يقدّر إجمالي ديون القارة الأفريقية بحوالي 365 مليار دولار، ثلثها يعود إلى الصين، وفي ظل رغبة الدول الكبرى في مساعدة دول القارة على تجاوز مشاكلها الاقتصادية العميقة تُتهم الصين بعدم التعاون بالقدر الكافي لإعادة جدولة ديون الدول الأفريقية، وبالسعي لجرها إلى المزيد من القروض.
وفي مقال بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية قالت الكاتبة فيرجيني مانجين إن الصين -الدائنة الكبرى لدول القارة السمراء- وجدت نفسها مجبرة على تعليق ديون دول القارة مؤقتا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، لكنها لا تعتزم بتاتا إلغاء أي من تلك الديون، وفق تعبيرها.
ووافقت بكين بتحفظ على الاتفاق الذي توصلت إليه مجموعة العشرين في أبريل/نيسان الماضي، والذي ينص على تعليق ديون الدول الأشد فقرا حتى نهاية العام الحالي، فيما تستمر المفاوضات على تمديد الاتفاق عاما إضافيا.
ولا يشمل اتفاق مجموعة العشرين جميع الدول الأفريقية، إذ تم استبعاد الدول التي حصلت على قروض من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، كما يستبعد الاتفاق القروض التجارية التي حصلت عليها الدول الأفريقية من بنوك استثمارية، مثل بنك التصدير والاستيراد في الولايات المتحدة وبنك التنمية الصيني.
ولا يشمل التأجيل -الذي تعتبره الدول الأفريقية غير كاف- سوى جزء صغير من إجمالي ديون القارة، وفق الصحيفة الفرنسية.
وحسب جامعة جونز هوبكنز، فقد أقرضت الصين الدول الأفريقية 143 مليار دولار بين عامي 2000 و2017 لبناء طرق وجسور وملاعب ومستشفيات في إطار ما تعرف بـ”مبادرة طريق الحرير الجديد”.
ووفق تقديرات معهد التنمية الخارجية ومقره لندن، تمثل القروض الصينية 70% من الديون الخارجية لدولة جيبوتي كما أورد تقرير لوفيغارو.
وذكرت الكاتبة فيرجيني مانجين أن ضغوطا دولية تمارس على الصين في الوقت الحالي، للانخراط في اتفاقية لإعادة جدولة ديون الدول الأفريقية، في وقت تُتهم فيه بأنه تسعى إلى توريط القارة السمراء في المزيد من الديون.
وتنقل الكاتبة عن رئيسة قسم آسيا في مؤسسة البحوث الإستراتيجية في فرنسا فاليري نيكي قولها إن “الحل القابل للتطبيق للديون الأفريقية يتضمن بالضرورة انخراط الصين في عملية متعددة الأطراف، ولذلك تجد بكين نفسها تحت ضغط كبير من أجل التعاون مع الدول الأخرى”.
وبحسب الكاتبة، فإن الصين لا تعتزم إيجاد حل دولي لمشكلة ديون الدول الأفريقية، لأن ذلك يعني مزيدا من الرقابة والشفافية التي تتعارض مع مصالحها.
وتقول إن بكين لا تبدي قدرا كبيرا من التعاون مع “نادي باريس” الذي يضم حاليا 22 دولة دائنة، ويهدف إلى تخفيف شروط منح القروض للدول الأفريقية.
وكشف مركز التنمية العالمية أن “أسعار الفائدة التي تفرضها البنوك الصينية أعلى مرتين من أسعار الفائدة التي يفرضها البنك الدولي”.
وتتوقع الكاتبة أن تواصل بكين التفاوض مع كل دولة على حدة، دون أن تكون هناك مقاييس واضحة، ودون أن يكون هناك تفكير في إلغاء بعض الديون بشكل كامل مثلما تطالب به دول أفريقية عدة.
الرئيس الصيني حث الدول المتقدمة على تخفيف أعباء الديون وتعليقها بالنسبة لأفريقيا (الأوروبية)
لكن الرئيس الصيني شي جين بينغ قال في يونيو/حزيران الماضي إن بلاده تعتزم إلغاء ديون الدول الأفريقية المعنية في شكل قروض حكومية معفاة من الفوائد المستحق سدادها بحلول نهاية 2020.
وقال شي في كلمة خلال قمة الصين-أفريقيا الاستثنائية بشأن التضامن في مواجهة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) إن بلاده تتطلع إلى أن يلعب المجتمع الدولي -ولا سيما الدول المتقدمة والمؤسسات المالية متعددة الأطراف- دورا أكثر فاعلية في تخفيف أعباء الديون وتعليقها بالنسبة لأفريقيا، وفق ما ذكرت وكالة شينخوا الرسمية.
وفي يوليو/تموز الماضي أحجم مسؤولو مجموعة العشرين عن إصدار توصية بتمديد تجميد الديون، واكتفى البيان الختامي للمجموعة وقتها بالإشارة إلى بحث قضية تمديد تجميد المدفوعات عاما آخر، وذلك في النصف الثاني من العام الحالي.
ولم يتطرق البيان أيضا إلى دعوات متزايدة لإلغاء ديون بعض الدول الأشد فقرا وعدم الاكتفاء بتأجيلها.
وأظهرت المبادرة -التي وافق عليها وزراء دول المجموعة في أبريل/نيسان الماضي- صعوبة في تنفيذها بعدما عبرت 42 دولة فقط من بين 73 عن اهتمامها ليجري توفير 5.3 مليارات دولار فقط من مدفوعات خدمة الديون بدلا من 12 مليارا التي جرى التعهد بها في البداية.
الجزيرة