كشفت وسائل إعلام تركية عن أن اليونان أجرت اختبارات في الأيام الأخيرة على إطلاق صواريخ من منظومة S300 الدفاعية الروسية بحضور وفود أمريكية وغربية، وذلك بعد اختبارات سابقة للمنظومة جرت من قاعدة تابعة لحلف الناتو في جزيرة كريت اليونانية، وذلك على الرغم من معارضة واشنطن والناتو لاقتناء تركيا منظومة S400 الروسية والتهديد بفرض عقوبات عليها، في مشهد تقول تركيا إنه يظهر حجم “التناقض والنفاق” الغربي والكيل بمكيالين في التعامل مع أنقرة وأثينا.
وتعارض الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الغربية بما في ذلك اليونان خطوة تركيا بالحصول على منظومة S400 الدفاعية الروسية، واعتبرت هذه الدول في تصريحات مختلفة طوال الأشهر الماضية أن اقتناء تركيا للمنظومة الروسية يتعارض مع كونها دولة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ويشكل تهديداً لمنظومة الحلف الدفاعية، وبينما طالبت دول مختلفة بضرورة تخلي تركيا عن المنظومة، هددت واشنطن بفرض عقوبات قاسية على أنقرة في حال أدخلت المنظومة الخدمة بشكل فعلي.
ومنذ أسابيع، بدأ الجيش التركي بإجراء الاختبارات النهائية على تفعيل المنظومة الروسية، وذلك عبر اختبارات إطلاق الصواريخ واعتراض أهداف افتراضية، لكنها لم تعلن بعد عن إدخال المنظومة الخدمة فعلياً، مقابل تأكيدات المسؤولين الأتراك أن أنقرة عازمة بقوة على تفعيل المنظومة وأنه لا نية لديها على الإطلاق للتخلي عنها.
وتقول أنقرة إنها لجأت للحصول على المنظومة الروسية لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية مع تصاعد الصراع في المنطقة، وعقب رفض الولايات المتحدة مراراً بيعها منظومة باتريوت الدفاعية، وعقب سحب الناتو منظوماته الدفاعية من تركيا في وقت كانت بأمس الحاجة لوجودها، كما أبدت انفتاحاً على تشكيل لجنة عسكرية متخصصة من أجل البحث بمدى تشكيل المنظومة خطراً على منظومة الناتو الدفاعية وعلى طائرات إف 35، كما شددت على أنها ستفعل المنظومة بشكل مستقل دون ربطها بنظام الرادار المرتبط بمنظومات الناتو.
لكن هذه التطمينات لم تكن كافية للناتو والإدارة الأمريكية بشكل خاص، على الرغم من أن عددا من دول الناتو تمتلك بالفعل منظومات دفاعية روسية مختلفة ومنها منظومة S300 التي لا تختلف كثيراً عن منظومة S400 التي تقتنيها تركيا، وبينما تلوح واشنطن بعقوبات على تركيا، تشير الكثير من التسريبات إلى أن واشنطن تشارك في إجراءات اليونان لتفعيل المنظومة الروسية، في تناقض يغضب الشعب والساسة الأتراك بدرجة كبيرة جداً.
والسبت، كشفت وسائل إعلام تركية عن أن القوات المسلحة اليونانية أجرت في الأيام الأخيرة اختبارات على المنظومة الروسية في جزيرة كريت الواقعية في قلب الصراع شرقي البحر المتوسط قرب السواحل التركية، وأوضح الخبر أن هذه الاختبارات جرت بحضور عسكريين من الجيش الألماني والهولندي والأمريكي، وهي جميعها دول أعضاء في حلف ناتو وتعارض اقتناء تركيا للمنظومة الروسية. يضاف إلى ذلك أن اليونان جربت ربط المنظومة الروسية بنظام الدفاع اليوناني الأساسي وهو ما يعني ربطها بالنظام المرتبط بأنظمة الناتو.
وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام يونانية أن أثينا أجرت بالفعل تدريبات واختبارات على إطلاق صواريخ من المنظومة الروسية انطلاقاً من قاعدة “ميدان خانية” التابع للناتو في جزيرة كريت، وأن الاختبار جرى بحضور معظم الملحقين العسكريين المعتمدين لدى أثينا. وتقول مصادر يونانية إن أثينا بدأت بنصب المنظومة الروسية في جزيرة كريت منذ عام 1999 بموافقة الولايات المتحدة.
وحصلت اليونان على المنظومة الروسية من قبرص التي اشترتها ولم تتمكن من تفعيلها نتيجة التهديدات التركية حيث اضطرت الأخيرة عام 1997 إلى التنازل عن المنظومة لصالح اليونان مقابل حصولها على أسلحة وتجهيزات عسكرية أخرى، ولم تفعّل اليونان هذه المنظومة لتفادي الدخول في صدام مع الناتو لكنها بدأت بإجراء تجارب عليها عام 2013.
وتضم المنظومة التي تمتلكها اليونان، أربع بطاريات، و16 منصة إطلاق، و80 صاروخا، وقد وضعتها أثينا في مستودع بجزيرة كريت؛ لعدم معرفتها بكيفية استخدامها. ورغم إعلان اليونان آنذاك أنها لن تُخرج المنظومة من مستودعاتها؛ لمنع اندلاع أزمة بين “الناتو” وواشنطن، إلا أنها قررت لاحقا دمج المنظومة في نظامها الجوي الدفاعي.
ومؤخراً، نقلت الوكالة الرسمية التركية عن مصادر وصفتها بـ”الأمنية” قولها إن “ما تعتزم القيام به اليونان يشكل تهديدا جويا وصاروخيا خطيرا تواجهه تركيا”، معتبرة أن “تركيا اشترت منظومة الدفاع الجوي الروسية كضرورة”، وشددت على أن “صمت من يرفعون أصواتهم ضد تركيا، إزاء أنشطة اليونان بهذا الخصوص، يعد ملفتا للانتباه”.
كما تمتلك بلغاريا وحدتين من S300، تضم كل منهما 5 قاذفات. أما سلوفاكيا فورثت من تشيكوسلوفاكيا السابقة بطارية صواريخ S300 و48 صاروخا، وطلبت من موسكو تطوير منظومتها، عام 2015. وكل من اليونان وبلغاريا وسلوفاكيا، وكذلك تركيا والولايات المتحدة، أعضاء في “الناتو”، الذي تأسس عام 1949.
والشهر الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده جربت بالفعل منظومة S400 الدفاعية الروسية، وتساءل عن سبب عدم وجود انتقادات أمريكية لتفعيل اليونان منظومة S300 الدفاعية الروسية، وقال: “اليونان لديها منظومة S300 (الدفاعية الروسية) لكن واشنطن لا تقول شيئاً”.
جمال اسماعيل
القدس العربي