فتح سوق السفر الليبية يقدم دعما للخطوط التونسية

فتح سوق السفر الليبية يقدم دعما للخطوط التونسية

اعتبر خبراء أن فتح سوق السفر الليبية أمام رحلات الخطوط التونسية يقدم دعما للشركة المملوكة للدولة هي في أمسّ الحاجة إليه لالتقاط أنفاسها بعد أن عانت منذ 2011 من تراجع غير مسبوق في نشاطها بسبب الأزمات المالية التي جعلتها في موقف لا تحسد عليه.

تونس – استأنفت الخطوط التونسية أولى رحلاتها إلى مطارات ليبيا الاثنين بعد انقطاع استمر لسبع سنوات بسبب تردي الوضع الأمني، في خطوة يرى خبراء أنها بمثابة بصيص أمل للشركة الحكومية المتعثرة لتحصيل إيرادات تساعدها في مواجهة مشاكلها المزمنة.

وقالت الشركة، التي تكبّدت خسائر كبيرة في السنوات الماضية نتيجة سوء الإدارة والأزمات التي تعرضت لها البلاد، في بيان إن “هناك رحلة مبرمجة ظهر اليوم (الاثنين) من مطار قرطاج الدولي باتجاه مطار معيتيقة في طرابلس، على أن تكون رحلة العودة في نفس اليوم عند الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي”.

وكان من المقرر أن يتم استئناف الرحلات الجوية بين تونس وليبيا يوم 27 أبريل الماضي، غير أن تأخر انتهاء ترتيبات عودة عمل الخطوط الجوية بين البلدين، كان وراء التأخير.

وجرى حديث في ديسمبر الماضي عن تسيير رحلات جوية يومية بين البلدين، غير أن تأخير توقيع عقود التأمين المتصلة بتلك الرحلات أجّل عودة رحلات الخطوط التونسية إلى المطارات الليبية.

ولكن هذه العودة تعتبر علامة حقيقية على أن ثمة مؤشرات على وجود إرادة سياسية لإعادة الروح إلى التعاملات التجارية وتعزيز قطاع السياحة، على وجه التحديد، ومن الواضح أن الأمر انتقل إلى مرحلة التطبيق على أرض الواقع.

وكانت أولوية استئناف الرحلات الجوية بين البلدين، أحد محاور المحادثات في زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى ليبيا في منتصف مارس الماضي.

وقد اتفق البلدان حينها على تنشيط التعامل التجاري بينهما ورفع المبادلات التجارية من خلال عودة الرحلات الجوية لنقل المسافرين أو السلع.

ويقول خبراء إن عودة رحلات الخطوط التونسية، الغارقة في الديون منذ 2011 إلى الوجهات الليبية، ستكون مفتاح تعزيز العلاقات الاقتصادية مجددا بعد أن علقت الشركة رحلاتها إلى ليبيا عقب تصاعد المعارك في 2014 بين سلطتين في الشرق والغرب قبل أن يصل الفرقاء إلى تسوية برعاية إقليمية ودولية لإنهاء الأزمة.

ويراهن الجاران على انتعاش القطاع السياحي مع الإعلان عن خطط استئناف رحلات الخطوط التونسية للوجهة الليبية، إذ تكابد الشركة التونسية من أجل تعزيز عوائدها المالية التي تراجعت بشكل غير مسبوق جراء سوء الإدارة وتقلص سوق السفر بسبب الأزمة الصحية العالمية.

ووفق إحصاءات رسمية، كان يتوافد على تونس سنويا قبل الاضطرابات في 2011 أكثر من نحو 1.5 مليون ليبي للسياحة أو العلاج، وقد تراجعت أعدادهم في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، كما أن التونسيين كانوا يتوافدون على ليبيا للعمل هناك قبل توقفهم عن السفر إليها نظرا إلى الوضع الأمني المتوتر.

في المئة حجم استئثار الوجهة الليبية من نشاط الشركة قبل 2011، وفق وزارة النقل

وفي حين أكدت الشركة التونسية أنها ستنظم رحلة واحدة يوميا ذهابا وإيابا بين مطاري قرطاج ومعيتيقة، ذكرت إدارة مطار بنينا في بنغازي أن الرحلات الأسبوعية بين مطار قرطاج والمدينة الليبية الواقعة في الشرق ستعود بمعدل ثلاث رحلات أسبوعيا.

وتؤكد وزارة النقل واللوجستيك التونسية أن خط الطيران الرابط بين تونس وجارتها ليبيا يُعد أكثر الخطوط الربحية للناقلة الجوية التونسية، إذ كان يستأثر بنسبة 20 في المئة من نشاطها قبل انتفاضة 2011.

وتظهر البيانات الرسمية أن الخطوط التونسية كانت تسيّر سبع رحلات يومية في اتجاه مطارات معيتيقة وبنغازي ومصراتة وسبها.

وتشير مصادر في البلدين إلى أن الجارين يخططان لرفع عدد الرحلات بينهما بشكل تصاعدي في الفترة المقبلة، ما يعني أن هناك هامشا لأن تبتعد الخطوط التونسية ولو بشكل ضئيل عن الخطوط الحمراء التي اقتربت منها بسبب مشاكلها المزمنة.

وتزايدت في السنوات الماضية المؤشرات على عجز الخطط الحكومية عن إنقاذ الخطوط التونسية الغارقة في الديون نتيجة بطء الإصلاحات وتفاقم موجة الإضرابات وكثرة الشكاوى من تدني مستوى خدماتها، ولم تتمكن حتى من استغلال المواسم السياحية التي سبقت تفشي الجائحة.

ويعتقد الكثير من الخبراء أن أزمة الشركة تكمن في السوق المحلية وليس المنافسة، خاصة وأن عددا من شركات الطيران الكبرى أوقفت رحلاتها إلى تونس منذ الهجمات الإرهابية في عام 2015 قبل أن تعود بعد نحو عامين تقريبا، ما يعني استحواذ الخطوط التونسية على تلك الحصة.

وإلى جانب ذلك، يراهن البلدان على مجموعة أخرى من الشراكات مثل تطوير قطاع الصحة والدخول في شراكات جديدة بين المستثمرين التونسيين والليبيين لتنفيذ مشاريع البناء والتشييد الكبرى بليبيا باعتبارها إحدى خطوات تعزيز العلاقات.

وتعد ليبيا الشريك الاقتصادي رقم واحد لتونس في المغرب العربي، وهي تحتل المركز الخامس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وذلك استنادا إلى تقارير البنك الدولي، فالسوق الليبية تستوعب قرابة 70 في المئة من حجم الصادرات التونسية سنويا.

العرب