بنغازي (ليبيا) – أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر في بيان عن شرطين رئيسيين لإعادة ضخ النفط الذي توقف منذ نحو أسبوعين، وهما إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في دعم المصرف للجماعات الإرهابية وأسباب إيقاف صرف مرتبات أفراد الجيش.
واعتبر مراقبون أن البيان الذي أصدرته القيادة العامة للجيش موجه بالأساس للقوى الكبرى التي مازالت تتعامل مع الصديق الكبير رغم إقالته مرارا من قبل البرلمان.
كما أعلنت القيادة العامة التزامها بنتائج اجتماع باريس، وحاولت طمأنة شركات النفط العالمية بشأن مصير الموانئ النفطية.
وكان حفتر أعلن منذ نحو أسبوعين تسليم إدارة الموانئ النفطية (تقع في المنطقة الشرقية) لمؤسسة في بنغازي موازية للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، في خطوة تهدف إلى تجفيف منابع الميليشيات الإرهابية وتوزيع عادل للثروة بين أقاليم البلاد.
وقال الناطق باسم الجيش أحمد المسماري مساء الأربعاء إن قواتهم “لديها أرقام الحسابات التي صرف من خلالها الصديق الكبير الأموال للإرهابيين”.
وأضاف “من بين تلك الأموال التي هي من إيرادات النفط الذي يؤمنه الجيش، 4 ملايين دينار لوسام بن حميد”.
وظهر بن حميد في بداية أحداث الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي ليتحول في ما بعد إلى قيادي بارز في تنظيم أنصار الشريعة الذي تحالف مع تنظيم داعش لمحاربة الجيش في مدينة بنغازي.
ويسيطر الجيش بقيادة حفتر على كامل المنطقة الشرقية وجزء من الجنوب، في حين تسيطر حكومة الوفاق مدعومة بميليشيات تتبع أغلبها تيار الإسلام السياسي على المنطقة الغربية.
وفي منتصف الشهر الماضي هاجمت ميليشيات متطرفة قادمة من المنطقة الغربية يقودها الآمر السابق لحرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران وبقايا ما يعرف بـ”سرايا الدفاع عن بنغازي” مدعومة بمقاتلين من المعارضة التشادية، منطقة الهلال النفطي ونجحت في السيطرة على ميناءي السدرة وراس لانوف.
بيان القيادة العامة موجه بالأساس للقوى الكبرى التي مازالت تتعامل مع الصديق الكبير رغم إقالته مرارا من قبل البرلمان
وكان الهجوم سببا في نفاد صبر الجيش الذي سرعان ما أعاد السيطرة على الموانئ، ليعلن في ما بعد إنهاء سيطرة حكومة الوفاق على موارد النفط. ويحرس الجيش الليبي منذ سبتمبر 2016 الموانئ النفطية التي كانت خاضعة لسيطرة إبراهيم الجضران الموالي لحكومة الوفاق.
وعاد نسق ضخ النفط إلى سالف نشاطه منذ سيطرة الجيش وحتى نهاية الشهر الماضي، حيث تجاوزت معدلات الإنتاج مليون برميل يوميا.
ومع ذلك لم يستعد الاقتصاد الليبي عافيته في الشرق الذي يتهم المصرف المركزي بتهميشه ولا في المنطقة الغربية حيث يعيش الليبيون ترديا في الأوضاع المعيشية مع تراجع القدرة الشرائية وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.
وتجاهل الصديق الكبير إقالة البرلمان له سنة 2014، لكن الغريب أن المجتمع الدولي استمر في التعامل مع المصرف رغم أن السلطات شرق البلاد كانت هي المعترف بها دوليا.
وعقب توقيع الاتفاق السياسي في ديسمبر 2015 الذي يدعمه المجتمع الدولي بقوة ولا يعترف به مجلس النواب، انتخب المجلس محمد الشكري محافظا جديدا للمصرف المركزي، لكن الكبير رفض تسليم المنصب واعتبر خطوة البرلمان غير قانونية باعتبار أن الاتفاق السياسي ينص على ضرورة توافق مجلسي النواب والدولة على هذه الخطوة.
ورفض عبدالرحمن السويحلي الرئيس السابق لمجلس الدولة حينئذ في تغريدة نشرها على صفحته الخطوة التي قام بها البرلمان، في حين لم يصدر أي موقف رسمي للمجلس.
ومجلس الدولة هو جسم استشاري انبثق عن اتفاق الصخيرات ويتكون من بقايا المؤتمر المنتهية ولايته، التي رفضت تسليم السلطة لمجلس النواب بعد انتخابات يونيو 2014، ويسيطر عليه الإخوان المسلمون خاصة بعد انتخاب خالد مشري القيادي في حزب العدالة والبناء رئيسا له.
ويتجاهل مجلس الدولة والمجلس الرئاسي شروط الجيش، في المقابل يحاول مصرف ليبيا المركزي استجداء مشاعر الليبيين عبر الترويج لإصلاحات اقتصادية يقول إن إيقاف ضخ النفط سيتسبب في عدم إنجازها.
وقال أمين سر مصرف ليبيا المركزي، فتحي عقوب، إن تحييد الموانئ والحقول النفطية من التجاذبات السياسية وإعادتها إلى المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، هو عنصر النجاح الأول لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
وشدد مدير إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، على أن المصرف المركزي يمضي قدما في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف عيسى في مؤتمر صحافي للمصرف المركزي بالعاصمة طرابلس، الخميس، أن التواصل مستمر مع المجلس الرئاسي، مؤكدا أنه شكل ثلاث لجان داخل المصرف لتنفيذ برنامج الإصلاحات.
العرب