قالت مصادر سياسية روسية مطلعة إن موسكو تلقت في الأيام الأخيرة رسائل من تل أبيب في مسعى لتبريد التوتر في العلاقات الروسية، بعد إدانة موسكو للغارات التي قامت بها إسرائيل ضد قاعدة تيفور في سوريا.
وأضافت المصادر أن موسكو وتل أبيب تبحثان عن نقطة توازن جديدة لتحديث التفاهمات السابقة حول مجال العمليات العسكرية الإسرائيلية في الميدان السوري.
ورأى محللون إسرائيليون أن إدانة موسكو للهجوم الإسرائيلي الذي قتل فيه سبعة إيرانيين أثار تكهنات في إسرائيل بأن صبر روسيا ربما بدأ ينفد، في الوقت الذي هاجمت فيه القوى الغربية سوريا بسبب ما تردد عن استخدامها لأسلحة كيمياوية في الهجوم على مدينة دوما في الغوطة الشرقية الشهر الماضي.
ونقلت مصادر إسرائيلية عن دوائر قريبة من وزارة الدفاع الإسرائيلية قلق تل أبيب من مراجعة محتملة قد تقوم موسكو بها لتفاهماتها العسكرية السابقة مع إسرائيل، والتي وضعت خلال اللقاءات المتعددة التي جمعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ونبه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان روسيا، الخميس، إلى قرار حكومته بعدم المشاركة في تطبيق العقوبات الغربية على موسكو، وطلب من موسكو “ردّ الجميل” بانتهاج سياسة أكثر دعما لمصالح إسرائيل في ما يتعلق بسوريا وإيران.
وجاء النداء الذي وجهه ليبرمان في أعقاب خطوة نادرة اتخذتها موسكو بتوجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل في ضربة جوية في سوريا في 9 أبريل الماضي، وفي وقت يدرس فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 في موعد أقصاه 12 مايو، وهو أمر تعارضه موسكو.
ورأى مراقبون أن تصاعد التوتر بين واشنطن وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى يرفع مستوى الضغوط على موسكو التي تعتبر نفسها حليفة لإيران في الشأن السوري، وأن عليها أن تحدد موقفا من تتالي القصف الإسرائيلي على مواقع سورية مختلفة.
ومنذ التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية لصالح الرئيس بشار الأسد عام 2015، غضت روسيا الطرف عن هجمات إسرائيلية على عمليات نقل للسلاح دارت حولها الشبهات ونشر قوات من إيران وحزب الله.
وقال ليبرمان في مقابلة مع صحيفة كوميرسانت الروسية “نحن نقدر هذه العلاقات مع روسيا”، مضيفا أنه “حتى عندما ضغط علينا شركاؤنا المقربون مثلما حدث في قضية العقوبات على روسيا فلم ننضم إليهم”، مشيرا بذلك إلى القوى الغربية التي اصطدمت بموسكو بسبب أزمة القرم وتسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا.
وتابع “دول كثيرة طردت في الآونة الأخيرة دبلوماسيين روسا. ولم تشارك إسرائيل في هذا التحرك”.
وتفصح تصريحات ليبرمان عن قلق إسرائيلي حيال موقف موسكو من رفض إسرائيل لأي نفوذ عسكري لإيران وميليشياتها داخل سوريا، ومن توجس إسرائيل من استمرار إيران في التخطيط لإنتاج قنبلة نووية وفق ما أعلنه نتنياهو في مؤتمر صحافي قبل أيام.
وقال ليبرمان “نحن نأخذ مصالح روسيا في الاعتبار ونرجو أن تأخذ روسيا مصالحنا في اعتبارها هنا في الشرق الأوسط. ونتوقع تفهما من روسيا ودعما عندما يتعلق الأمر بمصالحنا الحيوية”.
ويقول محللون روس إن تل أبيب تسعى لبعث رسائل باتجاه موسكو تؤكد من خلالها عدم اعتراضها على الأجندة الروسية في سوريا، خصوصا قبل قمة مرتقبة بين بوتين وترامب لم يحدد موعدها بعد، وأن الطرف الإسرائيلي يود التأكيد على أنه لن يكون طرفا في السجال بين موسكو وواشنطن.
وقال ليبرمان للصحيفة الروسية “ليست لدينا نية للتدخل في شؤون سوريا الداخلية. وما لن نتهاون فيه هو تحويل إيران لسوريا إلى طليعة ضد إسرائيل”.