ذكر وزير النفط السوري بسام طعمة أن سوريا تعاني نقصا حادا في البنزين نتيجة العقوبات الأميركية المشددة التي تعطل واردات الوقود الحيوية، وذلك في أحدث أزمة تضر باقتصاد البلد الذي دمرته الحرب.
وقال طعمة للتلفزيون الرسمي إن قانون قيصر – وهو أكثر العقوبات الأميركية صرامة ودخل حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) الماضي ويحظر تعامل الشركات الأجنبية مع دمشق – عطل عدة شحنات من موردين لم يكشف عنهم.
وأضاف الوزير «تشديد الحصار الأميركي ومنعه وصول التوريدات اضطررنا إلى أن نخفض هذا التوزيع نحو 30 إلى 35 في المائة». ويقول سكان إن هناك نقصا حادا في العاصمة والمدن الرئيسية، حيث تشكلت طوابير طويلة من المركبات بمحطات البنزين الأسبوع الماضي.
ويأتي نقص الوقود مع دخول البلاد في خضم أزمة اقتصادية، وسط انهيار العملة وارتفاع التضخم بشدة، مما يزيد من حدة المصاعب التي يواجهها السوريون الذين يعانون من حرب مندلعة منذ أكثر من تسع سنوات. وحددت الحكومة للمركبات الخاصة حصة حجمها 30 لترا من البنزين كل أربعة أيام، وقال السكان إن مئات من سائقي السيارات ينتظرون لساعات قبل فتح محطات الوقود.
وانهار إنتاج النفط بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها في قطاع من الأرض شرقي نهر الفرات في دير الزور.
وحقول النفط هذه واقعة الآن في أيدي الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة، والذين يواصلون بيع جزء من النفط إلى دمشق.
وسبق أن اعتمدت سوريا على شحنات النفط الإيرانية، لكن تشديد العقوبات عليها وعلى الجمهورية الإسلامية وحلفائهما أدى إلى توقف الإمدادات العام الماضي.
وقال طعمة إن النقص تفاقم بسبب أعمال الصيانة الرئيسية في مصفاة بانياس، أكبر مصفاة في البلاد، والتي توفر ثلثي احتياجاتها من البنزين.
وأضاف أن أعمال الصيانة التي لم يكن منها بد في المصفاة البالغ طاقتها 130 ألف برميل يوميا ستكتمل خلال عشرة أيام، مما سيرفع طاقتها بنسبة 25 في المائة. ومضى يقول «الأزمة إلى انفراج نهاية هذا الشهر مع انتهاء العمرة في مصفاة بانياس وعودتها للعمل حيث سيزيد إنتاج مادة البنزين بنسبة 25 في المائة». وأفاد الوزير بأن شحنات من عدة مصادر لم يكشف عنها ستساعد أيضا في تخفيف الأزمة في وقت لاحق هذا الشهر.
ويقول متعاملون إن واردات النفط عبر مرفأ بيروت تعطلت أيضا في أعقاب الانفجار الكبير الذي شهده في أغسطس (آب) الماضي.
وتتهم واشنطن سوريا منذ فترة طويلة بتهريب النفط من خلال لبنان عبر منطقة حدودية يسهل اختراقها يسيطر عليها حزب الله، حليف دمشق، المدعوم من إيران. وقال متعاملان إن نقص العملة الأجنبية أجبر دمشق أيضا على استيراد كميات أقل من الوقود في الشهرين الماضيين، مما زاد من شح الإمدادات.
ولم تخفف تصريحات طعمة من حدة القلق السوريين المتزايد جراء أزمة البنزين الخانقة التي تعيشها البلاد.
وكانت وزارة النفط قد قررت بداية سبتمبر (أيلول) الجاري «تخفيض كمية تعبئة البنزين للسيارات الخاصة من 40 إلى 30 ليتراً». وأعقب القرار أزمة حادة في مادة البنزين، حيث تشهد كافة المحافظات السورية الواقعة تحت سيطرة النظام طوابير تمتد لعدة كيلومترات في محيط محطات الوقود، لتتجاوز عدد ساعات الانتظار العشر ساعات، وأحيانا يمضي يوم كامل دون الحصول على البنزين، كما تشهد المحطات شجارات عنيفة تصل إلى حد إطلاق النار وذلك في الوقت الذي قفز فيها سعر ليتر البنزين في السوق السوداء إلى أكثر من ألفي ليرة سورية، في حين أن سعره المدعوم 250 ليرة سورية لليتر الواحد من «نوع أوكتان 90» و575 ليرة (الدولار الأميركي يعادل 2100 ليرة) من «نوع أوكتان 95»، ويحصر البيع بالسعر المدعوم بـالبطاقة الذكية فقط وبكمية محدودة.
سائق سيارة الأجرة بدمشق يعمل ضمن مكتب تاكسي تشتغل فيه عشرون سيارة قال بأن أكثر من نصف السيارات توقف عن العمل لعدم توفر البنزين وارتفاع سعره في السوق السوداء.
وبينما تراجعت حركة السير في شوارع العاصمة والمدن السورية ارتفعت أجور النقل بشكل عشوائي. وقالت سيدة دمشقية بأن سائقي التاكسي «يرفعون الأجرة بحسب زمن انتظارهم على دور البنزين كلما زادت الساعات ارتفع الأجر».
ويرى اقتصاديون في دمشق أن العقوبات الاقتصادية وقانون قيصر عمق أزمة المحروقات في سوريا، إذ يحول دون استيراد المشتقات النفطية بشكل مباشر، كما قيدت العقوبات حركة التهريب التي كانت تتم عبر إيران وروسيا، وزادت الأمور سوءا بعد انفجار ميناء بيروت. هذا بالإضافة إلى تراجع التعاملات مع قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على مناطق إنتاج النفط شرق الفرات بضغط من الولايات المتحدة الأميركية.
ويشار إلى أن إنتاج النفط في سوريا، بلغ 406 آلاف برميل في عام 2008. وانخفض إلى 24 ألف برميل في عام 2018. حسب موقع «بريتش بتروليوم».
الشرق الاوسط