ودائع البنوك الحكومية في تركيا تقترب من الخطوط الحمر

ودائع البنوك الحكومية في تركيا تقترب من الخطوط الحمر

تواجه البنوك الحكومية في تركيا خطر نضوب مستويات ودائع الأموال الخاصة وسط تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار نتيجة التوترات، التي دأب الرئيس رجب طيب أردوغان على افتعالها، الأمر الذي يضعها في دائرة المشاكل في ظل جبال الديون المتعثرة.

أنقرة – أكدت تصريحات مصادر في القطاع المصرفي التركي حول افتقار البنوك التي تديرها الدولة إلى العملات الأجنبية لدعم الليرة مدى عمق الأزمة المالية للبلاد في ظل افتقار رؤية لإصلاح الخراب الذي خلفته مغامرات الرئيس رجب طيب أردوغان.

ونسبت وكالة رويترز إلى أربعة مصادر قولها إن البنوك ضاعفت تقريبا معاملاتها القصيرة إلى حوالي 8.3 مليار دولار في ستة أسابيع للمساعدة في الدفاع عن العملة المتعثرة في أكبر تدخل مباشر لعدة سنوات.

وتأتي التداولات بالإضافة إلى أكثر من 90 مليار دولار من تدخلات البنك المركزي في سوق العملات منذ العام الماضي، مما يعني أنه تم استخدام ما مجموعه حوالي 100 مليار دولار لدعم الليرة.

وقال مصدر مصرفي بارز، لم تكشف رويترز عن هويته، “أشك في أن البنوك الحكومية تمد يد المساعدة لأن احتياطيات البنك المركزي قد استهلكت إلى حدّ كبير”.

وانخفضت الليرة إلى مستوى قياسي بلغ 7.269 مقابل الدولار مطلع مايو الماضي، مما يهدد الاستقرار المالي وبرنامج المركزي لخفض أسعار الفائدة.

وتسببت أزمة العملة خلال صيف 2018 في تراجع اقتصادي عميق، مما دفع المركزي إلى تخفيف السياسة النقدية في العام التالي لدعم التحفيز الحكومي.

وتم تداول العملة التركية بشكل مسطح تقريبا عند حوالي 6.86 مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة، ولكن ستظهر احتمالات عودتها إلى التراجع مرة أخرى نتيجة التدخل العسكري الذي يمارسه أردوغان في كل من سوريا وليبيا.

وبينما باعت البنوك الحكومية الدولارات المقترضة من المركزي، فإنها احتفظت بمركز صرف أجنبي محايد منذ الأزمة المالية في تركيا مطلع الألفية الثالثة.

ولكن تلك السياسات تغيرت منذ ديسمبر الماضي وبحلول الـ22 من مايو الماضي كانت لدى البنوك الحكومية مراكز قصيرة صافية بقيمة 4.3 مليار دولار.

وتظهر البيانات الرسمية الصادرة مؤخرا عن الهيئة المصرفية في تركيا إن هذا المبلغ تضاعف تقريبا بحلول الثالث من يوليو الجاري.

ودفعت المعاملات البنوك الحكومية إلى ما بعد الحدّ التنظيمي البالغ 20 في المئة من رأس المال لمثل هذه الصفقات.وبحسب أرقام الهيئة الرقابية فإن البنوك غير الحكومية يبلغ حجم رأس مالها 4.1 مليار دولار بالعملة الأجنبية.

وتأتي التدخلات في سوق العملات في الوقت الذي تسعى فيه السلطات إلى منع المؤسسات المالية المحلية والأجنبية من بيع الليرة، حيث فتحت تحقيقات في العديد من البنوك الأجنبية بتهمة التلاعب بالعملة.

ويعاني الاقتصاد التركي من أزمات متلاحقة وهو ما دفع أردوغان إلى البحث عن مصادر تمويل مهما كلفه الثمن من أجل إنعاش مستويات النمو.

منذ مطلع العام الجاري باع البنك المركزي حوالي 60 مليار دولار من احتياطياته بالإضافة إلى نحو 32 مليار دولار في العام الماضي.

وقال المركزي في مايو الماضي إنه زاد في حجم اتفاق مبادلة العملة مع قطر بثلاثة أمثاله، إلى ما يعادل 15 مليار دولار من 5 مليارات، في اتفاق يوفر سيولة أجنبية تشتد الحاجة إليها لتعويض الاحتياطيات التي استنزفت والمساهمة في استقرار الليرة.

وشهدت تركيا زيادة في الطلب على القروض خلال تفشي الوباء، بالتوازي مع تزايد أعداد العاطلين عن العمل ونسبة الفقر، حيث وصل عدد المقترضين لأول مرة إلى مليون شخص خلال شهر أبريل الماضي.

وتظهر أرقام جمعية المصارف التركية حصول نحو 920 ألف شخص على قروض لتلبية احتياجاتهم المالية وإتمام عمليات الشراء الصغيرة.

وحددت الجمعية في تقرير نشرته الشهر الماضي أن قرابة 38 ألف مواطن أصبحوا يستخدمون بطاقات الائتمان للمرة الأولى، في فترة سجلت فيها البنوك اعتماد 13 ألف تركي على القروض العقارية.

وتشجع الحكومة الأسر والشركات على اقتراض المزيد من الأموال لمنع البلاد من الدخول في ركود ثان خلال عامين، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يتسبب تفشي الفايروس في انكماش الاقتصاد بنسبة 5 في المئة سنة 2020.

وذكرت جمعية المصارف أن مجموع المقترضين وصل إلى 32 مليون شخص بمتوسط ديون يبلغ 21 ألف ليرة (3092 دولارا).

وزادت نسبة اقتراض الأفراد من تعداد سكان يبلغ 80 مليون نسمة بنسبة 21 في المئة خلال العام الماضي لتصل إلى 664 مليار ليرة (96.7 مليار دولار).

كما أن القروض التجارية زادت بنسبة 20 في المئة سنويا في أبريل الماضي إلى 2.59 تريليون ليرة، ليرتفع معها مقدار القروض المتعثرة بنحو 1 في المئة مقارنة بالسنة الماضية لتصل إلى 5.4 في المئة من إجمالي القروض.

ومن بين مختلف القطاعات التجارية، كانت نسبة القروض العاطلة الأكبر في قطاع البناء، بنسبة 11 في المئة، قبل السياحة التي سجّلت نسبة 8.3 في المئة.

ورغم ذلك حث وزير المالية براءت البيرق خلال محادثات مع بعض كبار المصرفيين في البلاد على زيادة تدفق الائتمانات وحماية الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 750 مليار دولار من الصدمة الناتجة عن الأزمة الصحية.

وانتقدت الحكومة بعض البنوك لعدم إقراضها ما يكفي من الأموال ولفشلها في اتباع أوامرها، حيث طلبت منها تمديد مهلة السداد للمقترضين الذين يعانون من ضائقة مالية.

العرب