدمات، كأنه هبط من السماء، وهو في الواقع ليس كذلك مطلقاً، لم يهبط من السماء، ولم يبزغ كمعجزة أو نبت شيطاني سريع، فهو سليل تنظيم القاعدة الذي يتشكل كالحرباء وفق البيئة والهدف، ويستخدم تكتيكات ذكية، ويعيد تشكيل نفسه بطرق ابتكارية. هذا التنظيم، أي القاعدة، الذي نشأ بدعم استخباري ولوجستي أمريكي، وبتأييد ودعم وتحشيد أنظمة أخرى، هدفه محاربة الاتحاد السوفييتي (الشيوعي الكافر) الذي أراد احتلال أفغانستان (المؤمنة المسلمة)، وحين تمت هزيمة الاتحاد السوفييتي، تمرّد التنظيم، أو ربما أعطيت له أوامر كي يتمرد، ويرتكب الحماقات التي ستأتي لاحقاً بالجيش الأمريكي إلى أفغانستان بدلاً من جيش الاتحاد السوفييتي، وليتحول تنظيم القاعدة إلى محاربة الجيش الأمريكي، حيث لا يزال يحاربه حتى الآن.
لقد اعترفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، قبل ست سنوات، (ويمكن مشاهدة الفيديو هنا https://www.youtube.com/watch?v=BBuC0c1yHBE
) وهو منشور في العام 2012، وتقول فيه (ونحن لدينا تاريخ في التحرك داخل باكستان وخارجها، ودعونا نتذكر هنا، أن الذين نقاتلهم اليوم، نحن أوجدناهم ودعمناهم ومولناهم، بموافقة الرئيس ريجان وبمشاركة الكونجرس..) وتفاصيل أخرى مفاجئة أيضا، حيث تتحدث عن كيفية استقطاب المجاهدين، وإلى أي مذهب ينتمون وغيرها.
ولا نحتاج إلى بحث كثير لنكتشف أن المجموعات التي كانت تعمل تحت إمرة «القاعدة»، أو هي جزء من «القاعدة» قد بايعت «داعش» فور الإعلان عن نفسه، ولم تكن مبايعاتهم عمليات انشقاق عن «القاعدة»، وإنما كما نعتقد بأوامر من «القاعدة» نفسها. وقد نشر موقع (24.ae) تقريراً بتاريخ 15 مارس/آذار 2015 ذكر في حلقته الثالثة أسماء الجماعات التي كانت تعمل تحت لواء «القاعدة» وبايعت «داعش» وهي: جانب أوزبكي منشق من كتيبة الإمام البخاري في سوريا، أنصار الشريعة في غزة، «مجاهدو اليمن» في اليمن، جماعة «جند الله» في باكستان، «أنصار الدولة الإسلامية» في أرض الحرمين الشريفين، وهذه الجماعات بايعت «داعش» في فترات قريبة، في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014، وهناك جماعات أخرى مثل، أنصار القاعدة (أنصار الدولة الإسلامية) في اليمن، بايعت «داعش» في فبراير/شباط من العام 2015، و«بوكو حرام» (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد) في نيجيريا، وبايعت «داعش» في السابع من مارس/آذار 2015، وحركة «أنصار الدين» في مالي، لم يتم ذكر تاريخ المبايعة. وهناك تسجيل لأيمن الظواهري خليفة أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة، يصف أبا بكر البغدادي بأمير المؤمنين ويشيد بعمله في العراق، ويقول محمد الجولاني في تسجيل آخر إنه أنشأ «جبهة النصرة» بأمر من أبي بكر البغدادي.
ونلاحظ أن الجماعات المختلفة بايعت «داعش» خلال ثلاثة أشهر، وبذلك أصبح لديها قوة ضاربة من المقاتلين، وكان تنظيم «داعش» قد احتل مدينة الموصل العراقية بعد تلك المبايعات في مطلع يونيو/حزيران 2014 بعد تواطؤ قيادات أمنية فيها، ربما وصلهم أمر من جهات متحكمة بالعراق بإخلاء المدينة وترك الأسلحة المتطورة التي تسلح جيشاً. وأصبح لدى التنظيم قوة عسكرية ضخمة، دبابات وصواريخ وعربات جديدة جداً، ما مكنه خلال عامين من إعلان دولة لها مؤسسات وعملة وبطاقات ممغنطة وغيرها. وهذا في الواقع لا يتم مع التنظيمات الثورية التي تستند إلى موارد الشعب أو الناس، ولكن يتم مع التنظيمات (المصنوعة والمخلوقة). والمصنوع يتحلل ويتلاشى إذا سحب الصانع دعمه، ولهذا، نجد «داعش» الذي شكل أسطورة في وقت ما، ينهار في جبهات عديدة في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها.
وأمام عشرات الآلاف من المقاتلين، المسلحين تسليحاً جيداً، انطلقت تساؤلات عن مصادر تمويل «داعش»، فظهرت الإجابة مباشرة من أن التنظيم يعتمد على بيع النفط والآثار وجباية الضرائب من الناس المقيمين تحت سلطته، وهي إجابات معدة مسبقاً. وللعلم قالت هيلاري كلينتون في أحد التسجيلات إن البيت الأبيض أبقى على «القاعدة» لاحتمال استخدامها في وقت آخر، وقد أزف الوقت وتم تقديم «القاعدة» بنسخة سموها «داعش» لتعيث في الوطن العربي تقتيلاً وفساداً، وتسهل تقسيمه وفق تصورات للشرق الأوسط الجديد، ونجح إلى حد ما في تمهيد الأرضية لتغيير ديمغرافي وجغرافي في المنطقة العربية، وسنرى قريباً دولة كردية في وسط الوطن العربي، تتبعها كيانات أخرى.
قد ينتهي تنظيم «داعش» وتتوقف معاركه التقليدية، لكن صانعيه لن يتوقفوا عن تمزيق الوطن العربي، والأيام القادمة حبلى بالأخبار والأسرار، وهذا يتطلب صحوة عربية جذرية لرؤية الحقيقة مجردة من أي شيء، وتأكيد حقيقة مؤكدة بكل البراهين، إذ ليس أمام العرب سوى إعادة تنظيم صفوفهم، والاعتماد على أنفسهم في إدارة سياساتهم، ليتجنبوا نتائج أكبر مما فعله «داعش» في العراق وسوريا وليبيا وغيرها.
لقد اعترفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، قبل ست سنوات، (ويمكن مشاهدة الفيديو هنا https://www.youtube.com/watch?v=BBuC0c1yHBE
) وهو منشور في العام 2012، وتقول فيه (ونحن لدينا تاريخ في التحرك داخل باكستان وخارجها، ودعونا نتذكر هنا، أن الذين نقاتلهم اليوم، نحن أوجدناهم ودعمناهم ومولناهم، بموافقة الرئيس ريجان وبمشاركة الكونجرس..) وتفاصيل أخرى مفاجئة أيضا، حيث تتحدث عن كيفية استقطاب المجاهدين، وإلى أي مذهب ينتمون وغيرها.
ولا نحتاج إلى بحث كثير لنكتشف أن المجموعات التي كانت تعمل تحت إمرة «القاعدة»، أو هي جزء من «القاعدة» قد بايعت «داعش» فور الإعلان عن نفسه، ولم تكن مبايعاتهم عمليات انشقاق عن «القاعدة»، وإنما كما نعتقد بأوامر من «القاعدة» نفسها. وقد نشر موقع (24.ae) تقريراً بتاريخ 15 مارس/آذار 2015 ذكر في حلقته الثالثة أسماء الجماعات التي كانت تعمل تحت لواء «القاعدة» وبايعت «داعش» وهي: جانب أوزبكي منشق من كتيبة الإمام البخاري في سوريا، أنصار الشريعة في غزة، «مجاهدو اليمن» في اليمن، جماعة «جند الله» في باكستان، «أنصار الدولة الإسلامية» في أرض الحرمين الشريفين، وهذه الجماعات بايعت «داعش» في فترات قريبة، في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014، وهناك جماعات أخرى مثل، أنصار القاعدة (أنصار الدولة الإسلامية) في اليمن، بايعت «داعش» في فبراير/شباط من العام 2015، و«بوكو حرام» (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد) في نيجيريا، وبايعت «داعش» في السابع من مارس/آذار 2015، وحركة «أنصار الدين» في مالي، لم يتم ذكر تاريخ المبايعة. وهناك تسجيل لأيمن الظواهري خليفة أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة، يصف أبا بكر البغدادي بأمير المؤمنين ويشيد بعمله في العراق، ويقول محمد الجولاني في تسجيل آخر إنه أنشأ «جبهة النصرة» بأمر من أبي بكر البغدادي.
ونلاحظ أن الجماعات المختلفة بايعت «داعش» خلال ثلاثة أشهر، وبذلك أصبح لديها قوة ضاربة من المقاتلين، وكان تنظيم «داعش» قد احتل مدينة الموصل العراقية بعد تلك المبايعات في مطلع يونيو/حزيران 2014 بعد تواطؤ قيادات أمنية فيها، ربما وصلهم أمر من جهات متحكمة بالعراق بإخلاء المدينة وترك الأسلحة المتطورة التي تسلح جيشاً. وأصبح لدى التنظيم قوة عسكرية ضخمة، دبابات وصواريخ وعربات جديدة جداً، ما مكنه خلال عامين من إعلان دولة لها مؤسسات وعملة وبطاقات ممغنطة وغيرها. وهذا في الواقع لا يتم مع التنظيمات الثورية التي تستند إلى موارد الشعب أو الناس، ولكن يتم مع التنظيمات (المصنوعة والمخلوقة). والمصنوع يتحلل ويتلاشى إذا سحب الصانع دعمه، ولهذا، نجد «داعش» الذي شكل أسطورة في وقت ما، ينهار في جبهات عديدة في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها.
وأمام عشرات الآلاف من المقاتلين، المسلحين تسليحاً جيداً، انطلقت تساؤلات عن مصادر تمويل «داعش»، فظهرت الإجابة مباشرة من أن التنظيم يعتمد على بيع النفط والآثار وجباية الضرائب من الناس المقيمين تحت سلطته، وهي إجابات معدة مسبقاً. وللعلم قالت هيلاري كلينتون في أحد التسجيلات إن البيت الأبيض أبقى على «القاعدة» لاحتمال استخدامها في وقت آخر، وقد أزف الوقت وتم تقديم «القاعدة» بنسخة سموها «داعش» لتعيث في الوطن العربي تقتيلاً وفساداً، وتسهل تقسيمه وفق تصورات للشرق الأوسط الجديد، ونجح إلى حد ما في تمهيد الأرضية لتغيير ديمغرافي وجغرافي في المنطقة العربية، وسنرى قريباً دولة كردية في وسط الوطن العربي، تتبعها كيانات أخرى.
قد ينتهي تنظيم «داعش» وتتوقف معاركه التقليدية، لكن صانعيه لن يتوقفوا عن تمزيق الوطن العربي، والأيام القادمة حبلى بالأخبار والأسرار، وهذا يتطلب صحوة عربية جذرية لرؤية الحقيقة مجردة من أي شيء، وتأكيد حقيقة مؤكدة بكل البراهين، إذ ليس أمام العرب سوى إعادة تنظيم صفوفهم، والاعتماد على أنفسهم في إدارة سياساتهم، ليتجنبوا نتائج أكبر مما فعله «داعش» في العراق وسوريا وليبيا وغيرها.
د.عبدالله السويحي
صحيفة الخليج