كشف تقرير أعده منبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة كامبريدج، أن الحرب في الشرق الأوسط تحولت إلى حرب رقمية.
وفي مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” أعده جي مينز من المنبر في كامبريدج، وروكسان فارمان فارمانيان، مديرة العلاقات الدولية والدراسات الدولية بمعهد التعليم المستمر بجامعة كامبريدج، قالا فيه إن الجميع ربما نسي دوامة الأخبار في العام الماضي، وبخاصة عملية القرصنة التي قامت بها روسيا في كانون الأول/ ديسمبر على المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية.
وفي الوقت نفسه قيل إن السعودية والإمارات كانتا وراء التجسس على صحافيي قناة الجزيرة الممولة من دولة قطر باستخدام برنامج تجسس إسرائيلي. وفي كلا الحالتين تم الاعتماد على عمليات اختراق إلكترونية. ولكن القصتين تشتركان في ملمح واحد، وهو أن أحدا لم يعبر عن صدمته مما حدث.
ويقول الباحثان إن منطقة الخليج تتحول بشكل متزايد إلى مخبر لأخلاقيات وممارسات الحرب المهجنة. وفي التقرير الذي أعده مركز جامعة كامبريدج، حاول الباحثون استكشاف توجه واستراتيجية دول الخليج البارزة. ففي المنطقة تواجه إيران السعودية منذ أكثر من ثلاثين عاما وكل منهما لديها أجندة دينية مختلفة، وداعمون دوليون متنافسون.
وحاول البلدان بناء نفوذ وتفوق على الآخر ولكن بدون الانزلاق للحرب. فكلاهما يدعم جماعات وكيلة ويستخدم هجمات إلكترونية. وتمنح الحرب الإلكترونية لكل منهما مخرجا أخلاقيا، فهي تقتل أقل من الحرب التقليدية، ولكنها قد تعيث فوضى أكثر وتتسبب بالتعطيل.
ويرى الباحثان أن السعودية وإيران تنتهجان طرقا مختلفة للحرب الإلكترونية. فقد اختارت السعودية نهج الاعتماد على المصادر الخارجية في تطويرها السيبراني، وذلك من خلال شراء الأدوات المتخصصة من شركات التعهدات الخاصة في الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا والتي تقوم بإدارة العمليات الإلكترونية. واعتمدت السعودية على كم ضخم من الروبوتات لتقوية صورتها على منصات التواصل الاجتماعي خاصة في زمن الأزمة، وكان آخرها بعد عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول بشهر تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وفي الوقت ذاته، عملت السعودية على تقوية دفاعاتها الإلكترونية، وقامت بإنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عام 2017 وهي مماثلة للقيادة المركزية الإلكترونية تحت قيادة مكتب الملك، بالإضافة إلى الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز. وهي منظمة برعاية اللجنة الأوليمبية السعودية ومهمتها إنشاء جيل من المحاربين السيبرانيين السعوديين.
وبخلاف السعودية، طورت إيران برنامجا موحدا ومتعددا للدفاع. ونظرا للعقوبات الدولية عليها، فبرنامجها يظل محليا ولكن بمساعدة قليلة من روسيا والصين. وفي 2013 التزمت الصين بمساعدة إيران بتطوير شبكة عنكبوتية “شوما” مستقلة عن الشبكة العنكبوتية العالمية. وهي شراكة قد تمتد على 25 عاما يتفاوض البلدان حولها.
ويقول الباحثان إن تطور إيران في هذا المجال أسهم بجعلها واحدة من القوى السيبرانية بالمنطقة. ويحذر الكاتبان من أن المواجهة السيبرانية المتزايدة في منطقة الخليج تقدم دروسا لكل الدول بعيدا عن حجمها، ثروتها أو أيديولوجيتها. فلا دولة في العالم تشك بأن التجسس والتخريب والهندسة الاجتماعية تمر بدون اكتشاف عبر شبكات الكمبيوتر ولكن كيف يتم معالجة التهديد المتزايدة وبأي سرعة.
القدس العربي