مشاورات موسكو تعمق خلافات المعارضة السورية

مشاورات موسكو تعمق خلافات المعارضة السورية

من الواضح أن حدة الخلافات داخل أروقة المعارضة السورية ستأخذ منحى تصاعدياً في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تعليق السعودية عمل مكتب هيئة المفاوضات السورية في الرياض، إثر رسالة وجهتها منصتا موسكو والقاهرة وهيئة التنسيق المعارضة (مقرها دمشق) أخيراً إلى المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، طالبوا فيها بالتصرف سريعاً، والدفع نحو التوافق ضمن هيئة المفاوضات. كذلك تلقى نسخاً من الرسالة وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، والسعودية فيصل بن فرحان، ومصر سامح شكري.
وعقب ذلك، استقبل لافروف، أول من أمس الخميس، جمال سليمان، الوجه الأبرز في منصة القاهرة قبل انقسامها، إثر خلافات على تعيين ممثليها داخل هيئة المفاوضات وقائمة المعارضة في اللجنة الدستورية، وقدري جميل الذي يرأس منصة القاهرة، ومعهما المعارض المستقل خالد المحاميد المقرب من روسيا والإمارات.

دليقان: أوضحنا للجانب الروسي أن هناك عملية احتكار وإقصاء جارية منذ أكثر من عام

ودفعت الزيارة محسوبين على المعارضة السورية، المؤيدة للائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة، الحاضر بقوة في تشكيلة الهيئة، لكيل الاتهامات نحو ممثلي منصتي موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى هيئة التنسيق، بتبني الرؤية الروسية للحل السياسي، وبالتالي المشاركة في عرقلة عمل اللجنة الدستورية. وتأتي الزيارة إلى موسكو ورسالة المنصات إلى بيدرسن قبل أيام من الجولة الخامسة للجنة الدستورية التي ستنطلق في 25 الشهر الحالي في جنيف، ومن المقرر أن تبدأ ببحث المضامين الدستورية، بعدما ماطل وفد النظام لأكثر من عام بشأن هذا الأمر، من خلال الزج، خلال الجولات الأربع الماضية، بمواضيع لا تتعلق بعمل اللجنة ضمن جداول أعمالها.
وسيغيب عن أعمال الجولة المقبلة ممثلون عن كل من منصتي القاهرة وموسكو، بعد أن اعتمدت الهيئة ترشيح الجناح الذي يقوده فراس الخالدي في منصة القاهرة، باستبدال قاسم الخطيب، وهو عضو هيئة المفاوضات وعضو اللجنة الدستورية، ليحلّ مكانه نضال محمود الحسن عضواً في الهيئة، وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية. وأدى هذا الأمر إلى اعتذار جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة في الهيئة، عن حضور الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، المقررة الإثنين المقبل. كذلك اعترضت منصة موسكو على استبعاد ممثلها مهند دليقان عن اللجنة، وهو ما يفتح أمام اعتذار هذه المنصة عن الجولة المقبلة من اجتماعات “الدستورية”.

تقارير عربية
السعودية على خط خلافات المعارضة السورية: هيئة المفاوضات مهددة
وفي حديث مع “العربي الجديد”، قال مهند دليقان، عضو منصة موسكو وممثلها في اللجنة الدستورية المصغرة وهيئة المفاوضات، والذي حضر اجتماع أول من أمس مع لافروف، إنه “جرى بحث العملية السياسية بصورة عامة، واللجنة الدستورية بشكل خاص”. وأضاف “أوضحنا مواقفنا بأن السرعة التي يسير بها عمل اللجنة بطيئة جداً، وأقل بكثير من استحقاقات الواقع السوري، وأن كل تأخير يدفع ثمنه السوريون تهجيراً وفقراً واعتقالاً وموتاً. وأكدنا كذلك أن (اللجنة) الدستورية مجرد مفتاح للحل، والحل هو التطبيق الكامل للقرار 2254 بما في ذلك جسم الحكم الانتقالي”.
وحول خلافات المعارضة وهيئة المفاوضات، قال دليقان “أوضحنا للجانب الروسي، بوصفه أحد رعاة العملية السياسية، أن هناك عملية احتكار وإقصاء جارية منذ أكثر من عام، وهي تساهم برأينا في تعقيد الأمور وتؤمن المخارج للمتشددين في النظام”. ووصف اتهامهم بتعطيل عمل اللجنة الدستورية، بأنه “مضحك”، مضيفاً “نحن خارج عمل اللجنة خلال الاجتماعات الثلاثة الماضية، ولن نحضر الاجتماع المقبل لأننا لم ندع، ولأن قرار الإبعاد غير الشرعي ما يزال مطبقاً بحقنا. ثم إن الذين يتهموننا كانوا ضد تشكيل (اللجنة) الدستورية من الأساس، بل وكانوا علناً ضد بيان جنيف وضد القرار 2254، والآن يُحضرون لانتخابات خارج إطاره”.

الخالدي: ترتيب شؤون هيئة المفاوضات ليس مهمة دولة أو دول

أما بالنسبة للقرار الذي أدى إلى استبعاده عن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية كممثل عن منصة موسكو، أشار دليقان إلى أن “الذريعة في ذلك كانت أننا طالبنا بنقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، وتم تركيب القرار بصورة غير شرعية وخارج اجتماعات الهيئة”. وقال “نحن طالبنا ونطالب بنقل (أعمال اللجنة) الدستورية إلى دمشق مع توفير الضمانات الأممية اللازمة للأعضاء. ونرى أن هذا سيمنع أي إمكانية للتعطيل، وسيحدث اختراقاً كبيراً في وضع البلاد السياسي يسمح بالانتقال الفعلي لتشكيل جسم الحكم الانتقالي”.
وأعلن العضو في منصة القاهرة فراس الخالدي أن لا علاقة للمنصة بزيارة جمال سليمان. وقال، في حديث لـ”العربي الجديد”: “لا علم لنا بالزيارة، وهو لم يصرّح حتى الآن شخصياً بأنه ذهب لتمثيل منصة القاهرة في هذا الاجتماع. الأرجح أنه ذهب بصفته الشخصية، خاصة وأنه لا يوجد أي استحقاق رسمي على مستوى المعارضة ككل أو على مستوى المنصّة”. وأضاف “لكننا في الوقت ذاته نرحّب بأي جهد يصب في صالح دفع العملية السياسية وتفعيل القرار 2254 والسلال الأربع، أي باقي السلال (الحكم الانتقالي، والإرهاب، والانتخابات). لكن أي تدخل في شؤون المعارضة مرفوض. بمعنى آخر التنسيق أو التشاور، أو حتى النصح، يمكن قبوله، لكن نحن لم نخرج على نظام قمعي من أجل الحرية والكرامة واستعادة سيادة القرار حتى نعود لنكون أتباع إرادات دولية متضاربة أساساً”.
وأكد الخالدي أن “ترتيب شؤون الهيئة ليس مهمة دولة أو دول، بل أمر يتعلق بالأمم المتحدة والقرار 2254 وبيان فيينا ٢، الذي فوّض الأخوة في السعودية بالعمل على توحيد ودعم المعارضة السورية. والحق أنّ الأخوة في المملكة لم يألوا جهداً في سبيل ذلك. لكنّ المشكلة أنّ التحديات كبيرة والعقبات التي خلقها النظام وحليفه الإيراني كثيرة، وهذا يستدعي منّا كمعارضة الارتقاء لمستوى تضحيات شعبنا، والتنسيق مع إخوتنا العرب ومع باقي دول الاعتدال، والتحضّر، مع أصدقاء الشعب السوري، لتجاوز كل هذه العراقيل بأسرع وقت ممكن”.

البحرة: لا يوجد مقاطعة من قبل أي من مكونات هيئة التفاوض لاجتماعات اللجنة الدستورية

وعن الخلافات داخل المنصة، أشار الخالدي إلى أنه “ليس هناك جناح أول وجناح ثانٍ داخل منصة القاهرة. والغريب هنا زج اسم منصة القاهرة في الرسالة المرسلة للمبعوث الدولي وخارجيتي روسيا والسعودية. ولم يصدر حتى الآن أي تصريح يؤكد توقيع أي عضو (فعلي) داخل منصة القاهرة على الرسالة. ولا أعتقد أنه من مصلحة أحد ترسيخ فكرة الانقسام داخل المعارضة السورية، حتى ولو كان هناك بعض الاختلاف وبعض العقبات التي يمكن تداركها”. وتابع “خلال مناظرة تلفزيونية بين أحمد شبيب (عضو منصّة القاهرة عن تيار الغد السوري) مع حسن عبد العظيم (رئيس هيئة التنسيق) طلب شبيب من حسن أن يذكر له اسم عضو واحد من منصة القاهرة شارك هيئة التّنسيق ومنصّة موسكو في الرسالة المرسلة، فلم يُجب حسن أبداً”.
وحول تعليق السعودية عمل مكتب هيئة المفاوضات في الرياض، قال الخالدي “نؤكد حرصنا على السعودية، وعلى دعمها المعنوي والإنساني للشعب السوري، ونثمن جهودها، وفي نفوسنا تجاهها عشم الأخ بأخيه. أما بالنسبة إلى قرار وقف تمويل الموظفين في هيئة التفاوض، فالحقيقة نحن كأعضاء لا يوجد لدينا اطّلاع على شؤون الموظفين وعددهم، لأن هذا ضمن نطاق عمل المكاتب والشؤون الإدارية، ونثق بأنّ المملكة حريصة على القضية السورية، ولو كان هذا الأمر سيضرّ بها لما حصل”.
من جهته، قال الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة هادي البحرة إنه “لا يوجد مقاطعة من قبل أي من مكونات هيئة التفاوض السورية لاجتماعات اللجنة الدستورية. فمكونات هيئة التفاوض وقيادتها أكثر حرصاً على حسن سير أعمال الهيئة ونشاطها فيما يخص العملية السياسية وخدمة قضايا شعبنا وتحقيق تطلعاته التي ثار من أجلها”. وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “سبب الغياب هو الظروف الخاصة بوباء كورونا والحظر المشدد في سويسرا، لا سيما بخصوص استخراج تأشيرات الدخول والتصاريح الصحية للسفر إلى سويسرا. أي أنها بسبب صعوبة إنجاز بعض الترتيبات اللوجستية لسفر عدة أعضاء في الوقت المناسب”. وأضاف “لم أبلغ رسمياً من قبل أي مكون بمقاطعة الاجتماع”.

عما كركص

العربي الجديد