في الوقت الذي تستضيف فيه مدينة باليرمو الإيطالية مؤتمرا دوليا يفترض أن يتمخض عن مشروع لتسوية الأزمة الليبية تبرز أهمية التذكير بما شاب هذا الملف من تعقيد بسبب الدوافع الخلفية لكل من فرنسا وإيطاليا، حسب ما جاء في صحيفة لوموند الفرنسية.
ففي تقرير مشترك لمراسليها بتونس فردريك روبين وبروما جبيروم كوثري قالت الصحيفة إن كلا البلدين يتنافس على النفوذ في هذا البلد الذي يعقد اجتماعا بشأن مصيره في باليرمو بإيطاليا يومي 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بعد اجتماعين استضافتهما فرنسا بشأن نفس المسألة.
وأبرز التقرير في البداية أهمية الاجتماع الحالي بالنسبة لروما، إذ هو أول اجتماع بهذا الحجم ينظم في إيطاليا منذ وصول الحكومة الإيطالية الجديدة -المكونة من حزبي الرابطة وحركة النجوم الخمسة اليمينين- إلى سدة الحكم والتي لم تخف رغبتها في تعزيز الدور الدبلوماسي لإيطاليا.
ثانيا، لأن العلاقات الليبية الإيطالية ظلت عميقة على مر العصور وتخللتها فترة استعمارية قصيرة بين 1911 و1943 خاصة في إقليمي طرابلس وبرقة، وقد أحست إيطاليا بنوع من التهميش خلال تدخل حلف الناتو الذي تسبب في سقوط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011.
حضور فرنسي ملفت
ومن المتوقع -حسب لوموند- أن يحضر رئيس حكومة “الوفاق الوطني” المدعوم إيطاليا فايز السراج، لكن الشكوك لا تزال تحوم حول مشاركة رجل الشرق القوي الجنرال خليفة حفتر، كما لم تتأكد بعد مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تمر علاقة بلاده بإيطاليا بفترة صعبة للغاية منذ وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر على جثته بالقرب من القاهرة في فبراير/شباط 2016.
الصحيفة لفتت أيضا إلى أن أميركا وروسيا ستمثلان بوفد من مستوى غير عال، إذ سيمثل واشنطن وكيل وزارة الخارجية ديفد هيل، وسيمثل موسكو ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية.
في المقابل، قالت لوموند إن باريس قررت إرسال وفد رفيع المستوى يترأسه وزير الخارجية جان-إيف لو دريان، أما عن سبب هذا الاهتمام الفرنسي الملفت فقد نقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي قوله “في ظل السياق الحالي سعينا بشكل أساسي إلى عدم اتهامنا بالرغبة في الإضرار بالمبادرة الإيطالية، كما حاولنا جلب أكبر عدد ممكن من الناس لهذا المؤتمر”.
وتتوجس إيطاليا من أي تحرك فرنسي باتجاه ليبيا وترى فيه -في الأغلب- سعيا للاستحواذ على حصة أكبر من موارد ليبيا الهيدروكربونية التي تتحكم فيها تاريخيا شركة الطاقة الإيطالية العملاقة “إي أن آي” (ENI).
وتحاول باريس التقليل من أهمية هذا الخلاف، ويقول المسؤولون فرنسيون إنهم لم يردوا أبدا على الهجمات الكلامية الإيطالية.
وقد علق مستشار في قصر الإليزيه على هذه القضية “بالنسبة لنا لا يوجد نزاع فرنسي إيطالي”، لكن لوموند نقلت عن أحد الدبلوماسيين الليبيين قوله إن للخلاف الفرنسي الإيطالي في الأزمة الليبية أثرا كارثيا.
المصدر : لوموند