هدم وحرق مقار للميليشيات جنوب العراق ردا على اغتيال نشطاء

هدم وحرق مقار للميليشيات جنوب العراق ردا على اغتيال نشطاء

بغداد – ردت مدينة الناصرية جنوب العراق على حملة اغتيالات استهدفت نشطاء في البصرة وبغداد، بتهديم مقرات الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران، وفي البصرة أحرق محتجون مقر البرلمان في المدينة احتجاجا على عدم إقالة المحافظ بسبب ما اعتبروه صمتا على الاغتيالات.

واستخدم متظاهرو الناصرية الجرافات لهدم ثلاثة من مقرات أهم الأحزاب والمنظمات الشيعية في المدينة، وهي حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي.

ويشكل هذا الثلاثي العصب الرئيسي للنفوذ الإيراني في العراق على مستويات السياسة والعمل الاستخباري والأنشطة الاقتصادية.

وشكلت هذه الحملة ذروة التصعيد من قبل المتظاهرين في مدينة الناصرية منذ انطلاق التظاهرات مطلع أكتوبر 2019، بعد مناوشات مستمرة مع الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران، بدأت بالتظاهر قرب مقراتها ثم محاصرتها ثم اقتحامها وإحراقها، وصولا إلى إزالتها بشكل كلي.

وفي مدينة البصرة بجنوب العراق، أضرم محتجون النار في مكتب مجلس النواب وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص في الهواء لتفريقهم.

واحتشد المحتجون لمطالبة البرلمان العراقي بإقالة المحافظ بعد مقتل اثنين من الناشطين وإصابة آخرين في ثلاث هجمات منفصلة نفذها مسلحون مجهولون خلال الأيام القليلة الماضية.

وفتحت قوات الأمن النار في حين كان المحتجون يلقون القنابل الحارقة على المبنى.

ولقيت الناشطة ريهام يعقوب، التي قادت عدة مسيرات نسائية في الماضي، حتفها يوم الأربعاء وأصيب ثلاثة آخرون عندما فتح مسلحون يحملون بنادق هجومية ويستقلون دراجة نارية، النار على سيارتهم.

وهذه هي الحادثة الثالثة هذا الأسبوع التي يستهدف فيها مسلحون أحد النشطاء السياسيين المناهضين للحكومة، بعد مقتل أحد النشطاء وإطلاق النار على أربعة آخرين في سيارتهم في حادث منفصل.

وبدأت موجة العنف عندما اغتيل الناشط تحسين أسامة الأسبوع الماضي، مما أدى إلى مظاهرات في الشوارع استمرت ثلاثة أيام أطلقت خلالها قوات الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين الذين رشقوا منزل المحافظ بالحجارة والقنابل الحارقة وأغلقوا عدة طرق رئيسية.

وأقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مسؤولين في شرطة البصرة والأمن الوطني يوم الاثنين وأمر بفتح تحقيق في أعمال العنف. وهدّأ ذلك المتظاهرين حتى أعاد مقتل ريهام يعقوب خروجهم إلى الشوارع.

وتولى الكاظمي منصبه في مايو الماضي، ليصبح ثالث رئيس حكومة عراقية أثناء فترة سادتها الفوضى استمرت 10 أسابيع أعقبت شهورا من الاحتجاجات العنيفة في البلاد، التي استنزفتها عقود من العقوبات والحرب والفساد والتحديات.

ويقول مراقبون إن الميليشيات الموالية لإيران حركت فرق اغتيالاتها في وسط وجنوب العراق لتصفية نشطاء يشجعون انفتاح العراق على العالم وخروجه من دائرة الهيمنة الإيرانية.

ويبدو أن الهدف من حملة الاغتيالات الأخيرة هو إظهار الكاظمي بمظهر العاجز أمام الإدارة الأميركية، لاسيما أن الاستهداف طال نشطاء يدعمون حكومته.

وأذكت حملة الاغتيالات مخاوف واسعة في أوساط النشطاء، وسط دعوات إلى حمل السلاح بهدف الدفاع عن النفس.

ويقول مراقبون إن إيران تخوض عبر ميليشياتها في العراق حربا مفتوحة ضد مختلف أنواع الخصوم، الذين يشكلون في مجملهم أغلبية السكان.

ووفقا لاستطلاعات رأي حديثة، خسرت إيران والأحزاب التي تمثلها والميليشيات التي تتبعها في العراق، الجانب الأكبر من شعبيتها وحضورها، وباتت معظم أشكال دعايتها تؤدي إلى نتائج عكسية، منذ اندلاع حركة الاحتجاج في أكتوبر 2019.

ومنذ انطلاق الاحتجاجات، شككت وسائل الإعلام العراقية التي يمولها الحرس الثوري الإيراني في دوافعها وقالت إن النشطاء الذين يقودونها يتلقون الدعم من أميركا والسعودية وإسرائيل، فيما حاولت التغطية على جرائم الميليشيات الشيعية ضد الآلاف من المتظاهرين.

وعندما توجه الكاظمي إلى الولايات المتحدة يوم الثلاثاء، قال الإعلام العراقي الذي يموله الحرس الثوري الإيراني إن واشنطن أذلت رئيس الوزراء العراقي عبر مراسم استقباله البسيطة ثم سرقت ثروات العراق عبر توقيع عقود احتكار لإنتاج الغاز والكهرباء مع شركات أميركية، فيما أصدرت الميليشيات العراقية التابعة لطهران إعلانات تهديد صريحة باستهداف كل أشكال الوجود الأميركي في العراق.

ويعتقد مراقبون أن الميليشيات العراقية التابعة لإيران فقدت صوابها عندما رأت الكاظمي وهو يقترب بشدة من الأميركان، لذلك قادت حملة تشويه ضده في وسائل إعلامها، وحركت فرق الاغتيالات التابعة لها لاستهداف النشطاء بهدف إظهاره ضعيفا.

وتترقب الأوساط السياسية اندلاع مواجهة من نوع ما بين الحكومة والميليشيات الإيرانية، بعد أن اقترب التوتر بين الجانبين من بلوغ نقطة الانفجار.

لكن مراقبين يرون أن زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة، التي تُوصف بأنها ناجحة جدا، انتهت دون تعهد أميركي صريح بدعم العراق في حال اندلاع أي مواجهة بين الحكومة وإحدى الأذرع الإيرانية.

العرب