وجاء هذا الموقف، رداً على ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الصادراتالنفطية الإيرانية ومعاقبة الدول التي تتعامل مع طهران، وذلك بالتنسيق مع السعودية لزيادة إنتاجها النفطي، بموازاة رفع روسيا حجم إنتاجها… فما أهمية هذا المضيق؟ من سيتضرر من إغلاقه؟ وما هو تاريخ هذا المضيق مع التهديدات؟
ممر استراتيجي
يعتبر مضيق هرمز ممراً مائياً استراتيجياً، لا بل هو أهم ممر ملاحي لنقل النفط في العالم إذ يمر منه نحو خمس استهلاك النفط العالمي يومياً، وثلث الإنتاج النفطي خاصة من دول الخليج، وهو شريان استراتيجي يربط منتجي الخام في الشرق الأوسط بالأسواق الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وأميركا الشمالية وغيرها.
تطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن الجزء الصالح للملاحة في المضيق يقع ضمن مياهها الإقليمية، وفق ما يشرح موقع وزارة السياحة العمانية.
وتعبر هذا المضيق 20 إلى 30 ناقلة نفط يومياً. ويبلغ عرض المضيق 50 كيلومترا، وعمق المياه فيه 60 مترا.
وتصدر السعودية 88 في المئة من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، والعراق 98 في المئة، والإمارات 99 في المئة، ويمر بالمضيق جميع نفط إيران والكويت كما تستخدم قطر هذا المضيق لتوريد معظم إنتاجها من الغاز المسال، وفق “بي بي سي”.
كذلك تعتبر اليابان أكبر مستورد للنفط عبر مضيق هرمز. وتقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن المضيق ممر لحوالي 18.5 مليون برميل في اليوم من النفط.
تهديدات متبادلة
تعهد الاتحاد الأوروبي، الذي كان أكبر مستورد للنفط من إيران، بالحفاظ على الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 رغم انسحاب الولايات المتحدة منه في محاولة للمحافظة على تدفق النفط والاستثمارات.
وهدد روحاني وبعض كبار القادة العسكريين في الأيام القليلة الماضية بمنع مرور شحنات النفط من دول الخليج إذا حاولت واشنطن وقف الصادرات الإيرانية. وقال قائد الحرس الثوري الإيراني اليوم الخميس إن قواته مستعدة لإغلاق مضيق هرمز، مشيدا بموقف روحاني “الصارم”.
ويفتقر الحرس الثوري الإيراني لقوات بحرية قوية، وفق “فرانس برس”، ويركز بدلا من ذلك على قدرات قتالية أخرى. فهو يملك العديد من الزوارق السريعة ومنصات محمولة لإطلاق صواريخ مضادة للسفن ويمكنه زرع ألغام بحرية.
ليست المرة الأولى
كان المضيق، وفق “رويترز” في قلب التوترات الإقليمية منذ عقود، وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها طهران مثل هذه التهديدات.
خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، سعى الجانبان إلى تعطيل صادرات النفط لبعضهما البعض عبر هرمز، فيما كان يعرف باسم حرب الناقلات.
وفي يوليو/ تموز عام 1988، أسقطت السفينة الحربية الأميركية “فينسينز” طائرة ركاب إيرانية فوق هرمز، مما أسفر عن مقتل 290 شخصاً على متنها فيما وصفته واشنطن بأنه حادث بعد أن ظن الطاقم أن الطائرة مقاتلة. لكن طهران اعتبرته هجوما متعمدا. وقالت الولايات المتحدة إن “فينسينز” كانت في المنطقة لحماية السفن المحايدة من هجمات البحرية الإيرانية.
وفي أوائل عام 2008، قالت الولايات المتحدة إن قوارب إيرانية هددت سفنها الحربية بعد أن اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأميركية في المضيق. وفي يونيو/حزيران 2008، قال محمد علي جعفري، القائد الأعلى للحرس الثوري، إن إيران ستفرض ضوابط على الشحن في المضيق إذا تعرضت للهجوم.
وفي يوليو/تموز 2010، تمت مهاجمة ناقلة نفط يابانية تدعى “إم ستار” في المضيق. وأعلنت جماعة مسلحة تدعى “كتائب عبد الله عزام” مرتبطة بتنظيم “القاعدة” مسؤوليتها عن الحادث.
وفي يناير/ كانون الثاني 2012، هددت إيران بغلق المضيق رداً على العقوبات الأميركية والأوروبية التي استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف البرنامج النووي. وفي مايو/أيار 2015، أطلقت السفن الإيرانية النار على ناقلة تحمل العلم السنغافوري، والتي قالت إنها دمرت منصة نفطية إيرانية، مما أدى إلى هرب السفينة، واستولت على سفينة حاويات في المضيق.
وأخيراً، في 3 يوليو/تموز 2018، ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن إيران قد تعطل تدفق النفط عبر المضيق استجابة لدعوات الولايات المتحدة لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر. وفي اليوم التالي، صرح أحد قادة الحرس الثوري بأن إيران ستعطل كل الصادرات عبر المضيق إذا توقفت الصادرات الإيرانية.