حتى وقت قريب، كانت هذه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية تُعرف على أنها موطن أسوأ حالات الانتحار الجماعي في التاريخ الحديث. في المقابل، شرع هذا البلد شيئا فشيئا في اكتساب سُمعة جديدة بسبب ثروته النفطية.
ففي غضون عامين فقط، تحوّلت غيانا -الواقعة بين فنزويلا وسورينام- من دولة تكاد لا يكون لها مكان على خارطة النفط الدولية إلى واحدة من المناطق الساخنة الجديدة، وذلك بفضل سلسلة من الاكتشافات الخارجية، التي قامت بها شركة إكسون وهيس.
تقول الكاتبة إرينا سلاف -في تقريرها الذي نشره موقع “أويل برايس” الأميركي- إنه خلال سنة 2015 ظهر أول اكتشافات النفط في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، أعلنت شركة إكسون وجود اكتشافات جديدة قامت بها على أساس منتظم نسبيا. وحتى اليوم، تمكنت الشركة من إزاحة الستار عن 12 اكتشافا تجاوزت احتياطاتها خمس مليارات برميل مكافئ من النفط.
وذكرت الكاتبة أن هذه الكمية الكبيرة من النفط يمكن إما أن تحلّ جميع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها هذه الدولة الصغيرة، التي يقل عدد سكانها عن مليون شخص، أو أن تُصبح بمثابة لعنة نفطية، وهو ما أثبته التاريخ في السابق أكثر من مرة.
وفي الواقع، ستحدد كيفية تعامل غيانا مع ثروتها النفطية المستقبلية إذا كانت ستعود بالنفع على البلاد.
ونقلت الكاتبة أن غيانا تعاني في الوقت الراهن من ارتفاع معدلات البطالة والفقر ونسبة الفساد في البلاد.
مناخ غير مستقر
وبحسب الكاتبة، ستعزّز مليارات الدولارات من عائدات النفط التي ستجمعها البلاد وجود مناخ من عدم الاستقرار السياسي، خاصة في ظل تنافس المزيد من الأطراف من أجل السيطرة على هذه الدولارات المتأتية من النفط.
وأفادت الكاتبة بأن حالة عدم الاستقرار السياسي بدأت تتجلّى في غيانا؛ ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي أسفر التصويت الذي أُجري في البلاد عن حجب الثقة عن الائتلاف الحاكم.
في المقابل، عوضا عن الدعوة إلى إجراء انتخابات، وهو ما كان ليعدّ إجراء معتادا في مثل هذه الحالات، توّجه الائتلاف الحاكم إلى المحكمة من أجل الطعن في التصويت. ونتيجة لذلك، اندلعت المظاهرات وخاض الائتلاف معركة قانونية طويلة الأمد لم يتم البتّ فيها إلى اليوم.
وأضافت الكاتبة أن أمل غيانا الوحيد يتمثّل فيما إذا كان بإمكانها بطريقة ما وضع حد للطموحات السياسية والتركيز على الفوائد التي لا بدّ من قطف ثمارها في ظل شروع شركة إكسون وهيس في الإنتاج التجاري، على غرار تحسين الظروف المعيشية لأفقر سكان البلاد والحد من البطالة، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي.
أمثلة
وأوردت الكاتبة أنه أمام غيانا العديد من الأمثلة السيئة والجيدة التي من الممكن أن تنسج على منوالها.
فعلى سبيل المثال، تعد النرويج أفضل مثال جيد على كيفية استخدام الدولة أموالها المتأتّية من النفط بطريقة فعّالة، مكّنتها من جعل البلاد واحدة من أغنى دول العالم دون الاعتماد بشكل مفرط على النفط، والاتكال عوضا عن ذلك على استثمار أموال النفط بطريقة ذكية.
في المقابل، قدّمت الكاتبة مثال فنزويلا -جارة غيانا- التي تجسّد ما لا يجب فعله في ما يتعلق بهذا المورد الطبيعي؛ حيث عمدت البلاد إلى إهمال قطاعات أخرى من الاقتصاد لصالح النفط وضخ أموال النفط مباشرة في برامج اجتماعية قبل أن تنهار لاحقا في ظل انهيار الاقتصاد نتيجة انخفاض أسعار النفط.
وبيّنت الكاتبة أن من الممكن تحول غيانا: إما إلى نرويج جديدة أو إلى فنزويلا ونيجيريا وأنغولا ومجموعة أخرى من الدول التي حوّلت الثروة النفطية من نعمة إلى نقمة.
وقالت الكاتبة “عموما سيكون الوقت كفيلا بإظهار أي الأمثلة التي ستحذو دولة غيانا حذوها”.
المصدر : مواقع إلكترونية