طغت حمى المعركة الانتخابية داخل لبنان على سخونة المشهد الإقليمي، فمع اقتراب موعد الاستحقاق الذي لم يعد يفصل عنه سوى أيام قليلة، يحاول كل طرف سياسي جاهدا استقطاب أكبر عدد من الناخبين، لحجز أكبر قدر من المقاعد في مجلس النواب المقبل، وسط خشية من مفاجآة غير منتظرة على ضوء القانون الجديد القائم على النسبية زائد الصوت التفضيلي.
وتصور القوى السياسية هذه الانتخابات على أنها مسألة حياة أو موت، فلا تكاد تخلو خطابات السياسيين من مصطلحات الحرب والمواجهة والمقاومة، ما يعكس مدى الرهان على هذا الاستحقاق الذي سيشكل المشهد السياسي اللبناني للسنوات الست المقبلة.
ويقول متابعون إن الجميع يبدو في حال استنفار تام في لبنان استعدادا ليوم 6 مايو الجاري، وكأن بالبلد تحول إلى جزيرة شبه معزولة عن محيطها الخارجي الذي يشهد تصعيدا خطيرا قد ينعكس بشكل خطير على لبنان لجهة احتدام الصراع الإسرائيلي الإيراني على الأرض السورية، وإمكانية أن تدفع طهران بحزب الله إلى مقدمة المواجهة مع إسرائيل في حال خرجت الأمور عن السيطرة.
ويشير هؤلاء إلى أن الأطراف السياسية في لبنان تحاشت التطرق إلى ما يحدث في الجوار في جولاتها وخطاباتها، فيما يشبه التفاهم الضمني في ما بينها حول عدم الولوج إلى ساحات محل خلاف متأصل والتركيز في مبارازتها الانتخابية على الوضع الداخلي، وهو ما يهم المواطن بالدرجة الأولى.
بالمقابل يرى كثيرون أن المعركة الانتخابية في لبنان هي جزء من معركة إقليمية أشمل، ستحدد مصير لبنان وتوجهاته السياسية في المنطقة؛ إما الاقتراب أكثر من محور إيران
وإما إعادة التوازن لعلاقات البلد بمحيطه العربي.
ويستدل هؤلاء بسعي الثنائية الشيعية الممثلة في حزب الله وحركة أمل إلى إخراج تيار المستقبل ضعيفا من المعركة الانتخابية من خلال سعي لاختراق التيار الأزرق في معاقله الرئيسية وعلى رأسها العاصمة بيروت وتحديدا في دائرة بيروت الثانية التي يترشح فيها الرئيس سعد الحريري، وتعتبر أكبر الدوائر من حيث عدد المقاعد البالغ 11 مقعدا.
وخلال حفل تكريمي لعمال المستقبل حضره مرشحو تيار المستقبل عن دائرتي بيروت قال الرئيس سعد الحريري الثلاثاء “نحن اليوم أمام مرحلة جديدة، وليس أمامنا خيار سوى أن نواجه ونربح”.
وشدد الحريري على أن “هذه الانتخابات ليست مصيرية فقط بالنسبة لسعد الحريري، إنها كذلك بالنسبة للبلد كله، لا يمكننا في 6 مايو أن نقول يا ليت. ولكي لا نصل إلى تلك الساعة، لا خيار أمامنا سوى أن نعلن النفير العام في كل المناطق”.
وكثفت الماكينة الانتخابية للمستقبل من تحركاتها بقيادة الحريري الذي ورغم التوصيات التي بلغته بضرورة تقليص مجال تحركاته إلا أنه يأبى الالتزام بذلك، في ظل إدراكه بأن هذه المعركة ستكون محددا أساسيا لمستقبله السياسي ومستقبل تياره.
وكانت مصادر قريبة من الحريري قد كشفت لوسائل إعلام محلية أن الأخير تلقى نصائح من مراجع أمنية عليا، تطالبه بالحد من جولاته الانتخابية خاصة في المناطق الواقعة في الأطراف.
صحيفة العرب اللندنية