نظم مركز الأمن الأميركي الجديد بواشنطن ورشة عمل للنظر في ثلاثة سيناريوهات متوقعة للتصعيد المستمر بين واشنطن وطهران، والتي تفاوتت بين استمرار التصعيد لأربعة أشهر قادمة، أو لعامين مقبلين، أو انتخاب إدارة ديمقراطية تنهي التوتر.
وشهد التوتر في منطقة الخليج تصعيدا سريعا منذ إسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية قبل أسبوعين، وإيقاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجمات عسكرية على أهداف إيرانية قبل حدوثها بدقائق، ثم الأنباء عن تجاوز طهران الحد المسموح به لمخزونها من اليورانيوم المخصب بموجب الاتفاق النووي، وهو ما اعتبره ترامب “لعبا بالنار”.
وشكل المركز سبعة فرق عمل تمثل أهم اللاعبين في الأزمة، فبالإضافة للولايات المتحدة وإيران، مُثلت روسيا والصين ودول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهدفت الورشة إلى محاولة فهم كيف ستتصرف الأطراف الرئيسية في السيناريوهات التالية:
الأول: استمرار التصعيد لأربعة أشهر قادمة.
الثاني: استمرار التصعيد خلال العامين القادمين.
الثالث: انتخاب إدارة أميركية ديمقراطية عام 2020 ترغب في العودة للاتفاق النووي مع إيران.
ونظرت السيناريوهات في أهداف كلا الطرفين من المتوتر المستمر على خلفية انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي منتصف العام الماضي.
وعرض التقرير أهداف واشنطن التي جاء فيها أن منع إيران من الحصول على سلاح نووي يعد على رأس الأهداف، وكذلك تحجيم تدخل إيران عن طريق شركاء واشنطن في الشرق الأوسط.
وتأمل واشنطن في أن تحقق هذه الأهداف دون الخيار العسكري، كما تهتم بألا تؤدي مواجهات الخليج إلى اضطراب أسواق الطاقة العالمية، الذي قد يدفع لتعقيد “الحرب التجارية” مع الصين، كما يدفع الاستقطاب السياسي الداخلي في واشنطن إلى تقييد بعض التحركات الأميركية.
أما أهداف طهران، فقد رأى التقرير أن الحفاظ على نظام الحكم الإيراني على رأس أولويات القيادة الإيرانية، وهو ما يدفع النظام لتجنب مواجهات عسكرية ضخمة أو انهيار اقتصادي كامل وفوضى سياسية متوقعة.
وتهدف طهران كذلك للحفاظ على البنية الأساسية المرتبطة بتطوير أسلحة نووية، وتوسيع حضورها الإقليمي المباشر أو غير المباشر وتجنب العزلة الدولية.
سيناريوهات التصعيد
وخلص التقرير إلى أربعة دروس من أول سيناريوين:
أن طرفي النزاع لا يريدان الحرب، ويتطلب الأمر تطورات دراماتيكية كي نصل لحالة الحرب الكاملة، إلا أن غياب قنوات مباشرة للتواصل بين الطرفين وسوء قراءة سلوك الطرف الآخر يزيد من احتمالات التصعيد العسكري.
مع استمرار التصعيد قد يلجأ الطرفان إلى مواجهات في صورة ضربة مقابل ضربة، وهذا بدوره قد يخرج عن نطاق السيطرة لتتحول المواجهات المحدودة إلى حرب لا يريدها أي منهما.
قد تؤدي ما تتخذه السعودية وإسرائيل من خطوات تصعيدية إلى دفع واشنطن وطهران لمواجهة مباشرة غير مرغوبة.
ستقوم أوروبا وروسيا والصين معا بتشكيل جبهة متحدة للسيطرة على التصعيد كي لا يخرج عن النطاق المسموح به. وعلى الرغم من ضعف تأثير هذه الجبهة، فإنها ستبعد أوروبا أكثر عن الولايات المتحدة، وتسمح بدور أكبر لروسيا والصين في شؤون الخليج.
انتخابات 2020
وبخصوص السيناريو الثالث، خلص التقرير إلى أربعة دروس مهمة:
ستكون عودة واشنطن للاتفاق النووي عملية شديدة التعقيد بصورة لا يتصورها أحد.
سترغب واشنطن في أن تكون العودة للاتفاق النووي نقطة بداية للتوصل لاتفاق أكثر شمولا يتضمن سياسات طهران الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، وستحاول طهران الحصول على تعويضات ضخمة مقابل خسائر الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي والعقوبات الجديدة.
على واشنطن أن تأخذ في الاعتبار عوامل القلق الإسرائيلي والسعودي، وإلا فإنهما سيقومان بمحاولات وضغوط لإفشال العملية الدبلوماسية وإفشال عودة واشنطن للاتفاق النووي.
يُعقد توتر العلاقات مع موسكو منذ تدخلها في انتخابات 2016 مستقبل العملية الدبلوماسية مع إيران، خاصة أن التعاون الروسي الأميركي كان من العوامل المهمة التي مهدت للتوصل للاتفاق النووي 2015.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على إيمان الفريق البحثي بأن إيران والولايات المتحدة هما فقط اللاعبان الأساسيان في هذه الأزمة، وأنه لا توجد قيمة لأي بديل تعادل أهمية وجود قناة مباشرة للتواصل بين طهران وواشنطن.
كما ركزت على الدورين الأوروبي والعماني لمنع التصعيد، وأكدت على أهمية القناة العمانية حال رغبت واشنطن في العودة للاتفاق النووي عقب انتخابات 2020.
الجزيرة