الباحثة شذى خليل*
يعد الاستثمار من المقومات الاساسية التي تعتمد عليها الدول المتقدمة في رفع وتطوير اقتصاداتها، لما للاستثمار الاجنبي من فوائد تعود على ميزانية واقتصاد الدول ورفع المستوى الانتاجي والاقتصادي والتقليل من البطالة ومسايرة التطور التكنولوجي.يفتقر العراق الى رأس المال والتكنولوجيا والمهارات لأكثر من عقدين بسبب العقوبات المطولة والحرب والنزاعات التي بدأت منذ 2003 كل تلك العوامل اثرت وبشكل مباشر على قطاع الاستثمار الذي يعد واحدة من الركائز الحيوية والمهمة لبناء اقتصاديات الدول بالأخص لبلد مثل العراقي الغني بالثروة النفطية والبشرية والجغرافية .
هناك حاجة إلى هذه المدخلات الحيوية في قطاع واحد أو جميع قطاعات الاقتصاد مع إعادة بناء الدولة ، وتدرك الحكومة حقيقة أن المستثمرين الأجانب يمكن جلبهم جميعًا. تحرص الحكومة العراقية على تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وفتحت السوق بثبات لجذب الاستثمار الخارجي والمشاريع المشتركة في الإسكان والبنية التحتية والصناعة والتصنيع والزراعة وتجهيز الأغذية والنقل والخدمات المالية والسياحة. لتسهيل الاستثمار ، تم تعديل قانون الاستثمار الوطني رقم 13 (2006) للسماح لغير العراقيين بتملك الأراضي لمشاريع الإسكان ، وكذلك شركات الاستثمار مع الشركات المملوكة للدولة. نفس القانون يعفي الشركات الأجنبية من الضرائب لمدة تصل إلى عشر سنوات ورسوم الاستيراد لمدة ثلاث سنوات،
لكن هنا يشير بعض الاقتصادين والمراقبين انه يجب ان تكون تلك التسهيلات مدروسة ولديها سقف زمني ولا تؤثر على المستثمر العراقي الذي يعمل لصالح البلد ، كما هو معروف أي مستثمر اجنبي ( غير عراقي يبقى هدفه تحقيق ارباح فقط وليس مصلحة البلد سواء في بناء او اعمار او تشغيل اليد العاملة والقضاء على البطالة .
الاقتصاد العراقي يجب ان يتغلب على فترة الركود والشلل شبه التام، وفتح الفرص الاستثمارية سواء كانت استثمارات داخلية ام خارجية، مما يجعل العراق وجهة تجارية واستثمارية مواتية فهو بحاجة الى بناء بنى تحتية جديدة، وتطوير الإسكان وأنظمة الرعاية الصحية والخدمات العامة الأخرى، وتعزيز الموارد البشرية من خلال التدريب على المهارات التي يمكن استخدامها في السوق ، وتعزيز التوسع في قاعدة التصدير ، وتقديم مجموعة واسعة من الفرص للشركات الدولية التي لديها استعداد لاتخاذ تحدي إعادة الإعمار بعد الحرب. يعتقد البعض أن إعادة بناء العراق توفر واحدة من أكبر فرص الاستثمار العالمية منذ عقود ، على الرغم من استمرار الاضطرابات السياسية في خلق بيئة أعمال محفوفة بالمخاطر.
قانون الاستثمار : يذكر ان قانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006؛ شرع بأن توظيف المال في اي نشاط او مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد، الا ان هذا القانون لم يتم تطبيقه لحد الان حيث انه يحتاج الى تشريعات اخرى مصاحبة له ويحتاج الى اجراءات و اصلاحات لوجود بعض المعوقات التي تحول دون تطبيقه من اجل دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها وجلب الخبرات التقنية والعملية وتنمية الموارد البشرية وإيجاد فرص عمل للعراقيين بتشجيع الاستثمارات ودعم عملية تأسيس مشاريع الاستثمار في العراق وتوسيعها وتطويرها على مختلف الأصعدة الاقتصادية ومنح الامتيازات والإعفاءات لهذه المشاريع شرع هذا القانون، وتم تعديل فقرة ، الهيئة الوطنية للاستثمار او هيئة الاقليم او هيئة المحافظة حسب الاحوال بموجب قانون التعديل الثاني لقانون الاستثمار رقم 50 لسنة 2015
ويهدف القانون الى تشجيع الاستثمارات ونقل التقنيات الحديثة للإسهام في عملية تنمية العراق وتطويره وتوسيع قاعدته الإنتاجية والخدمية وتنويعها ، وتشجيع القطاع الخاص العراقي والأجنبي والمختلط للاستثمار في العراق من خلال توفير التسهيلات اللازمة لتأسيس المشاريع الاستثمارية وتعزيز القدرة التنافسية للمشاريع المشمولة بأحكام هذا القانون في الأسواق المحلية والأجنبية.
كما يدعو الى تنمية الموارد البشرية حسب متطلبات السوق ، وحماية حقوق وممتلكات المستثمرين ، وتوسيع الصادرات وتعزيز ميزان المدفوعات والميزان التجاري العراقي، وحث الخطى نحو جذب الاستثمارات وتطوير بيئة الاعمال المحلية الجاذبة والتوأمة مع الدول الاوروبية والاسيوية وجذب الاستثمار لبلدانها و تحديث اقتصادياتها ، وبالتالي فان العراق اليوم بحاجة الى توضيح انموذجه الاقتصادي وسبل تنويع دخله الوطني .
حسب مراقبين واقتصاديين محليين وأجانب الاقتصاد السياسي في العراق يعتمد على المحسوبية والفساد، التي تحاول الحكومة الحالية ان تقضي عليها او حتى تحجيمها ، لذلك هناك الكثير من التحديات التي تواجه الحكومة العراقية في توفير المناخ المناسب لجذب الاستثمار الاجنبي وتوفير المستلزمات المطلوبة والامتيازات المشجعة على استقطاب المستثمرين ، ذلك لأن الاستثمار الاجنبي هو السبيل للنهوض باقتصاد العراق والتخفيف من الازمة المالية التي يمر بها ، فضلاً عن المزايا الاخرى التي يقدمها الاستثمار الاجنبي ومنها نقل التكنولوجيا الحديثة مما يعزز تطوير الانتاج المحلي من السلع والخدمات ، وكذلك فإنه يخلق فرص العمل وتشغيل الايدي العاملة مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة ، وغيرها من المميزات الاخرى التي يقدمها الاستثمار الاجنبي ، لذلك على الدولة العراقية ان تلتفت الى هذا الجانب الاقتصادي للنهوض من هذه الازمة المالية ، خاصة وان العراق يعد من الدول التي تتوفر فيها الموارد الطبيعية بكثرة .
على العراق بناء اقتصاد أكثر تنوعا ومرونة للحد من اعتماده القوي على قطاع النفط والغاز الذي لا یزال یشكل 95 %من إیرادات المیزانیة و99 %من الصادرات ولكن ما لا یتجاوز 1 %من التوظیف. وھناك جدل بأن الدول التي تعتمد على قطاع یطغى عليه التصدیر تتأخر عن ركب التنمیة الاقتصادیة نظرا لإخفاقھا في بناء مؤسسات قویة ” تفرض ضریبة على القطاعات الأخرى، وتراقبھا، وتنظمھا أو تروج لھا”.
وهنا لابد من الإشارة الى أهمية القطاع الخاص ومساهمته في تنمية الاستثمارات
في كل اقتصادات العالم توجد مساحات متفاوتة للقطاع الخاص ابتداء مـن الصناعات المختلفة مروراً بالزراعة والتجارة وانتهاء بصناعة الخدمات، ورغم مساهمة القطاع العام في عملية التنمية الاقتصادية و في مجالات التنمية الاجتماعية إلا أن هذه المساهمة لم تكن بالمستوى المطلوب.
– للقطاع الخاص دور فاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم بلدان العالم المتقدم و النامي على حد سواء بسبب الامكانات الكبيرة التي تؤهله ادارة القطاعات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يشجع المشرعين الاقتصاديين التركيز على القوانين التي من شأنها توفير الارضية المناسبة لإنجاح عملية التنمية.
– تحولت معظم اقتصاديات العالم نحو المزيد من التحرر الاقتصادي والانفتاح في ظل عولمة متزايدة و كيانات اقتصادية شديدة التنافس، من هنا فقد ارتبطت قضايا تسريع وتحفيز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ارتباطا مباشرا ووثيقا بإعادة تقويم دور القطاع العام والخاص في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من اجل تخفيف حدة التدخل الحكومي في توجيه النشاط الاقتصادي و تحفيز دور القطاع الخاص. القطاع الخاص و الحد من البطالة :
– يسهم القطاع الخاص بصفة كبيرة في الحد من البطالة، فبالرغم من أن المشاريع الخاصة في العراق تتميز بصغر حجمها إلا أنها تحتل أهمية كبيرة في تشغيل القوى العاملة على اعتبار كثرة عددها واعتمادها على عنصر العمل في الإنتاج أكثر من رأس المال بسبب انخفاض المستويات التقنية فيها.
ويسعى العراق اليوم بمساعدة القطاع الخاص إلى تقليص العجز المتكرر في ميزانيته العامة، بسبب الأموال الموجهة للقطاعات غير الناجحة.
تحديث الاقتصاد الوطني وفتح المجال أمام القطاع الخاص للنشاطات التي تعجز الدولة عن اكمالها ، ومساهمته في إحلال المنتج المحلي محل المنتجات المستوردة، ودعم المنتج الوطني(شعار صنع في العراق).
وتخفيض نسبة البطالة بفضل مشاركة القطاع الخاص في خلق فرص عمل دائمة.
تحقيق التوازن عن طريق مبادرات القطاع الخاص، وذلك بترغيبه وفق الامتيازات المالية والإعفاءات الضريبية، تحقيق التكامل الاقتصادي بين مختلف القطاعات الوطنية عام أو خاص.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية