انتخابات رئاسية في إيران على مقاس المتشددين والحرس

انتخابات رئاسية في إيران على مقاس المتشددين والحرس

كشف مجلس حماية الدستور في إيران عن شروط جديدة للترشح للانتخابات الرئاسية أقصي بموجبها عدد من المرشحين المحتملين البارزين للتيار الإصلاحي الذي شهدت شعبيته تراجعا حادا بسبب العقوبات الأميركية والوباء، لكن الشروط ذاتها فتحت الأبواب أمام العسكريين وكذلك المحافظين الذين يتوقع أن يفوزوا بانتخابات الرئاسة دون عناء.

طهران – فرض مجلس صيانة الدستور في إيران (الهيئة المسؤولة عن الإشراف على الانتخابات) شروطا جديدة على الراغبين بالتسجيل للترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل، في خطوة قال مراقبون إنها تفرض قيودا على الإصلاحيين وتفسح المجال أمام المحافظين وكبار العسكريين في الحرس الثوري.

ونقلت قناة “برس تي.في” الرسمية الناطقة بالإنجليزية، أنّ الترشح سيقتصر على من تتراوح أعمارهم بين “40 و70 عاما”، وحاصلين على “درجة الماجستير على الأقل أو ما يعادلها” ويمكنهم إثبات “خبرة لا تقل عن أربع سنوات في مناصب إدارية”، إضافة إلى “سجل جنائي نظيف”.

وأفادت وكالة “مهر” للأنباء أنه وفقا للقرار الجديد لمجلس صيانة الدستور، فإن المرشحين الذين تقتصر خبرتهم فقط في منصب نائب الوزير، وكذلك أساتذة الجامعات وأعضاء هيئة التدريس، غير مؤهلين للتسجيل.

وبحسب موقع المجلس، فقد أعلن أحد أعضائه، طحان نظيف الأربعاء أنّ مؤسسته أصدرت توجيها يهدف إلى “توضيح” المعايير المطلوبة للترشح إلى الانتخابات الرئاسية، لاسيما من حيث “مستوى الحد الأدنى من الدراسات” أو “الخبرة في المناصب الإدارية” أو حتى “الحد الأدنى والحد الأقصى للعمر”.

وبذلك، يكون المجلس قد أدرج توصيات من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يعود تاريخها إلى عام 2016، يطلب من خلالها من أعضاء المجلس “تحديد” الشروط الضرورية التي يجب استيفاؤها للترشح في الانتخابات الرئاسية، بما يتوافق وقانون الانتخابات والدستور.

واتّهِم المجلس في مناسبات عدّة سابقا باستبعاد مرشحين بشكل جماعي على أساس معايير غامضة لا يعرفها إلا أعضاؤه.

ومن شأن المعايير الجديدة أن تستبعد على الفور عددا معينا من المرشحين المحتملين أو المعلنين، مثل وزير الاتصالات محمّد جواد آذر جهرمي الصغير في السن، أو الإصلاحي مصطفى تاج زاده المدان من قبل العدالة.

مجلس صيانة الدستور اتهم في العديد من المناسبات باستبعاد مرشحين بشكل جماعي على أساس معايير غامضة

ويمهد إسقاط البرلمان الإيراني في وقت سابق لتعديلات اقترحها الإصلاحيون على قانون الانتخابات الرئاسية تقضي باستبعاد من تولى منصبا عسكريا من الترشح، طريق الحرس الثوري نحو السلطة.

وعارض أعضاء البرلمان اقتراحا يزيل إمكانية ترشح قادة القوات المسلحة للرئاسة، كما عارضوا مقترح حظر ترشح كبار قادة القوات المسلحة برتبة عميد وما فوق لانتخابات رئاسة الجمهورية.

ويقول عضو البرلمان الإيراني السابق علي مطهري إن التعديلات على القانون الانتخابي “تشجع العناصر القوية في الحرس الثوري الإيراني على السعي وراء المناصب، وقد يمكنهم ذلك من إنشاء دولة إيرانية تقودها حكومة عسكرية”.

وأغلقت التعديلات الباب أمام محاولات سابقة لروحاني لإصلاح قوانين الانتخابات الإيرانية، لاسيّما الانتخابات الرئاسية.

وكان خامنئي حدد ملامح الحكومة المقبلة في البلاد، قائلا إنها يجب أن تكون “فتية وثورية”، فيما يدفع المتشددون باتجاه ما يصفونها بـ”حكومة حرب” ويريدون رئيسا من صفوف العسكر والحرس الثوري بالتحديد.

ورغم النفوذ المتزايد للحرس الثوري الإيراني، فإن خامنئي يتمتع بالسلطة اللازمة التي تمكنه من ضمان أن يتمكن الناخبون فقط من الاختيار من بين المرشحين الذين يراهم مناسبين.

ويرى متابعون أنه بالنسبة إلى خامنئي، الذي يرى أن مواجهة إيران مع الولايات المتحدة هي بمثابة حرب، فإنه ربما يريد مُحاربا في منصب الرئيس. ومن وجهة نظره، ربما يكون إعطاء الحرس فرصة لحماية إرثه أكثرَ الأمور منطقية.

وأعلن العديد من العسكريين السابقين عزمهم الترشح للانتخابات، ما يثير مخاوف لدى التيار الإصلاحي الذي ينتمي إليه الرئيس حسن روحاني من أن البلاد قد تديرها حكومة عسكرية في المستقبل. إلا أنه لا توجد عوائق دستورية أمام هؤلاء العسكريين تمنعهم من الترشح، حيث يُحظر على العسكريين الحاليين فقط ممارسة السياسة.

ولم يعلن التيار الإصلاحي بعد مرشحه للانتخابات. ولم يعد يحق لروحاني الترشح بعدما شغل المنصب لفترتين.

وتحدث الإصلاحيون عن اسمين كمرشحين محتملين: الرئيس السابق محمد خاتمي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. إلا أن خاتمي ممنوع من الترشح لأنه أُدرج على قائمة سوداء بعد أن انتقد علنا انتخابات عام 2009، أما ظريف فلم يُبد أي اهتمام بالترشح. ولا يوجد منافس واضح من بين ما يسمى بالتيار الإصلاحي، والذي كان ألقى بثقله خلف روحاني في دورتي الانتخابات السابقتين. وقد تسبب فشل روحاني في تحقيق الإصلاح الذي وعد به في إلحاق الضرر بمصداقية هذا الفصيل بين المواطنين الإيرانيين.

وأما بالنسبة إلى جنرالات الحرس الثوري فإن المؤشرات تشير إلى أن العميد حسين دهقان مرشح بارز. كما أن من بين منافسيه المحتملين برويز فتّاح وسعيد محمد ومحسن رضائي القائد السابق في الحرس الثوري وينتمي جميعهم إلى مؤسسة الحرس الثوري.

وسبق أن شغل دهقان منصب وزير الدفاع ويعمل حاليا مستشارا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، بينما يترأس فتاح “مؤسسة المستضعفين” التجارية التي يسيطر عليها خامنئي أيضا، ويترأس محمد مؤسسة “خاتم الأنبياء” جناح الإنشاءات والهندسة التابع للحرس الثور بينما كان رضائي قائدا سابقا للحرس الثوري.

العرب