برلين – قال تقرير لمؤتمر أمني دولي إن تصعيدا في الهجمات العنيفة المرتبطة بالجماعات الإسلامية في منطقة الساحل بغرب أفريقيا يعكس القدرات المتزايدة لهذه الجماعات ومقدرتها على التواصل عبر الشبكات.
وذكرت مقتطفات من التقرير الذي تم إعداده لمؤتمر ميونخ الأمني السنوي واطلعت رويترز عليها، الجمعة، أن ثلاثة أرباع المعارك التي وقعت مع قوات الأمن الحكومية خلال 2018 بادرت بها هذه الجماعات.
وستبحث أشغال مؤتمر ميونخ، قضايا الأمن والإرهاب، الذي سينعقد من 15 إلى 17 فبراير الجاري بمشاركة أكثر من 600 من زعماء الحكومات وصناع القرار الآخرين. ومؤتمر ميونخ الدولي للأمن بدأ عقده إبان الحرب الباردة، ويعتبر هذا المؤتمر أهم ملتقى للخبراء في مجال السياسة الأمنية على مستوى العالم.
ونقل التقرير، الذي سينشر الاثنين، عن بيانات المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية توضيحه أن عدد القتلى نتيجة النشاط الإسلامي المسلح زاد إلى 1082 بالمقارنة مع 2017.
وكانت هناك أيضا “كثافة في الحركة الأمنية” بشكل متزايد للقوات العسكرية في المنطقة بما في ذلك بعثة للأمم المتحدة وعملية بارخان الفرنسية وأربع بعثات من الاتحاد الأوروبي لتدريب الجيش والشرطة ومجموعة الخمس (جي 5) الإقليمية التي أنشئت في 2015.
ويوجد في مالي نحو 4500 جندي فرنسي في منطقة الساحل يشاركون في عملية بارخان التي تستهدف الإرهابيين الإسلاميين والمسلحين في تشاد وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر. وقد تم القضاء على “العشرات من الإرهابيين” في يناير في عمليات مشتركة بين بارخان والقوات المالية.
وقال التقرير إن من بين التحديات الأمنية حجم المنطقة الواسع والاتجار بالبشر والتغير المناخي والزيادة السكانية السريعة. وأثار العنف في منطقة الساحل أيضا قلق ألمانيا والولايات المتحدة التي أرسلت الآلاف من الجنود هناك للتصدي للقاعدة والجماعات المرتبطة بتنظيم داعش.
ويشير الخبراء إلى أن مقاتلي الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية تمكنوا من جمع ترسانة فعّالة بفضل العمليات التي نفذوها ضد قواعد عسكرية واستحواذهم على الأسلحة خلال الهجمات، إلى جانب عمليات تهريب السلاح من دول أفريقية أخرى.
وسمح ازدياد تهريب الأسلحة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى تنظيم الدولة الإسلامية “ولاية غرب أفريقيا” بالحصول على معدات “أكثر تطورا”، قادمة تحديدا من القرن الأفريقي والشرق الأوسط عبر السودان، بحسب يان سان بيير، وهو خبير في مجال مكافحة الإرهاب لدى مجموعة الاستشارات الأمنية الحديثة التي تتخذ من برلين مقرا لها.
وسبق أن حذّر وزير الأمن بدولة مالي، ساليف تراوري في تصريحات سابقة، أن الحدود الواسعة في منطقة الساحل تساعد الجماعات الإرهابية على تقوية صفوفها، فضلا عن استغلالها لتهريب المخدرات بسبب غياب المراقبة اللازمة للحدود.
ورغم التهديدات الإرهابية تتواصل الجهود الأمنية بمنطقة الساحل الأفريقي. وقال الجيش ومصادر مخابرات في تشاد السبت، إن القوات المسلحة احتجزت العشرات من المتمردين في شمال البلاد عقب ضربات جوية نفذت قبل عدة أيام لصد توغل تم عبر الحدود من ليبيا. كما أعلنت قيادة أركان الجيش التشادي في بيان أن “القوات التشادية أسرت أكثر من 250 إرهابيا بينهم أربعة من القادة”، إثر دخول قافلة من المتمردين إلى تشاد من الأراضي الليبية في نهاية يناير الماضي.
وقال الجيش في بيان إن “أكثر من أربعين سيارة” دمرت، كما صودرت “المئات من قطع السلاح”، مضيفا أن “عمليات التطهير تتواصل” في منطقة أنيدي في شمال شرق تشاد على مقربة من الحدود مع ليبيا والسودان.
وبحثت دول منطقة الساحل الأفريقية إشكالية محاربة الجهاديين في واغادوغو، بداية فبراير الجاري، غداة مقتل 14 شخصا في هجوم إرهابي في بوركينا فاسو. وتمثل منطقة شمال بوركينا فاسو،المتاخمة لمالي والنيجر أيضا ملاذا للمتطرفين الإسلاميين الذين يهاجمون أيضا بشكل منتظم السكان المدنيين.
وأجمعت دول منطقة الساحل الأفريقي على ضرورة تعزيز التنسيق في المعركة ضد الجهاديين الذين تسببوا بمقتل المئات من المدنيين وبأضرار اقتصادية.
واندلع التمرد الإسلامي في منطقة الساحل في أعقاب الفوضى التي اجتاحت ليبيا عام 2011، فشهد شمال مالي هجمات جهادية عنيفة. ومع ارتفاع حصيلة الضحايا، تم إطلاق خطة تدعمها فرنسا العام 2015 لنشر قوة مشتركة مكونة من 5 دول وتضم 5000 عنصر.
لكن نقص التمويل والتدريب والمعدات من الأمور التي شكلت جميعها عوامل قوضت المبادرة. وتعرض مقر القوة في مالي في يونيو الماضي إلى هجوم انتحاري مدمر أعلنت مجموعة مرتبطة بالقاعدة مسؤوليتها عنه.
ونظرا لهذه التحديات، بدت “قوة مجموعة دول الساحل الخمس” غير نشطة لفترة طويلة. لكن قائدها الجنرال الموريتاني حنانة ولد سيدي أعلن الأحد الماضي أنها شنت ثلاث عمليات عسكرية منذ 15 يناير دون تفاصيل إضافية.
وبعد تشتيتها خلال التدخل الفرنسي في 2013، استعادت الجماعات الجهادية نشاطها في شمال مالي ووسطها على الرغم من وجود 12 ألف جندي من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وقوة بارخان الفرنسية التي تضم أربعة آلاف رجل.
العرب