هل ستعرقل سياسة أوباما الفاشلة تجاه سوريا خطط إدارة بايدن

هل ستعرقل سياسة أوباما الفاشلة تجاه سوريا خطط إدارة بايدن

في مقابلة قديمة، أقر أنتوني بلينكين المرشح لمنصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، بأن سياسة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تجاه سوريا “فشلت”.

ولدى سؤاله عن نهج بايدن تجاه سوريا، أجاب “في الإدارة الأخيرة، على المرء أن يعترف بأننا فشلنا ليس بسبب عدم المحاولة، لكننا فشلنا، لقد فشلنا في منع وقوع خسارة مروعة في الأرواح، لقد فشلنا في منع النزوح الجماعي للأشخاص داخليًا في سوريا، وبالطبع في الخارج كلاجئين وهو شيء سآخذه معي لبقية أيامي.. إنه شيء أشعر به بقوة”.

ولكن، ما هو بالضبط فشل السياسة من جانب إدارة أوباما، وما هي الدروس التي يمكن الاستفادة منها في السياسية الخارجية المستقبلية؟ وما الذي كان يمكن أن يفعله البيت الأبيض بشكل مختلف لتفعيل بعض النتائج الإيجابية في سوريا؟

من الواضح وبحسب مارك إيبسكوبوس مراسل للأمن القومي في مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأميركية أن بلينكين، وهو دبلوماسي مخضرم ومسؤول كبير في الأمن القومي في إدارة أوباما، لا يقدم إجابات واضحة.

بدا بلينكين خلال المقابلة في مايو الماضي وكأنه يلقي باللوم على مجموعة كبيرة من القوى الخارجية حينما قال “أعتقد أن هناك الكثير من اللوم الذي يجب أن ننتقل إليه، بدءًا من السوريين أنفسهم، وبدءًا من إيران وروسيا ورعاة آخرين لنظام الأسد بدءا من كل الدول العربية والدول المجاورة الأخرى”.

لكن وزير الخارجية الأميركي، الذي سيكون على رأس مهامه نهاية يناير المقبل، أكد أن “لدينا (الولايات المتحدة) مسؤولية أيضا”، متحسرا على عبء حرب العراق والتدخل الصعب في ليبيا لشرح عدم وجود الحماس المحلي للتدخل العسكري في الحرب الأهلية السورية.

أنتوني بلينكين: الكثير من اللوم علينا تحمله بسبب ما يحصل في سوريا
أنتوني بلينكين: الكثير من اللوم علينا تحمله بسبب ما يحصل في سوريا
ومن وجهة نظر إيبسكوبوس، يبدو أن بلينكين يأسف للنتيجة، لكن ليس للإستراتيجية الأساسية لإدارة أوباما المتمثلة في زيادة الضغط الدولي والعسكري للتفاوض على إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، ففي أواخر أكتوبر 2015، أكد دعم إدارة أوباما لتغيير النظام في سوريا.

ولدى روسيا الآن حافز ونفوذ أكبر لدفع الأسد والنظام نحو الانتقال، وهناك اعتراف من جميع الأطراف بأنه لا يوجد حل عسكري في سوريا، وهذا اعتراف ينمو الآن لدى الكرملين، لكن يبدو أن الولايات المتحدة لا ترى في رحيل الأسد شرطا لإجراء مفاوضات جوهرية، ولكن العملية التي سيتم إطلاقها يجب أن تؤدي إلى مغادرته.

وبعد خمس سنوات، هناك اعتراف متزايد بين مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن بأنه لا يوجد مسار سياسي واضح لإزالة الأسد، وعلاوة على ذلك فمن غير المرجح أن يكون الصراع الدائر في سوريا على رأس أولويات السياسة الخارجية للإدارة القادمة.

وعزز نظام الأسد قبضته على السلطة بثبات بدعم روسي، والمعارضة السورية “المعتدلة”، التي روجت لها إدارة أوباما تعتبر عاملا سياسيا غير فاعل طيلة العام الجاري، وقد تم احتواء التهديد المتزايد لداعش على الأراضي السورية بنجاح في السنوات السابقة.

ويطرح إيبسكوبوس تساؤلا حول هذه الوضعية المعقدة حيث لا يزال الاعتراف بحكومة الأسد، بحسب بلينكين، غير وارد، وعندما سئل عما إذا كان بإمكان إدارة بايدن تطبيع العلاقات مع دمشق، قال “من المستحيل عمليًا أن أتخيل ذلك”.

وعلى الرغم من أن احتمالات تغيير النظام على النمط الليبي في سوريا قاتمة للغاية، إلا أن هناك مؤشرات على أن إدارة بايدن ستكون مهتمة بتنفيذ استراتيجية الضغط الأقصى ضد الأسد.

ووضع بلينكين الخطوط العريضة لهذا النهج في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عام 2017 حيث كتب يقول “الآن، تتمتع إدارة دونالد ترامب بنفوذ يجب أن تختبره مع نظام الأسد وروسيا لتقييد القوات الجوية السورية، ووقف أي استخدام للمواد الكيميائية أو الأسلحة البيولوجية، وتنفيذ وقف إطلاق النار الفعال في الحرب الأهلية في سوريا وحتى التحرك نحو التفاوض على انتقال السلطة وهي الأهداف التي استعصت على إدارة أوباما”.

ويتمثل العنصر الثاني من إستراتيجية بلينكين المقترحة في سوريا في استخدام الأسد كوكيل لغرض أوسع يتمثل في مواجهة روسيا، حيث يرى أنه يجب على الإدارة أن توضح لموسكو أنها ستحاسبها على تصرفات الأسد في المستقبل، وحشد الآخرين للقيام بذلك وشن المزيد من الضربات إذا لزم الأمر.

ويعتقد المحلل إيبسكوبوس أن إدارة بايدن لن تحافظ على العقوبات، التي سلطتها إدارة ترامب على الأسد فحسب، بل ربما توسعها وتشمل هذا النهج، بشكل شبه مؤكد، الحفاظ على وجود عسكري نشط في سوريا لدعم الأكراد كإسفين دائم ضد كل من الأسد والكرملين.

ومن المرجح أيضًا أن تلعب إدارة بايدن دورا أكثر نشاطا في إعادة الإعمار الجارية في سوريا، وربما تدفع باتجاه إصلاحات سياسية من شأنها أن تمنح الفصائل المناهضة للأسد صوتًا محميًا في المجتمع المدني السوري.

وكان الرئيس الأميركي المنتخب قد اعترف في حدث لمجلس العلاقات الخارجية في العام 2018 بأن جهود أوباما لحشد دعم الكرملين لـ”انتقال السلطة” بعيدا عن الأسد قد أثمرت القليل، وبدلا من ذلك طرح ما يبدو أنه ترتيب “مجالات نفوذ” مع روسيا.

صحيفة العرب