هاجمت صحيفة الغارديان البريطانية الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة وبريطانيا، وقالت إنهم تركوا العراق لقمة سائغة لإيران، التي باتت تسيطر بشكل كبير على مفاصل الأمور في العراق، خاصة بعد خروج معظم القوات الأميركية منه عام 2011.
وأضافت أن الغرب أبدى عدم مبالاة للاحتجاجات في العراق، التي تطالب بإصلاحات سياسية ومحاربة الفساد وتحقيق الديمقراطية، رغم مقتل أكثر من 250 شخصا وإصابة آلاف آخرين.
وتقول الصحيفة إن تصميم إيران على دعم حكومة العراق غير الشعبية لا يبشر بالخير للديمقراطية في الشرق الأوسط.
وأضافت أنه رغم تأكيد المسؤولين الإيرانيين أنه ليست لهم مطامع لإعادة الإمبراطورية الفارسية في الشرق الأوسط، وإنها عكس الولايات المتحدة ليست قوة إمبريالية، فإن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة للعديد من المراقبين.
ففي لبنان -حسب الصحيفة- لإيران صلات مالية وعسكرية وثيقة بحزب الله، الذي كان محور الاحتجاجات الغاضبة في الشارع الأسبوع الماضي.
وأضافت الصحيفة أنه ليس من السهل أيضا تصديق كون إيران دولة صديقة تعمل من أجل مساعدة الجيران، مع دعمها حركة التمرد الحوثي في اليمن، حيث بلغ عدد القتلى في أربع سنوات في الحرب مئة ألف شخص.
وأكدت سيطرة الحرس الثوري على مؤسسات الدولة الإيرانية، وعلاقته الوطيدة بالقائد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وأن من أبرز قادة الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني الذي يقود فيلق القدس؛ يد الحرس خارج إيران.
سليماني في بغداد
وترى الصحيفة أن ظهور سليماني في بغداد الأسبوع الماضي لم يكن غريبا، بعد أن طالبت مظاهرات حاشدة في بغداد ومدن عراقية أخرى بالإطاحة بالحكومة التي يرأسها عادل عبد المهدي، والتي تعزو الفضل لطهران في وصوله للمنصب.
وكان التفسير الرسمي الإيراني لزيارة سليماني لبغداد، هو أن أمن العراق مهم بالنسبة لإيران، وقال مسؤول إيراني (طلب عدم الكشف عن هويته) “إن سليماني يزور العراق ودولا إقليمية أخرى بانتظام، خاصة عندما يطلب حلفاؤنا المساعدة”.
وقالت الصحيفة إن سليماني في الواقع جاء للتقريع في أعقاب تهديدات زعماء الشيعة الرئيسيين بالتخلي عن عبد المهدي.
وبدا للصحيفة أن سليماني نجح في إصلاح بعض الأمور، مستدلة على ذلك بتراجع طرح استقالة عبد المهدي، وهو ما رأت أنه لا يبشر بالخير، حيث خرجت بعد يومين من تدخله في بغداد أكبر مظاهرة مناهضة للحكومة حتى الآن.
النخبة الحاكمة
وقالت الصحيفة إن المتظاهرين طالبوا هذه المرة بالتخلص بصورة جذرية من النخبة الحاكمة في العراق، بغض النظر عن الولاءات الطائفية والعرقية، وبوضع حد للتأثير الإيراني.
وهذا التحدي الذي تطرحه المظاهرات لم يسبق له مثيل في مرحلة ما بعد سقوط الرئيس الراحل صدام حسين، وأنه لا يطرح مشكلة لطهران فحسب، بل هو مشكلة وجودية لنظام تقاسم السلطة الثلاثي (شيعة وسنة وأكراد) الهش في العراق، الذي تم تأليفه بعد الغزو الأميركي عام 2003، كما ترى الصحيفة.
ويأتي هذا التحدي –حسب الصحيفة- بعد أن فشل قادة العراق في توفير الضروريات الأساسية، مثل المياه النظيفة والكهرباء، وفي وقت يفتقر فيه شباب العراق إلى الفرص والوظائف، وأصبح السياسيون، سواء كانوا من العرب السنة أو الشيعة أو الأكراد ينظر إليهم على نطاق واسع باعتبارهم فاسدين وغير أكفاء.
وعلقت الصحيفة بأن مثل هذه الإخفاقات المستمرة يصعب تبريرها في بلد يمثل ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، ولديه 12% من احتياطي النفط العالمي، وإن كان العراق ما زال في مرحلة التعافي من الاحتلال الأميركي ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
حشود ضخمة من المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد تواصل التجمع لليوم 11 على التوالي (الأوروبية)
حشود ضخمة من المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد تواصل التجمع لليوم 11 على التوالي (الأوروبية)
مسؤولية الغرب
ومع أن كثيرين في الولايات المتحدة وبريطانيا يرون أن صفحة العراق قد طويت، فإن الأمر ليس كذلك، إذ إن الدول الغربية التي تصرفت بقسوة وبشكل غير قانوني لفرض تغيير النظام على العراق، ومن ثم السيطرة على شؤونه وإدارتها، تتحمل مسؤولية مستمرة للمساعدة في ضمان سلامته الديمقراطية، وتحريره من الإرهاب، وقابليته الاقتصادية والاجتماعية للحياة.
وقالت الصحيفة إن هذه المسؤولية تمتد في المقام الأول إلى الشعب العراقي الذي يطالب بصوت عال ببداية جديدة، حيث قتل نحو 250 شخصا وجرح الآلاف بسبب إصرار المتظاهرين على نيل الديمقراطية العادلة التي وعدوا بها عام 2003.
وعلقت غارديان بأن مثل هذه المذبحة لو حدثت في هونغ كونغ أو برشلونة لأصمت الضجة الآذان، وتساءلت: أين هذا الادعاء بالاهتمام الكبير من العراق؟
المصدر : غارديان