ضوء على اسباب إنفراد الحشد الشعبي بتنفيذ المهام والواجبات

ضوء على اسباب إنفراد الحشد الشعبي بتنفيذ المهام والواجبات

قراءة متفحصة في بيانات للحشد الشعبي منذ إنتهاء عمليات تحرير الموصل ، تكشف لنا قيام ألوية وفصائل الحشد بعمليات استطلاعات وتمشيط ، وإدعّاء بالقيام بإشتباكات عديدة مع جماعات إرهابية.
والملاحظ على تلك البيانات مايأتي:
1- أن معظم تلك الفعاليات التي تتناولها بيانات الحشد تحصل منفردة اي محصورة بين الفصائل نفسها ، وأغلبها غير مشتركة مع صنوف أخرى من القوات الامنية.. حتى تتبين بعضها وكأنها واجبات حصرية معزولة ومجهولة الأهداف ، ولايراد إشراك قطعات من اجهزة اخرى بقصد معين.. رغم ان اغلبية الفعاليات العسكرية يستحسن انها تكون ذات طابع تشاركي وتبادلي متنوع بين الاجهزة لغرض الضبط والقيادة والسيطرة وحسن الأداء والتفاعل التعاوني المثمر.
وقد تجلّى ذلك في واجبات أمن الحشد الحصرية تجاه الفصائل الوهمية والمنفلته وغير المنضبطة، وكأن يقصد إخفاء حقائق ووقائع يتورط فيها اشخاص وقيادات لايراد إفشاءها او كشفها للرأي العام.

2- ربما تشترك صنوف من القوات الامنية او تتعاون في عدد من واجبات الحشد التي تنشر عبر بياناته ، ولكن لم يتم التطّرق إليها والى عناوينها وطبيعة مشاركتها، وكأن أمر تغييبها او عزلها عن تنفيذ واجبات مشتركة صار حتميا ، بماشكّل إنطباعا وجود عملية تذويب متعمده لدور الجيش العراقي وباقي الاجهزة الامنية الاخرى ، بقصد إبراز دور الحشد لوحده ، وهذا من شأنه ان يؤثر معنويا بشكل سلبي على القوات الامنية الباقية.

3- أغلبية فعاليات الحشد ومهامه لايتم الأعلان عنها او تأييدها من قبل (قيادة العمليات المشتركة) ، وهي الجهة المركزية الجامعة لكل القطعات الأمنية وتحركاتها ،التي يفترض ان ينضوي الحشد وفصائله تحت قيادتها وتتحرك بأمر وتنسيق من تلك القيادة وتوجيهاتها التي تستلمها من القائد العام للقوات المسلحة.

4- مهما كانت قدرات وإمكانية الحشد الشعبي إلاّ إنه يبقى جهاز حديث النشأة والتأسيس وهو وليد فتوى افرزتها الحاجة وظروف البلد الاستثنائية ، ولم يشترك او يخوض معارك كبيرة بشكل مباشر بالتنسيق والتعاون مع قوات التحالف الدولية ، كما هو الحال عليه لدى “جهاز مكافحة الإرهاب ” ، ويبقى يحتاج الى المزيد من التدريب وإكتساب الخبرات.

5- ان الإخفاق والتعثر الذي حصل ومازال قائما في تطبيق فقرات الأمر الديواني الخاص بهيكلة الحشد ، وفشل رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي في تنفيذه لعدة أسباب معروفة ، في مقدمتها رفض الفصائل الموالية لإيران الألتزام بما جاء بالأمر والإنضواء تحت منظومة الدولة.. والخطورة في هذا الموضوع ليس الرفض كحالة مجردة ، وإنما بوجود فصائل موالية لدولة ثانية بين صفوف قوات أمنية ، يحظر الدستور أصل وجودها وإندماجها بقطعات امنية حكومية يفترض انها رسمية وتأتمر بأمرها ، من باب إصطدام ذلك مع تشريعات تمنع او تحرم التخابر مع الأجنبي.

6- ينعكس كل ما أشرنا إليه على طبيعة المهام وأداء الواجبات التي تفرضها موجبات وكيفية مقاتلة تنظيم داعش الإرهابي، وطرق مواجهته في الوقت الحاضر قياسآ بالسنوات السابقة من ناحية تمركزه واماكن تواجده بعد طرده من المدن ولجؤه الى أماكن إختباء وتحصين مغايرة لما كان عليها سابقآ، فضلا عن تغييره لأساليب وسياقات المواجهة والقتال، بالشكل الذي صعبت عملية تعقبه واستهداف عناصره بسهولة نوعمّا.

7-كل هذه المتغييرات تحتاج الى تفعيل الجانب المعلوماتي والاستخباري بشكل تقني وتبادل وتمازج وتنسيق معلوماتي على مستوى أوسع وأشمل، يقتضي تنسيقا عاليا مع قيادة العمليات المشتركة ومن خلالها مع الأجهزة الامنية لدول التحالف التي مهمتها محاربة الارهاب وفكره المتطرف ، وهذا مايفتقده الحشد او بأقل تقدير لم ينخرط كثيرا في تنفيذه لأسباب سياسية وعقائدية تتعلق بتطورات وخلافات دولية في مقدمتها الخلاف الايراني الأميركي ، الذي تعمق وأزداد تأزما أكثر فأكثر بعد مصرع سليماني.

رعد هاشم

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية