أشارت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها، إلى أن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن تحدث عن امتحانه لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، مضيفة أن مجال هذا الامتحان هو سوريا.
وكان بايدن قد قال عقب لقائه الأسبوع الماضي مع نظيره الروسي في جنيف: “سنكتشف في غضون ستة أشهر أو عام إن حصلنا في الحقيقة على حوار استراتيجي ذي أهمية”.
وتعلق الصحيفة أن الجواب على هذا قد لا ينتظر طويلا وربما جاء سريعا، فمن بين الموضوعات التي طرحها الرئيس بايدن مع بوتين كانت سوريا وبالتحديد السماح للأمم المتحدة استخدام ممر إنساني يوفر الدعم لـ2.8 مليون نسمة معظمهم من الأطفال والنساء، وينقل عبره الطعام والدواء واللقاحات. فقد ألمحت روسيا أنها قد تستخدم الفيتو على قرار لمجلس الأمن يسمح باستمرار العمليات الإنسانية عبر هذا الممر الوحيد بعد 10 تموز/يوليو بشكل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.
فلو كان بوتين مهتما بالتعاون مع بايدن، فإن أسهل أمر يقوم بعمله هو تخفيف موقفه، لكنه لم يفعل حتى الآن. فالحفاظ على عمليات نقل المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى بين تركيا وشمال- غرب سوريا، والسماح لألف شاحنة تمر عبره شهريا هو قرار سهل لمجلس الأمن. ولكن المسؤولين الأمريكيين وممثلين عن منظمات الإغاثة أخبروا مجلس الأمن يوم الأربعاء أنه بدون هذا المعبر، سيخسر 1.4 مليون شخص نزح معظمهم من مناطق أخرى من سوريا حزم الطعام التي يعتمدون عليها للحياة. وسيتوقف برنامج تطعيم السكان ضد كوفيد- 19 في وقت تزيد حالات الإصابة بالفيروس في المنطقة. ونتيجة التعنت الروسي، هي وباء لا يمكن احتواؤه وانتشارٌ محتمل للأمراض الأخرى ومجاعة جديدة ممكنة.
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام المجلس محذرا من “التداعيات المدمرة” لو أغلق المعبر الحدودي، ويوافق معظم أعضاء المجلس بقوة معه. ولكن ليس روسيا التي تريد إغلاق المعبر الحدود بحيث تسمح لحليفها النظام في دمشق الغارقة يداه بالدماء بتجويع المناطق التي لا يسيطر عليها في سوريا حتى تستسلم له. وتضم هذه منطقة إدلب في شمال- غرب سوريا التي تسيطر عليها الجماعات المعارضة بمن فيها حركة مرتبطة بالقاعدة، وكذا منطقة شمال- شرق سوريا الذي يسيطر عليه الأكراد. وفي العام الماضي، فرضت روسيا إغلاق ثلاث معابر للمساعدات الإنسانية إلى سوريا. وطلبت موسكو من الأمم المتحدة نقل المواد الإغاثية إلى حكومة النظام السوري وبتنسيق معها. لكن النظام استخدم الطعام كسلاح كما أظهر في السابق. فقد منع وصول المواد الإنسانية للمناطق التي كانت تحت سيطرة المقاتلين حول دمشق مما أوصل سكانها لحافة المجاعة.
وبعدما رفضت روسيا المصادقة على استمرار عمل معبر إنساني في شمال- شرق سوريا العام الماضي، قيّد النظام مهام المساعدات بشكل أدى لزيادة الاحتياجات الإنسانية بنسبة 38%. وفي حالة إدلب، لا توجد هناك خطة بديلة. وتحدثت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس- غرينفيلد أمام مجلس الأمن الدولي قائلة: “بدون منفذ حدودي سيموت الكثير من الناس. نعرف هذا، ويعرفه عمال الخطوط الأمامية بالأمم المتحدة والمنظمات غير الإنسانية ويعرفه الأسد”.
ومع ذلك لم يرف جفن لسفير روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، وزعم أن المعبر الحدودي يستخدم لصالح الإرهابيين في إدلب، وأن نقل المساعدات للمناطق التي يسيطر عليها الأسد هي الطريقة الشرعية الوحيدة لتوزيع الدعم الإنساني.
ولو استمرت روسيا على موقفها خلال الأسبوعين المقبلين، فسيكون بايدن قد حصل على الجواب.
القدس العربي