قطع المياه.. ابتزاز تركي يخنق الحسكة منذ ثلاثة أسابيع

قطع المياه.. ابتزاز تركي يخنق الحسكة منذ ثلاثة أسابيع

الحسكة (سوريا)- يعيش سكان مدينة الحكسة السورية منذ ثلاثة أسابيع ابتزازا تركيا باستخدام المياه كسلاح حرب ضد المدنيين وذلك للمرة الثامنة منذ سيطرة القوات التركية على محطة علوك الواقعة في ريف الحسكة الشمالي.

وقد عمدت القوات التركية إلى السيطرة على محطة علوك، أحد الأهداف الأساسية لعملياتها العسكرية، بهدف استخدام المياه كعامل ضغط لتأليب السكان المحليين في الحسكة على قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الكردية.

وعلى الرغم من المفاوضات التي جرت بين الروس والأتراك من أجل إعادة ضخ مياه الشرب إلى المنطقة التي تغذي مدينة الحسكة ومناطق أُخرى لكن العديد من سكان المدينة قالوا، الإثنين، إن المياه لم تصلهم بعد.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الأزمة الأخيرة مردها أن القوات التركية طلبت من الإدارة الذاتية زيادة التغذية بالكهرباء إلى منطقة سيطرتها، الأمر الذي قوبل بالرفض. فكان الرد بقطع المياه بشكل كامل عن الحسكة.

وبعد عشرة أيام من انقطاع المياه، وفق سويد، ردّت الإدارة الذاتية بدورها بوقف تزويد مدينة رأس العين بالكهرباء بشكل كامل.

ففي أحد أحياء الحسكة، قضت شيخة مجيد عشرين يوماً تبحث عن مياه صالحة للاستخدام، بعد توقف مضخة رئيسية عن العمل، وأمام باب منزلها انتظرت مع حفيدها وصول أحد صهاريج المياه المتنقلة لتعبئة خزانها.

وتقول السيدة المسؤولة عن إعالة سبعة أولاد وحفيدين “أركض طوال الوقت خلف الصهاريج، أتوسل الجيران أحياناً للحصول على المياه، وأستدين المال لإدارة أموري”، مضيفة “لو كانت المياه متوفرة لاستخدمت ثمن شرائها لتوفير الطعام لأولادي”.

وتوضح “غالبية الأحيان نستحم بالمياه المالحة” من الآبار، التي من الصعب حتى استخدامها لغسيل الثياب، في وقت تعد النظافة الشخصية أولوية مع انتشار فايروس كورونا المستجد في شمال شرق سوريا.

وتسيطر القوات التركية وفصائل سورية موالية لها منذ هجوم شنته ضد المقاتلين الأكراد في اكتوبر، على منطقة حدودية واسعة تضم مدينة رأس العين حيث تقع محطة مياه علوك التي تزود 460 ألف نسمة بينهم سكان مدينة الحسكة.

وفي الحسكة، يقول صالح فتاح “احتلوا رأس العين وماءها، إنها السخرية بحد ذاتها أن يحتلوا أرضنا ويقطعوا عنا مياهنا”.

وهذه المرة الثامنة التي تحصي فيها الإدارة الذاتية الكردية قطع القوات التركية المياه عن الحسكة عبر توقيف الضخ من محطة علوك، وفق ما تقول الرئيسة المشتركة لمديرية المياه سوزدار أحمد.

اقرأ أيضا: #العطش_يخنق_الحسكة انتفاضة ضد الابتزاز التركي

ويحاول الأتراك، بحسب قولها، “الضغط على الإدارة الذاتية لتقبل بشروطهم ويطلبون كل مرة زيادة في كمية الكهرباء” التي تمدها الإدارة الذاتية إلى محطة علوك ومدينة رأس العين.

وفي شوارع مدينة الحسكة الضيقة، تتنقل نساء وأطفال حاملين عبوات فارغة بانتظار تعبئتها من صهاريج المياه التي تجوب الأحياء، بعضها مقدم من الأمم المتحدة والآخر من منظمات غير حكومية، بينما يسيّر تجّار عددا منها مقابل بدل مادي.

وتجول الصهاريج يوميا لتملأ الخزانات في الأحياء، إلا أن الكميات لا تكفي لقضاء حاجة السكان إلى المياه للشرب والطبخ والغسيل والاستحمام.

ويشكو سكان من استغلال بعض أصحاب الصهاريج الأزمة لرفع أسعارهم، في حين أن بعض العائلات غير قادرة على دفع الثمن، فتضطر إلى استخراج مياه الآبار غير النظيفة أو طلب المساعدة من جيرانها لتأمين ولو جزء بسيط من حاجتها.

ويقول محمّد خطر الستيني إنها ليست أول مرة تُقطع فيها المياه عن مدينته “لكن هذه المرة طال الأمر كثيراً”.

ويضيف “نحن لا نتدخل في السياسة. كل ما نريده هو أن نأكل الخبز ونشرب المياه ونمارس أعمالنا” المعطلة جراء تدابير الإغلاق التي فرضتها الإدارة الذاتية الكردية مع انتشار فايروس كورونا المستجد.

وسجلت الإدارة الذاتية الكردية في مناطق سيطرتها، التي تعاني من نقص في الخدمات وضعف البنى الصحية، 394 إصابة بينها 26 وفاة.

وفي مارس الماضي، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن مئات آلاف الأشخاص في شمال شرق سوريا يواجهون مخاطر متزايدة بالإصابة بفايروس كورونا المستجد بسبب انقطاع إمدادات المياه، منددة باستخدام محطات المياه “لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية”.

ويتحسّر سكان الحسكة منذ ثلاثة أسابيع على انقطاع المياه. وطغى وسما #العطش_يخنق_الحسكة و#الحسكة_عطشى على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا. وأعرب فنانون عدة سوريون وعرب عن تضامنهم مع سكان المدينة.

وتوضح الرئيسة المشترك لهيئة الطاقة والاتصالات في الإدارة الذاتية أهين سويد أنه “منذ احتلال الأتراك مدينة رأس العين جرت مرات عدة مفاوضات بسبب انقطاع المياه من محطة علوك”.

وتم الاتفاق بداية على تزويد المحطة ومدينة رأس العين بالكهرباء من محطة الدرباسية التابعة للإدارة الذاتية، على أن يضخ الأتراك بالمقابل المياه للحسكة، إلا أنه “تم استغلال هذه النقطة من قبل الأتراك” على حد قولها.

ويرجح الباحث في الشأن السوري نيكولاس هاريس أن تواصل تركيا قطع المياه عن المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد.

ويوضح أن “السيطرة على محطة علوك كانت أحد الأهداف الأساسية للعملية العسكرية التركية، لأن أنقرة تريد استخدام المياه كعامل ضغط لتأليب السكان المحليين في الحسكة على قوات سوريا الديمقراطية”، الذراع العسكرية للإدارة الكردية.

ويشير إلى أن ردّ الأكراد بوقف إمدادات الكهرباء لا يقارن بقطع المياه عن نحو نصف مليون شخص.

وطالما أنها تسيطر على علوك، بوسع تركيا وفق هاريس استخدام “هذا التحدي الهائل في أي وقت تريد ضد قوات سوريا الديمقراطية”.

العرب