قال روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض الأحد 24 مايو (أيار)، إن تشريع الأمن القومي الذي اقترحته الصين بشأن هونغ كونغ قد يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية، تعرّض للخطر مكانة هونغ كونغ كمركز مالي إقليمي.
وأعلن في تصريح صحافي “يبدو من هذا التشريع أنهم يقومون بالسيطرة على هونغ كونغ… وإذا فعلوا، لن يكون بإمكان وزير الخارجية مايك بومبيو تأكيد الحفاظ على درجة عالية للحكم الثاني في هونغ كونغ، وفي حال حدوث هذا الأمر، ستُفرض عقوبات على كل من هونغ كونغ والصين”.
الصين تستعجل تطبيقه
تصريح أوبراين جاء عقب مواجهات بين شرطة مكافحة الشغب في هونغ كونغ الأحد وآلاف المتظاهرين احتجاجاً على مشروع القانون المثير للجدل، الذي تسارع بكين لفرضه في هذه المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.
وأكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن القانون الذي قُدّم إلى البرلمان، يجب أن يطبّق “بلا أي تأخير”، بينما تخشى الحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ أن يوجّه المشروع ضربة خطيرة للحريات في المدينة.
وقدم النظام الشيوعي إلى البرلمان الجمعة نصاً يهدف إلى منع “الخيانة والانفصال والعصيان والتخريب” في هونغ كونغ، رداً على تظاهرات المعارضة الديمقراطية العام الماضي.
وندّد ناشطو التيار الديمقراطي بهذا الإجراء في قضية تواجه معارضة منذ سنوات من قبل سكان هونغ كونغ.
“لقد عدنا”
ولبى ناشطون الدعوة بعيد ظهر الأحد وتجمعوا في حي كوزواي باي التجاري وهم يردّدون هتافات ضد الحكومة.
أو ما يكتبونه ضد الحكومة”، في إشارة إلى مشروع القانون الذي عرضته بكين. وأضاف “سكان هونغ كونغ غاضبون لأننا لم نكن نتوقّع أن يحدث ذلك بهذه السرعة وبهذه الطريقة الفجّة”.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن مجموعة المتظاهرين الصغيرة بدأت بعد ذلك السير باتجاه حي وانشاي المجاور، قبل أن تصدّها الشرطة بالغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل. وجرى توقيف محتج واحد على الأقل.
ولم تشهد جزيرة هونغ كونغ منذ أشهر مواجهات من هذا النوع، كانت تكرّرت في 2019.
ووقعت بين يونيو (حزيران) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين أسوأ أزمة سياسية منذ إعادتها إلى بكين في 1997، تمثلت بتحركات وتظاهرات شبه يومية، وفي بعض الأحيان عنيفة.
وعزّز فوز المؤيدين للديمقراطية في الانتخابات المحلية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) هذه التعبئة، لكنها هدأت في بداية العام بسبب اعتقال الآلاف من قبل الشرطة، خصوصاً بسبب القيود التي فُرضت على التجمعات لاحتواء وباء كوفيد-19.
وكُتب على جدار بالقرب من محطة قطار الأنفاق في كاولون تونغ “لقد عدنا… نلتقي في الشارع يوم 24 مايو”.
توقيف العشرات
وكانت الشرطة حذّرت من أنها يمكن أن تتدخّل ضد أي تجمع غير قانوني، مشيرةً إلى القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وهي تمنع أي لقاء يضمّ أكثر من ثمانية أشخاص في الأماكن العامة.
وقالت قوات الأمن في بيان السبت إن “الشرطة ستنشر غداً (الأحد) القوات الضرورية في الأماكن المناسبة وستعمل بتصميم على حفظ النظام العام وستقوم بالاعتقالات اللازمة”.
ومساء الأحد، ذكرت الشرطة أنّه تم توقيف 120 شخصاً على الأقل، فيما واصلت السلطات محاولة تطهير منطقة التظاهرات.
تتمتّع هونغ كونغ بحكم ذاتي واسع جداً بالمقارنة مع بقية مناطق البلاد التي يقودها الحزب الشيوعي الصيني، بموجب مبدأ “بلد واحد ونظامان” الذي اعتُمد عند إعادة بريطانيا المنطقة إلى الصين.
ولهذا السبب، يتمتّع سكانها بحرية في التعبير والصحافة وبقضاء مستقل. وهذه الحقوق لا تعرفها مناطق أخرى في البلاد.
ويُفترض أن يستمر العمل بهذا المبدأ حتى 2047 لكن كثيرين من السكان يدينون منذ سنوات تزايد تدخلات بكين.
ويرى كثيرون في توجه الصين أخطر مساس حتى اليوم بشبه الحكم الذاتي الذي تتمتّع به هونغ كونغ.
مقدمة لقمع أي معارضة
وتنص المادة 23 من “القانون الأساسي” الذي يشكّل منذ عقدين شبه دستور للمنطقة، على أن تضع هونغ كونغ بنفسها قانوناً حول الأمن.
لكن هذا البند لم يطبَّق يوماً لأن جزءًا كبيراً من سكانها يرون في قانون من هذا النوع تهديداً لحرياتهم. وكانت آخر محاولة للسلطة التنفيذية لتطبيق المادة 23 أخفقت في 2003 بعد تظاهرات حاشدة.
ويخشى معارضو النص أن تدرج فقرة فيه تسمح لرجال الأمن الصينيين بإجراء تحقيقات في هونغ كونغ مع نظرائهم في المنطقة. ويعتبر كثيرون ذلك مقدمة لقمع أي معارضة قد تنشأ فيها.
وقال كريستي شان (23 سنة) الذي كان من بين المحتجين “أنا خائف جداً لكن يجب علينا التظاهر”.
وسيُطرح مشروع القرار للتصويت عليه في البرلمان الصيني الخميس في الجلسة الختامية للدورة التشريعية الحالية.
ولا شك في نتيجة هذا التصويت إذ إنّ الجمعية الوطنية الشعبية تخضع لقرارات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.