تحت عنوان: تركيا تكسر الجليد مع مصر، قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسة إنه يبدو أن أنقرة قررت الاقتراب من منافستها في العالم الإسلامي بهدف كسر عزلتها. فبعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية وتبادل للانتقادات اللاذعة، كسرت تركيا الجليد في علاقاتها مع مصر.
وأضافت الصحيفة أنه لأول مرة منذ قطع العلاقات بين البلدين عام 2013 بعد الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي، يستأنف البلدان الاتصالات الدبلوماسية بخجل، كما أعلن ذلك وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في منتصف الشهر الماضي، قائلا إن الاتصالات بين بلاده ومصر بدأت دون شروط مسبقة، وإن البلدين سيعقدان جولة مباحثات جديدة على المستويين الدبلوماسي ولاستخباراتي.
لأول مرة منذ قطع العلاقات بين البلدين عام 2013 بعد الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي، تستأنف تركيا ومصر الاتصالات الدبلوماسية بخجل
وتشير عودة العلاقات تدريجيا بين البلدين إلى تحول غير مسبوق في أنقرة التي التي كانت معادية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووصفته مرارا بأنه “انقلابي”، لأن رجب طيب أردوغان لم يستوعب الانقلاب على الراحل مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
في عام 2013، هرب العديد من قادة الإخوان المسلمين إلى تركيا خوفا من الاعتقال، ووجدوا ترحيبا حارا من السلطات. لكن في الفترة الأخيرة، خفف الرئيس التركي من انتقاداته اتجاه مصر في إشارة إلى تغيير واضح في مسار العلاقات التركية المصرية ورغبة في العودة إلى البراغماتية، وفقا للمحللة السياسية والمختصة في شؤون تركيا والشرق الأوسط، جانا جبور. والسبب في ذلك حسب المحللة السياسية أن المستشارين في وزارة الخارجية التركية لاحظوا فشل سياسة أنقرة تجاه مصر، وفهموا أن الإخوان المسلمين لن يعودوا إلى السلطة بعد الآن .
وتواصل لوفيغارو أنه من جهة أخرى، تسعى تركيا من خلال نهجها الجديد إلى الخروج من عزلتها على الساحة الإقليمية، والبدء في عملية مصالحة مع دول الخليج، لا سيما مع السعودية، باتباع حليفتها قطر، التي بدأ الجليد بينها وبين الرياض بالذوبان.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال خلال مؤتمر حزبه الإسلامي المحافظ، حزب العدالة والتنمية، الذي انعقد في 24 مارس/ آذار في أنقرة، إن بلاده مصممة في الفترة المقبلة على تحويل المنطقة إلى جزيرة سلام من خلال زيادة عدد أصدقاء تركيا وتسوية الأعمال العدائية. في الوقت نفسه، خالف أردوغان الموقف العدائي الذي اعتادت عليه بعض الدول.
وفي خضم الركود الاقتصادي، تقول الصحيفة، تعجز تركيا عن اتباع سياسة العداء لا مع أوروبا ولا مع جيرانها، لا سيما في حوض البحر الأبيض المتوسط ، حيث أدى النزاع النفطي مؤخرا إلى تفاقم التوترات الإقليمية. فوققاً لجانا جبور، فإن السياسة المعادية للسيسي كلفت تركيا ثمنا باهظا، وحثت مصر على توقيع اتفاق في أغسطس/ آب الماضي لترسيم الحدود البحرية مع اليونان. واليوم تسعى أنقرة لتوقيع اتفاقية مع القاهرة لإضعاف التحالف والتعاون بين مصر واليونان وقبرص.
وفي أوائل مارس/ آذار المنصرم ، قال وزير الخارجية التركي إنه “مستعد” للتفاوض على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر. ويمكن أن تتوسع هذه المناقشات إلى مجالات أخرى. وأشار مؤخرا المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في مقابلة مع وكالة بلومبرغ، إلى رغبة أنقرة في مناقشة المسائل البحرية مع مصر في شرق البحر المتوسط بالإضافة إلى مسائل أخرى في ليبيا، أو عملية السلام والفلسطينيين.
قد تؤدي المصالحة بين هاتين الدولتين الثقيلتين في العالم الإسلامي إلى إعادة رسم التوازنات الإقليمية في نهاية المطاف
واعتبرت لوفيغارو أنه من الواضح أن ما وصفته بالتراخي والليونة في العلاقات التركية مع مصر لا يخلو من الشروط: في التفاتة رمزية لاستعادة ثقة عبد الفتاح السيسي، طلبت السلطات التركية مؤخرا من محطات التلفزة المصرية المعارضة ومقرها اسطنبول التوقف عن بث محتوى ينتقد الرئيس السيسي.
فقد تؤدي المصالحة بين هاتين الدولتين الثقيلتين في العالم الإسلامي إلى إعادة رسم التوازنات الإقليمية في نهاية المطاف، تقول لوفيغارو، موضحة في الوقت نفسه أن هذا الهدف يبقى بعيد المنال. فحتى يومنا هذا، ما تزال الاتصالات على المستوى الوزاري ويبقى الرئيس التركي عن قصد بعيدا عن المناقشات حتى يتم تحقيق شيء ملموس، لأنه يجب عليه أيضا الحفاظ على قاعدته.
وفقا لجانا جبور، فإن رجب طيب أردوغان سيواجه مشكلة في الصورة التي يجب عليه أن يسوقها داخليا. فهو مطالب أمام ناخبيه المحافظين بتبرير سبب ذوبان الجليد في العلاقات مع عبد الفتاح السيسي؟ وعليه أن يشرح دواعي تخليه عن الإخوان؟.
القدس العربي