أردوغان يحكم قبضته الأمنية على الجمعيات الأهلية

أردوغان يحكم قبضته الأمنية على الجمعيات الأهلية

يواصل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وشريكه الحزب القومي، التضييق على الحريات العامة والخاصة في البلاد خدمة لأجنداتهما عبر سن قوانين تصفها المعارضة التركية والمنظمات الدولية بالسالبة للحريات. ولا يعير أردوغان هذه الانتقادات أي أهمية في سبيل تكبيل معارضيه السياسيين النشطين بقوة في المنظمات الأهلية والنقابات المهنية.

أنقرة – أقر البرلمان التركي، الأحد، قانونا مثيرا للجدل لتعزيز الإشراف على المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية، قالت المعارضة التركية وجماعات حقوقية محلية وخارجية إنه يقيد حريات مؤسسات المجتمع المدني بالكامل.

ويسمح القانون لوزير الداخلية بتغيير أعضاء الجمعيات الذين تحقق معهم السلطات في اتهامات بالإرهاب، كما يحق لوزارة الداخلية التقدم بطلب إلى القضاء لوقف أنشطة الجمعيات، كما ستخضع المنظمات الدولية أيضا لهذا القانون والعقوبات التي يفرضها.

ويرى متابعون أن حكومة العدالة والتنمية عبر سن التشريعات والقوانين الجديدة تسعى للحد من نشاط المنظمات غير الحكومية والعاملة في مجال المساعدات الإنسانية، وإبقائها تحت سيطرتها وبالتالي إدارتها بالشكل الذي يتناسب مع أجنداتها.

وتجاهل حزب العدالة والتنمية، حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يملك الأغلبية البرلمانية مع حلفائه القوميين، انتقادات معارضي القانون الذي يشدد الخناق على أنشطة المنظمات الأهلية ويحاصرها.

وفي الأسبوع الماضي، قالت سبع من منظمات العمل المدني منها رابطة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية في بيان، إن اتهامات الإرهاب في تركيا تعسفية وإن القانون ينتهك مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته ويعاقب من لم تُستكمل محاكماتهم بعد.

وقالت “في ضوء التحقيقات التي تجرى مع الآلاف من ناشطي المجتمع المدني والصحافيين والساسة وأعضاء النقابات المهنية في إطار (قانون مكافحة الإرهاب)، ما من شك أن هذا القانون سيستهدف كل الجمعيات المعارضة تقريبا”.

ويقول معارضون إن حكومة أردوغان استخدمت محاولة الانقلاب التي وقعت في 2016 ذريعة لسحق المعارضة، بينما تقول الحكومة إن هذه التدابير ضرورية في ضوء التهديدات الأمنية التي تواجهها تركيا.

وبموجب مشروع القانون، يفتش موظفون مدنيون المنظمات كل عام وبإمكانهم الاطلاع على أي مستندات.

ويسمح المشروع لحكام الأقاليم أو وزير الداخلية بوقف أي حملة تبرعات على الإنترنت لمنع تمويل الإرهاب وغسل الأموال كما يفرض غرامات تصل إلى 200 ألف ليرة (26.500 دولار) على أي منظمة يثبت أنها ضالعة في حملات تبرع غير قانونية على الإنترنت وذلك بالمقارنة بالغرامات الحالية التي لا تتجاوز 700 ليرة.

وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق تركيا بسحب مشروع القانون وشددت على أن القانون المقترح يمكن أن ينتهك الحق في حرية تشكيل الجمعيات والانضمام إليها.

وأشارت إلى أن مشروع القانون يمكن أن “يقيّد بشكل تعسفي أنشطة المنظمات غير الحكومية”.

وقال رئيس فرع إسطنبول لمنظمة حقوق الإنسان إن “اقتراح مشروع قانون لتوفير المزيد من السيطرة للدولة على المنظمات غير الحكومية سيشكل خطورة على الحريات الفردية”.

وأضاف جولسيرين يوليري لموقع “بيانت” الإخباري، أنه “في حالة إقراره، فإن التشريع الجديد سيجعل المنظمات غير الحكومية التي تنتقد الحكومة تقع تحت سيطرة أنقرة، مما يحد من معارضة سياساتها بشكل أكبر”.

وتابع يوليري لـ”بيانت”، “في ظل الوضع الحالي في تركيا وفي بيئة وضعت فيها وسائل الإعلام والقضاء تحت وصاية مطلقة وتتصرف الأحزاب السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني وفقًا للحكومة، فإن الهدف من القانون على ما يبدو هو وقف أنشطة بعض منظمات المجتمع المدني التي يمكنها رفع أصوات معارضة”.

وتمت صياغة مشروع القانون للمساعدة في السيطرة على التمويل ومنع انتشار الأسلحة، إلا أن جزءا كبيرا من أحكامه يمنح السلطات صلاحيات متزايدة لتعزيز التدقيق والسيطرة على منظمات المجتمع المدني المستقلة، بما في ذلك جمع المساعدات.

ومن خلال إجراء تعديلات على المادة المضافة إلى قانون الجمعيات مع الاقتراح، لا يمكن عقد الجمعية العامة للمنظمة خارج نطاق “قانون منع تمويل الإرهاب” وإنتاج وتجارة المخدرات أو المنشطات في قانون العقوبات التركي أو غسل الأصول الناشئة عن الجريمة.

وفي حالة “المقاضاة”، ليس في حالة “التحقيق”، يجوز لوزير الداخلية إيقاف هؤلاء الأشخاص أو الأجهزة التي يعملون فيها عن العمل كإجراء مؤقت.

وطالت تدخلات الحكومة التركية قبل ذلك قطاعات أخرى أبرزها النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين، في مسعى لتطويعها والتدخل في آليات عملها.

وفي يوليو الماضي تظاهر الآلاف من المحامين في إسطنبول وأنقرة ضد مشروع قانون تقدم به الحزب الحاكم بحيث يسمح مشروع القانون الجديد للمحامين الجدد بالتسجيل في أي نقابة في الإقليم، لكن تمت المصادقة عليه رغم حدة الانتقادات.

ويسمح القانون بتشكيل نقابات محامين متعددة في المحافظة الواحدة. كما يتخلص من التمثيل النسبي للنقابات في المنظمة الوطنية الشاملة، ما يقلل في الواقع عدد المندوبين من المدن الكبرى في تركيا، مما قد يقلل من تمويلهم.

وقالت الحكومة إن التشريع الجديد سيخلق نظاماً “أكثر ديمقراطية وتعددية”. لكن المنتقدين يقولون إن الإجراء يهدف إلى تقليل تأثير نقابات المحامين الرئيسية التي كانت منتقدة صريحة لحكومة أردوغان ووثقت انتهاكات الحقوق.

وأكد نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بالبرلمان، إنجين أوزكوتش، أن “حزب العدالة والتنمية لا يقبل بوجود أي منظمة في البلاد لا يستطيع أن يتسرب إليها”.

وتثير نقابات المحامين غضب الحكومة بسبب تقاريرها حول أوضاع المعتقلين، التي تتضمن معلومات حول أوضاع المعتقلين والسجناء، وتشير إلى وجود تعذيب خلال الاستجواب وداخل السجون.

العرب