تصريحات إيرانية متضاربة تكشف إمساك الحرس الثوري بالملف اليمني

تصريحات إيرانية متضاربة تكشف إمساك الحرس الثوري بالملف اليمني

وقوف إيران في وجه الحلّ السلمي في اليمن وعملها باستمرار على تأجيج الصراع الدامي في البلد يجد تفسيره في تحكّم الحرس الثوري الإيراني المعروف بتشدّده وارتباطه بالمرشد الإيراني الأعلى في الملف اليمني، وهو ما كشف عنه في السابق اختيار الضابط حسن إيرلو لشغل منصب “سفير” لإيران في صنعاء، وأكدته حديثا تصريحات لضابط آخر حول دعم إيران للحوثيين بالسلاح والخبرات العسكرية.

طهران – أحرجت تصريحات قيادي في الحرس الثوري الإيراني بشأن إمداد إيران لجماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن بالسلاح والخبرة العسكرية، حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وكشفت وقوع الملف اليمني بيد الحرس الثوري المعروف بارتباطه المباشر بالمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.

ويمثّل هذا الهيكل المتشعّب والمتغوّل داخل الدولة الإيرانية الشقّ الأكثر تشدّدا في النظام الإيراني، الأمر الذي يفسّر تشدّد المواقف الإيرانية من الملف اليمني ووقوف طهران حجر عثرة في وجه محاولات حلحلة الصراع في اليمن سلميا.

وحاولت الخارجية الإيرانية التملّص من تصريحات أدلى بها مساعد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال رستم قاسمي واعترف خلالها بتقديم إيران مساعدات عسكرية للحوثيين.

وقالت في بيان إنّ تلك التصريحات “تتعارض مع الوقائع ومع سياسات الجمهورية الإسلامية في اليمن”، مضيفة “دعم إيران لليمن هو دعم سياسي والجمهورية الإسلامية تدعم المسار السلمي للأزمة اليمنية وجهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي لهذه الحرب المدمرة”.

ويعتبر إمداد إيران للحوثيين بالسلاح من الحقائق المستقرّة لدى مختلف القوى ذات الصلة بالملف اليمني والموثقة بالوقائع على الأرض سواء تعلق الأمر برصد عمليات تهريب للسلاح الإيراني إلى داخل اليمن وقد تم ضبط بعض الشحنات المهرّبة، أو بنوعية السلاح الموجود بأيدي الحوثيين بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصواريخ التي تستخدم في قصف أهداف داخل الأراضي السعودية.

تحكّم الشق الأكثر تشددا في النظام الإيراني بالملف اليمني يفسر دور إيران في تعطيل مسار السلام في اليمن

وقال تيم ليندركينغ المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن الأربعاء في إحاطته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إن دعم إيران للحوثيين “كبير جدا وفتاك”، مبينا أن ذلك الدعم يتم بطرق عديدة منها تدريب المقاتلين ومساعدتهم على صقل برامجهم للطائرات المسيرة والصواريخ.

كما اعترف بصعوبة وقف حركة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الداخل اليمني قائلا “من الصعب منع السفن التي تحمل أسلحة من إيران إلى الحوثيين”.

وأضاف قوله “للأسف كل هذا يحدث آثارا قوية للغاية حيث نرى المزيد والمزيد من الهجمات على المملكة العربية السعودية وربما دول أخرى، أكثر دقة وأشد فتكا. ولذا فإن هذا مبعث قلق شديد بالنسبة إلينا”.

كما اعتبر المبعوث الأميركي أنّ إيران عنصر تعطيل للحل السلمي في اليمن، قائلا “إنه لا يوجد دليل حقيقي على أن طهران تريد دعم التوصل إلى حل للصراع”، ومضيفا “سنرحب بقيام إيران بدور بنّاء إذا كانوا على استعداد لذلك” مستدركا بالقول “لم نلحظ أي مؤشر على ذلك”.

وجاء اعتراف مسؤول رسمي إيراني بنقل أسلحة إلى الحوثيين ليمثّل حجّة هي الأبلغ ضدّ إيران، وتخشى حكومة روحاني استخدامها ضدّ طهران في المنابر الأممية والدولية.

وكان الجنرال قاسمي المساعد الاقتصادي لقائد فيلق القدس قد كشف في حوار مع قناة تلفزيونية روسية أن الحرس الثوري قدم السلاح لجماعة أنصار الله الحوثية لكنّه حصر ذلك ببداية الحرب اليمنية.

كما اعترف بتدريب إيران الحوثيين على صناعة السلاح قائلا إنّ “عددا قليلا من المستشارين من الحرس الثوري” ما يزالون موجودين في اليمن.

وكثيرا ما يثير سياسيون يمنيون قضية هيمنة إيران على موقف الحوثيين ومنعهم من الانخراط في السلام بهدف الإبقاء على الصراع اليمني عبئا على السعودية الغريمة الأكبر لإيران في المنطقة.

ويعتبر هؤلاء اختيار عنصر من الحرس الثوري ليكون “سفيرا” لإيران لدى الحوثيين دليلا على تحكّم طهران في جميع خيوط المشهد السياسي والعسكري في صنعاء.

وكان الضابط في الحرس الثوري حسن إيرلو قد ظهر فجأة بصنعاء في أكتوبر الماضي حيث لم يُعلَن عن إرساله بشكل مسبق، ليتبيّن لاحقا

أنّه دخل اليمن تهريبا وبوثائق مزوّرة عبر رحلة جوية تحت إشراف أممي باعتبار أنّ الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة التي بإمكانها تسيير بعض الرحلات الاستثنائية باتجاه

العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين نظرا لفرض التحالف العسكري الذي تقوده السعودية حظرا على الطيران فوق مناطق سيطرة الحوثيين.

ويشغل إيرلو حاليا منصب “سفير” لإيران لدى حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليا، لكنّ مصادر يمنية تصفه بأنّ بمثابة “مندوب إيراني سامٍ” في مناطق الحوثيين في إشارة إلى سلطاته الواسعة هناك.

ومعروف عن إيرلو أنّه لم يسبق له العمل في أي منصب دبلوماسي قبل إرساله إلى صنعاء، فيما تشير مصادر سياسية إلى دور بارز لعبه في إدارة العمليات الخارجية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في العراق ولبنان ومن ثم اليمن.

وحسن هو شقيق القائد البارز في الحرس الثوري حسين إيرلو الذي لقي مصرعه في الحرب العراقية – الإيرانية منتصف الثمانينات من القرن الماضي، كما ورد اسمه في تقارير إعلامية في العام 1999 بصفته خبيرا عسكريا وقائدا للتدريبات على الأسلحة المضادة للطائرات ومرشدا دينيا كبيرا في الحرس الثوري.

العرب