حذَّر وزير المال العراقي علي علاوي من أن اقتصاد بلاده قد يواجه صدمات لا يمكن معالجتها ما لم يتم تبني إجراءات إصلاحية خلال أقل من عام.
وقال علاوي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إن تنفيذ الإصلاح هذا العام بات أمرا ملحا وضروريا، فيما تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد العراقي سيواجه تقلصا بنسبة 10% خلال العام الجاري.
وأشار علاوي -الذي كان وزيرا للمال أيضا خلال فترة الحكومة الانتقالية بين عامي 2005 و2006- إلى أن الوضع اليوم أسوأ لأن بغداد تواجه حالة اقتصادية وجودية، موضحا أنه في تلك المرحلة كان سعر برميل النفط 35 دولارا تقريبا، لكن عدد موظفي الدولة كان أقل من مليون، واليوم هناك أكثر من 4 ملايين موظف والعديد من العراقيين الآخرين الذين يتقاضون رواتب ومعاشات تقاعدية، وهذا يعني مبلغا شهريا يراوح بين 4 و5 مليارات دولار.
ومع حصول واحد من كل 5 عراقيين على معونات حكومية، تصبح الفاتورة أثقل على الدولة التي تعتمد في دفع كل نفقاتها على النفط الذي انهارت أسعاره قبل أشهر مع نقص شديد في الطلب عليه.
ووفقا لعلاوي، فإن على الحكومة دفع رواتب يونيو/حزيران ويوليو/تموز في الوقت المحدد، عبر الاقتراض من المصارف الحكومية؛ لكنه حذر من أن هذه الإجراءات ممكنة لفترة قصيرة وإلا فإنها “ستؤثر على هيكلة الأسعار، وبالتالي على التضخم، مما سيؤثر بدوره على سعر الصرف وعلى الاحتياطي في البنك المركزي”.
وأضاف أنه في مواجهة النفقات التي تزايدت على مر السنوات، وجدت الحكومة الخزينة فارغة بعد 17 عاما من الغزو الأميركي الذي أرسى نظاما سياسيا جديدا نخره الفساد والمحسوبيات، ووضع العراق في مراتب متقدمة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم.
وقال علاوي إن “من المفروض أن يكون لدى الحكومة 1.5 شهر من النفقات قبل أن تواجه أزمات”، موضحا أنه كان يفترض أن يكون للعراق سيولة بين 10 إلى 15 تريليون دينار، “لكن الخزينة لم يكن فيها سوى تريليوني دينار فقط”.
وأوضح علاوي أنه سيتعين على 40 مليون عراقي أن يخضعوا لسياسة تقشف مشددة قد تستمر عامين. وإضافة إلى ذلك، ستقوم السلطات بمعالجة الثغرات في جدول الإنفاق، وخصوصا في ما يتعلق بتعدد الرواتب أو “الفضائيين” كما تتم تسميتهم، وهم المسجلون في قوائم الرواتب من دون مزاولة العمل.
النفط والثقة
وعلى المستوى الحكومي، سيتعين تنفيذ وعود طال انتظارها لتنويع الاقتصاد، وعدم جعل مصير البلاد رهن أسواق الخام العالمية، وبدء المناقشات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وأكد علاوي أن “سعر النفط إذا استمر في هذا المستوى لمدة سنة، وبقي الإنفاق على ما هو عليه، فمن دون شك سنصطدم بحائط. لا يمكننا أن ندير دولة -خصوصا من الجانب الاقتصادي- مع أمل فقط بارتفاع أسعار النفط لتغطية النفقات”.
ورغم أن علاوي عاصر أزمة مماثلة عام 2005، فإنه أقر هذه المرة بأن أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة اتسعت، بعد 6 أشهر من احتجاجات غير مسبوقة قُمعت بالقوة من قبل حكومة عادل عبد المهدي السابقة.
وبالفعل في بداية يونيو/حزيران الحالي، عندما تم استقطاع المعاشات التقاعدية في أولى خطوات سياسة التقشف الحكومية، كان الاحتجاج بالإجماع ضد علاوي ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حتى داخل البرلمان الذي تناط به عادة الموافقة على الإصلاحات، وخصوصا محاربة الفساد الذي أدى إلى تبخّر أكثر من 450 مليار دولار من المال العام منذ عام 2003.
المصدر : الفرنسية