سيكون هناك الكثير من التصفيق عندما يجتمع زعماء حلف شمال الأطلسي في لندن للاحتفال بمرور سبعة عقود على إنشاء أنجح حلف عسكري في التاريخ.
لكن نادرا ما بدا المستقبل السياسي لحلف شمال الأطلسي غامضا بهذا الشكل، وربما لم يحدث ذلك من قبل على الإطلاق، مع رئيس فرنسي يصف الحلف بأنه في حالة “موت إكلينيكي”، ورئيس تركي يهاجم حلفاء واشنطن ويشتري أسلحة روسية، ورئيس أمريكي يشكك بالكامل في فرضية دفاع بلاده عن الغرب.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير بالحلف: “السؤال، ونحن نحتفل بمرور 70 عاما، هو هل نلوح احتفالا أم أن الناس يعتقدون أننا نغرق؟”.
وستستضيف الملكة إليزابيث الزعماء في قصر بكنغهام. لكن حتى المضيفين البريطانيين، الذين كانوا على مدى أجيال أكثر المؤيدين حماسا للشراكة عبر الأطلسي التي يمثلها الحلف، غير متحدين فيما يتعلق بمشروع الخروج من الاتحاد الأوروبي ومنشغلون بانتخابات مشحونة مقررة الأسبوع المقبل.
ويقول الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إنه بالرغم من الخلافات التي تصدرت عناوين الصحف فإن الحلف بصحة جيدة وعزز قدرته على القيام بمهمته الأساسية وهي الدفاع عن أوروبا بعد ضم روسيا للقرم في 2014.
وقال ستولتنبرغ: “تواجهنا مفارقة… أجل لدينا بعض الخلافات لكن الحقيقة هي أننا نحقق المزيد معا أكثر مما حققنا لسنوات كثيرة”.
الأوروبيون الشرقيون يفكرون فيما إذا كانوا سيواجهون أردوغان خلال اجتماع لندن أم لا، لكنهم يحتاجون أيضا إلى دعمه من أجل التعامل مع روسيا
وستتعهد أوروبا وتركيا وكندا بإنفاق دفاعي بقيمة 400 مليار دولار بحلول 2024، بهدف استرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يقول منذ وقت طويل إن حلفاء واشنطن بحاجة لإنفاق المزيد على الدفاع الجماعي.
وسيتفق الزعماء أيضا على ميزانية جديدة للفترة بين عامي 2021 و2024 تخفض مساهمة الولايات المتحدة لتمويل الحلف نفسه. وسيوافقون على إستراتيجية جديدة لمراقبة النشاط العسكري الصيني المتزايد للمرة الأولى ويضيفون الفضاء كساحة حرب إلى جانب الجو والبر والبحر وشبكات الكمبيوتر.
لكن سيكون على الحلفاء، الذين يحملون ذكريات مؤلمة لمواجهة مع ترامب شهدتها القمة السابقة للحلف في يوليو/تموز 2018، أيضا الآن التعامل مع رئيسين من ضمن الحضور وجها انتقادات للحلف، وهما الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والتركي رجب طيب أردوغان.
* أهو موت إكلينيكي في السبعين؟
أثار ماكرون رجفة في أوصال الحلف الشهر الماضي عندما شكك على الملأ في المبدأ الرئيسي للحلف وهو أن الهجوم على عضو فيه يعني الهجوم على كل الأعضاء.
ودفعه غضبه من سحب للقوات الأمريكية بسوريا في أكتوبر/تشرين الأول، والذي مهد الطريق لهجوم أحادي تركي في شمال البلاد، لوصف الحلف بأنه “في حالة موت إكلينيكي”، منتقدا افتقاره إلى إستراتيجية.
ويتمسك أردوغان بسياسة ترمي لهزيمة المقاتلين الأكراد في سوريا الذين قاتلوا إلى جانب الولايات المتحدة، حتى أنه يعيق الموافقة على خطط عسكرية لحلف شمال الأطلسي للدفاع عن دول البلطيق وبولندا تعبيرا عن احتجاجه. كما تحدى الرئيس التركي حلفاءه لشراء صواريخ روسية مضادة للطائرات بالرغم من تهديد بعقوبات أمريكية.
وقال دبلوماسي كبير إن الأوروبيين الشرقيين يفكرون فيما إذا كانوا سيواجهون أردوغان خلال اجتماع لندن أم لا، لكنهم يحتاجون أيضا إلى دعمه من أجل التعامل مع روسيا التي طورت صواريخ جديدة قادرة على ضرب أوروبا.
وسيشكل اقتراح فرنسي ألماني مجموعة من الشخصيات البارزة للتفكير في الدور السياسي للحلف في المستقبل وتقديم تقرير بحلول القمة المقبلة للحلف المقررة في أواخر 2021.
وقال دبلوماسيون إنه ربما يثبت أن حالة الحذر من روسيا عامل موحد للدول الأعضاء. وسيصدر الزعماء بيانا يدين ضم موسكو للقرم وتعزيز قوتها العسكرية، وسيعيدون تأكيد التزامهم بتعهد الحلف بالدفاعي الجماعي.
(رويترز)