قال تقرير نشرته وكالة رويترز إن مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في كمين قرب طهران أمس الجمعة، قد يفجر مواجهة بين إيران وخصومها في الأسابيع الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة.
وأضاف التقرير أن اغتيال العالم الذي كان الغرب يشتبه منذ مدة طويلة في أنه العقل المدبر لبرنامج سري لقنبلة نووية، سيؤدي إلى تعقيد أي جهد يبذله الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإحياء الوفاق الذي كان بين طهران وواشنطن خلال رئاسة باراك أوباما.
كما أشارت الوكالة إلى الاتهام الذي وجهته إيران إلى إسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم مع ما يتضمنه ذلك من أن الرئيس الأميركي ترامب “بارك عملية القتل”.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر إن هناك “مؤشرات خطيرة على دور إسرائيلي”، ودعا الدول الغربية إلى أن “تنهي معاييرها المزدوجة المخجلة وأن تدين هذا العمل الذي هو إرهاب دولة”.
وكان حديث حسين دهقان المستشار العسكري للمرشد الإيراني أشد وضوحا في اتهام تل أبيب والإشارة إلى ترامب، حيث قال في تغريدة على تويتر “في الأيام الأخيرة من الحياة السياسية لحليفهم (ترامب) يسعى الصهاينة إلى تكثيف الضغط على إيران وإشعال فتيل حرب شاملة”.
أما الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني فقال إن فخري زاده قُتل “على أيدي من ترعاهم أميركا وإسرائيل، وهذا جزء من الحرب على إيران والمنطقة الحرة وفلسطين”.
قال روبرت مالي الذي عمل مستشارا لأوباما في الملف الإيراني ويقدم المشورة بشكل غير رسمي لفريق بايدن، إن قتل فخري زاده يأتي في إطار سلسلة من التحركات التي تمت خلال الأسابيع النهائية من ولاية ترامب، ويهدف إلى زيادة صعوبة مهمة بايدن المتعلقة بإعادة التواصل مع إيران.
وتابع في تصريحات لرويترز “أحد الأهداف هو ببساطة إلحاق أكبر ضرر ممكن بإيران اقتصاديا وببرنامجها النووي.. والهدف الآخر هو تعقيد مهمة بايدن المتعلقة باستئناف المساعي الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي”، مشيرا إلى أنه لا يقصد بذلك إطلاق تكهنات بشأن الجهة المسؤولة عن الاغتيال يوم الجمعة.من جهته، قال السيناتور الأميركي كريس ميرفي، أكبر عضو ديمقراطي في اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط في مجلس الشيوخ الأميركي، على تويتر “هذا الاغتيال لا يجعل أميركا أو إسرائيل أو العالم أكثر أمانا”.
وقبل أن ترد الأنباء عن الهجوم على فخري زاده يوم الجمعة، قال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل تناقش مع دول الخليج العربية كيفية التعامل مع إيران.
وقال تساحي هنجبي، وهو عضو في الحكومة الأمنية المصغرة، لإذاعة 102 في تل أبيب “القصة ليست ترامب ولا حتى إسرائيل. القصة هي إيران.. الخوف المتزايد من عودة إدارة أميركية جديدة إلى الاتفاق النووي الذي يهدد وجود دول الخليج”.
تصعيد ووعيد
وأفادت قنوات على تطبيق تليغرام للتراسل المشفر يُعتقد أنها قريبة من الحرس الثوري الإيراني، بأن أعلى هيئة أمنية وهي المجلس الأعلى للأمن القومي عقد اجتماعا طارئا مع كبار القادة العسكريين.
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إن طهران اتخذت “قرارا بالانتقام والعقاب القاسي بحق من خطط ونفّذ ودعم اغتيال محسن فخري زاده”.
في المقابل، خيّم الصمت على عواصم الدول، فقد رفضت إسرائيل التعليق، وفي الولايات المتحدة رفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع (بنتاغون) ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية التعليق، كما رفض فريق بايدن الانتقالي التعليق.
من جهته، قال مايكل مولروي، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية في إدارة ترامب، إن فخري زاده كان أكبر عالم نووي إيراني، وإن قتله سيعد انتكاسة تعرقل برنامج طهران النووي.
وأضاف أن مستويات التأهب في الدول التي يمكن أن تنفذ فيها إيران ردا انتقاميا يجب أن ترفع على الفور.
ولطالما وصفت أجهزة المخابرات في إسرائيل ودول غربية فخري زاده بأنه قائد برنامج سري للقنبلة الذرية توقف في عام 2003، وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة طهران بمحاولة إعادة تشغيله في السر، وتنفي إيران منذ مدة طويلة أنها تسعى لإنتاج أسلحة نووية.
واتهم ترامب إيران مرارا بالسعي سرا لامتلاك أسلحة نووية، وقرر سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي رُفعت بموجبه عقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي، أما الرئيس المنتخب جو بايدن فقال إنه سيعاود الانضمام للاتفاق، رغم أن محللين يقولون إن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها، وإن كلا من الطرفين سيطلب ضمانات.
فخري زاده شخصية محورية في عرض قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 2018 (رويترز)
“تذكروا هذا الاسم جيدا”
ويُعتقد أن فخري زاده، الذي لم يكن له ظهور علني، ترأس ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأميركية أنه برنامج أسلحة نووية منسق في إيران، لكن تم وقف العمل بالبرنامج في 2003.
وكان فخري زاده العالم الإيراني الوحيد الذي ورد اسمه في “التقييم النهائي” للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2015 للأسئلة المفتوحة حول برنامج إيران النووي، وقال تقرير الوكالة إنه أشرف على أنشطة “لدعم بعد عسكري محتمل لبرنامج إيران النووي”.
وكان فخري زاده شخصية محورية في عرض قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 2018، متهما إيران بمواصلة السعي لامتلاك أسلحة نووية، وقال نتنياهو آنذاك “تذكروا هذا الاسم.. فخري زاده” وهو يعرض صورة نادرة له.
وكان مسؤول أميركي قد أكد في وقت سابق هذا الشهر أن ترامب سعى للحصول على خطة من مساعدين عسكريين لتوجيه ضربة محتملة لإيران، لكنه عدل عن هذا القرار آنذاك بسبب خطر نشوب صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.
المصدر : الجزيرة + وكالات