في كانون الأول (ديسمبر) 2016، نشرت فضائية العربية تقريراً مطولاً تحت عنوان: (هذه هي ميليشيات الحرس الثوري التي قاتلت في حلب). وتبع ذلك وسائل إعلام عديدة عربية وأجنبية، فيما يشبه المقايضة بين الدفع بالمليشيات التي تم تأسيسها على دعائم طائفية شيعية من جانب إيران، مقابل الاقتصاد السوري، حيث تمَّ تدشين معادلة العلاقات بين طهران ودمشق في السنوات الأخيرة، بخاصة مع توسع إيران في المشاريع التجارية بالقطاعات الاستراتيجية، وحصولها على عدد بالغ من الصفقات مع الحكومة السورية، لاسيما في مرحلة إعادة الإعمار.
ما حدث أنه سبق ذلك نشر معلومات في غاية الأهمية للمقاومة الإيرانية في باريس موثَّقة بالصور والوثائق السرية التي تبادلتها قيادات من داخل النظام الإيراني، وتحديداً مِن داخل الحرس الثوري وعناصر قيادية من حزب الله اللبناني، وتشير إلى «أن القوات التي سبق أن احتلت حلب تشمل الحرس الثوري وميليشيات أجنبية يتقدمها حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية، إضافة إلى ميليشيات تسمى «فاطميون» من الأفغان و»زينبيون» من باكستان، وهي تقاتل بناء على أوامر عسكرية مشددة من قيادات النظام الإيراني.
الواقع أنه في آخر أيام احتلال حلب حضر قاسم سليماني شخصياً إلى حلب، وانتشرت صوره في وسائل الإعلام الدولية، مع القوات التي منعت إجلاء السكان وعرقلت نقلهم وشنت هجوماً على قوافل السكان كانت قوات تحت سيطرة فيلق القدس وبالتحديد سليماني. وسبق أن كشفت المقاومة الإيرانية في بياناتها أنها تعرفت على قيادة قوات نظام الملالي في حلب وهم: قائد القوات هو عميد من الحرس الثوري جواد غفاري من قادة فيلق القدس وهو الذراع اليمنى لسليماني في حرب سورية، وأحد أبرز القادة في الحرب الإيرانية العراقية، وتولى غفاري قيادة حلب العسكرية والجبهة الشمالية السورية وقبل مدة تم تعيينه قائداً ميدانياً لقوات الحرس الثوري في سورية. سبق أن كشفت ما تسمى المقاومة الإيرانية عن قائمة تضم أهم قيادات الحرس الثوري الإيراني في سورية، ودورهم في قتل أكثر من خمسمئة ألف وتشريد ملايين من الشعب السوري. وأشار تقرير للمقاومة إلى أن العميد سيد جواد غفاري، هو أحد قادة قوات الحرس الثوري المكلف بقيادة الجبهة الشمالية في الحرب السورية، وأصبح في منتصف ٢٠١٦ قائداً عاماً لكل قوات الحرس الثوري في سورية، ويعد أحد أهم أدوات القتل والاغتيال بها، وهو على اتصال دائم ببشار الأسد وحسن نصر الله، اللذين يلتقيهما دائماً، برفقة قاسم سليماني. وكشف أن غفاري يقود، إضافة إلى عناصر الحرس الثوري، ١٦ مجموعة من الميليشيات الأخرى، ومن أبرز تحركاته رفضه قرار الروس إخراج المدنيين والمقاتلين من المناطق السكنية في شرق حلب، ومطالبته بعملية عسكرية لإبادة مَن في المنطقة. كذلك فالتقرير أوضح أن القيادة الإيرانية الثانية في الساحة السورية هي العميد الحرسي محمد رضا فلاح زاده، الملقب بأبي باقر، ويشغل منصب نائب قائد قوات الحرس الثوري منذ ثلاثة أعوام. وكان زاده قائداً لغرقة عمليات قوات الحرس في جبهة دير الزور- البوكمال، ويعد أحد الأعضاء القدامى في قوات الحرس، خلال الحرب الإيرانية– العراقية. والشخصية الثالثة هي العميد رحيم نوعي أقدم، الذي يعد أحد أرفع قادة «فيلق القدس». وتضم القائمة العميد سيد رضي موسوي، الذي يشغل منصب ممثل قوات «فيلق القدس» وإحدى قنوات النقل اللوجستي والمال لقوات الحرس الثوري في سورية. والقائد الإيراني الآخر الأكثر إيغالاً في قتل الشعب السوري هو علي محمد رضا زاهدي، الذي كلف في كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧ بالعمل نائباً لقائد عمليات قوات الحرس الثوري في سورية، رغم وجود اسمه ضمن قائمة بملحق قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٧٤٧ الخاصة بالأشخاص والمنظمات التي تم فرض عقوبات ضدهم.
إن الكشف عن قائمة أسماء بعض مرتزقة الحرس الثوري في سورية، ومنهم السوريون الذين واكبوا مجازر قوات النظام الإيراني، هم أساساً من ميليشيات السوريين المجندين من قبل النظام الإيراني ويستلمون رواتب من النظام. وسبق أن حصلت المقاومة الإيرانية على معلومات وقائمة تتضمن 3390 من هؤلاء المرتزقة للنظام الإيراني ممن يحملون جنسية سورية ويطلق عليهم الدفاع الوطني في مدينتي نبل والزهراء. رواتبهم يتم دفعها مباشرة من قبل النظام الإيراني. ويتم نقل المبالغ إلى هؤلاء المرتزقة عبر رئيس مؤسسة الشهيد في دمشق باسم سيد عبدالله نظام. فما يحدث منذ بداية الثورة السورية، أنه تتوافد على سورية رحلات منظمة، حيث تصل كل 10 أيام عن طريق الجو وحدة مكونة من 170 مقاتلاً في رحلة عن طريق عبادان جنوبي إيران إلى سورية والمقر الرئيسي لهذه المجموعة هي ثكنة الشيخ نجار وقائدهم في سورية الملقب «ابو فدك. وأما مجموعة «كتائب الإمام علي» العراقية فقد أدخلت وحدات عدة في حرب حلب، وأحد مقراتها في ثكنة الأكاديمية غرب مدينة حلب.
وتسيطر على معبر راموسه قوات تابعة إلى حزب الله اللبناني بأوامر مباشرة من قيادة النظام الإيراني الحرس الثوري ويقوم بمنع نقل السكان ويتم تفتيشهم من قبل الحرس الثوري. سبق أن قال رحيم صفوي، قائد سابق الحرس الثوري والمستشار الحالي للولي الفقيه خامنئي في 22 أيلول (سبتمبر) 2016 في مقابلة مع تلفزيون النظام الإيراني بشأن حرب حلب إن الدور الرئيسي في الحرب تتولاها القوات البرية حيث تشمل الحرس الثوري ومرتزقة «فيلق القدس» من مختلف الجنسيات والجيش الأسدي. وعليه يبقى أن كل ذلك يبرهن على أن إيران وقيادات «الحرس الثوري»، ومعها «فيلق القدس» في سورية واليمن والعراق ولبنان وعموم المنطقة تُبدع في صناعة الميليشيات لزرع إمبراطورية فارسية على حساب العرب. فمتى يتوقف ذلك؟