ذكر تحقيق للتلفزيون البلجيكي أن الحكومة البلجيكية لعبت دورا في تمويل مليشيات ليبية متورطة في قضايا تهريب البشر، وذلك اعتمادا على تحقيق أجرته لعدة أسابيع وجمعت فيه معلومات حصرية.
وبيّن أنه جرى تحويل الأصول المجمدة لنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في البنوك البلجيكية، إلى مليشيات، وذلك نقلا عن مصدر مقرب من الاستخبارات البلجيكية.
وبحسب معطيات التحقيق، أدت الحرب الأهلية في ليبيا إلى أزمة هجرة غير نظامية كبرى، واعتبرت أن دور بلجيكيا لم يكن محايدا في هذه القضية: “منذ سبع سنوات نلاحظ أن فصائل من المليشيات الليبية تمكنت من الحصول على جميع الأسلحة اللازمة، وقد قامت بعض الدول بتسليحهم علانية، لكنهم حصلوا على أسلحة بوسائل أخرى، كما أن هناك فضيحة واحدة أو اثنتين مرتبطتين بالطائرات التي توقفت في مطار أوستند البلجيكي وداخلها أسلحة”.
ولفهم القضية، قال مقال منشور في الموقع الإلكتروني للتلفزيون البلجيكي (آر تي بي أف)، إنه مع نهاية سنة 2011 عقب مقتل العقيد الليبي معمر القذافي، قام مجلس الأمن الدولي بتجميد الأسهم والسندات الليبية، وفي بلجيكيا تم تجميد الأصول الليبية في أربعة بنوك.
وبموجب القرار الأممي، جرى تجميد 12.8 مليار يورو في بنك “يوروكلير” (Euroclear)، و869 مليون يورو في بنك “كاي بي سي” (KBC)، و376 مليون يورو في بنك “آي إن جي” (ING)، و43 مليون يورو في بنك “بي أن بي” (BNP Paribas Fortis) في بلجيكا عام 2011.
وبحسب المصدر ذاته، فقد تم الكشف عن أن الأموال الليبية لم تكن مجمدة، ومنذ سنة 2012 تم تسليم مبالغ مالية تتراوح بين ثلاثة مليارات يورو وخمسة مليارات (3.45-5.75 مليارات دولار) من فوائد وأرباح الأصول المجمدة لنظام القذافي في البنوك.
وضعية حرجة
وعلى الرغم من أن التحقيق ذكر أنه لا أحد يعلم ماذا حدث لهذه الأموال، فإن تقريرا للأمم المتحدة نشر في سبتمبر/أيلول الماضي قال إن بلجيكا في وضعية حرجة.
ويقول الأستاذ الفخري في جامعة “أوكلاوفان” روبرت واتروالغ: في هذا التقرير رأينا أن هناك مشكلا يتلخص في تجارة الأسلحة لتمويل الفصائل المسلحة، يوجد سوق كامل يهدف لجلب المهاجرين غير الشرعيين وإشراك النساء النيجيريات في شبكات الدعارة. إنها عصابة للمافيا لكنها تعتمد على مليشيات تطرح بشأنها علامات الاستفهام، خاصة أنها تتلقى تمويلا خارجيا.
ويشير التحقيق إلى أن نوابا في البرلمان البلجيكي دعوا الحكومة أكثر من مرة للإجابة عن الأسئلة بشأن هذه القضية.
ويقول النائب جورج داليمان: في كل مرة نطرح السؤال على الوزراء، نجد أجوبة قليلة عن المبالغ والأسباب. هذه مشكلة خطيرة للغاية، وسمعة بلجيكا ملوثة ويشار إليها بإصبع الاتهام”.
من جهته، يعتقد البرلماني جورج جيلكينيت أن الحكومة البلجيكية تتعمد تعقيد الملف لعدم إعطاء المعلومات، وتتمترس خلف القرارات المتخذة على المستوى الأوروبي.
ويشير التحقيق إلى أن اسم وزير المالية السابق ووزير الشؤون الخارجية الحالي ديدييه رايندرز، يظهر بشكل متكرر في المقابلات التي أجراها فريق العمل. وعن هذا الأمر يقول البرلماني جيلكينيت إن بلجيكيا كانت ملزمة باحترام التزام الأمم المتحدة، ولكن في عام 2011 وافقت على الإفراج عن فوائد هذه الأموال، وتمت إعادة توزيع مئات الملايين من اليوروات، لا أحد يعرف أين أو لماذا، نحن نعرف فقط أن الوزير ريندرز في ذلك الوقت كان يملك سلطة اتخاذ القرار”.
يشار إلى أن المفوضية الأوروبية أكدت -في مارس/آذار الماضي- أنها لا تملك معلومات بشأن جزء من الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، واستعمالها لتمويل أنشطة تشكيلات مسلحة في البلاد.
المصدر : وكالة الأناضول,الجزيرة,الصحافة البلجيكية